بنفسج

لماذا تعد الخمس سنوات الأولى من حياة الطفل مهمة؟

الأربعاء 13 يوليو

منذ لحظة الولادة الأولى يلّتف الأب والأم حول طفلهم، ومن معهم، من أفراد الأسرة والمحبين، يبدأون بالتحدث مع الطفل و"المناغاة"، ويظل الحال هكذا  لأسابيع حتى يمنحهم ولي العهد ابتسامة واحدة، لتبدأ المراهنات: بماذا سينطق أولًا ماما أو بابا؟ ليصدمهم هو الآخر بقوله "تاتا" التي تهم بإحضار هدية له حسب العادة في بعض المجتمعات، ولا نغفل عن أول خطوة وأول قبلة وحضن، وهكذا حتى يكبر الطفل من كلمات صغيرة إلى جمل أطول، ومن خطوة إلى لعب ومشاكسة مزيلًا عن كاهل والديه مخاوفهم في أن يكون متأخرًا عن جيله، أو أن يعاني من أي مشاكل في الإدراك والتفاعل مع الآخرين. ولكن كيف تتطور عقلية الطفل هكذا؟ هل هو أمر تلقائي وعادي، أم أن هذا الأمر تحده شروط ومراحل معينة؟ 

| لماذا تعد السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل مهمة جدًا؟

 
يتطور دماغ الطفل في السنوات الخمس الأولى بشكل أسرع من أي مرحلة أخرى من مراحل حياته؛ فإذا قضيت وقتًا مع الأطفال، فلا بدّ أنك لاحظت أنهم يتعلمون بشكل سريع وملفت. الكثيرون يقولون إن دماغ الطفل مثل الإسفنج؛ يمتص كميات هائلة من المفردات والمعلومات والمهارات، مما يخلق ملايين الشبكات العصبية في أدمغتهم.
 
إن المراحل التطورية لدى الطفل والمقصود بها الطريقة التي يتجاوب ويتفاعل من خلالها الطفل مع محيطة متمثلة بالطريقة التي يلعب ويتعلم ويتحدث ويتفاعل ويتحرك بها، حاملة في طياتها دلالات ومؤشرات كدليل عملي لنموه بشكل مثالي.  فقد يساعد تتبع هذه المراحل في اكتشاف أي تحديات مستقبلية، وتقليل عقبات التنمية لدى الأطفال.

 

يتطور دماغ الطفل في السنوات الخمس الأولى بشكل أسرع من أي مرحلة أخرى من مراحل حياته؛ فإذا قضيت وقتًا مع الأطفال، فلا بدّ أنك لاحظت أنهم يتعلمون بشكل سريع وملفت. الكثيرون يقولون إن دماغ الطفل مثل الإسفنج؛ يمتص كميات هائلة من المفردات والمعلومات والمهارات، مما يخلق ملايين الشبكات العصبية في أدمغتهم. إن  تتبع المراحل التطورية لدى الطفل يساعد   في اكتشاف أي تحديات أو مشكلات أو أمراض قد يصاب بها الطفل مستقبلًا، وتدارك أي مشكلة تظهر في بداياتها يساعد بشكل كبير في علاجها أو الحد من تفاقمها في أسوأ الحالات. 

 والمقصود  بالمراحل التطورية هنا هي الطريقة التي يتجاوب ويتفاعل من خلالها الطفل مع محيطه، متمثلة بالطريقة التي يلعب ويتعلم ويتحدث ويتفاعل ويتحرك بها، حاملة في طياتها دلالات ومؤشرات كدليل عملي لنموه بشكل مثالي (1). وبُلورت مراحل تطور الطفل بناءً على نظرية تطور الطفل؛ وهي علم يشير إلى التغيرات البيولوجية والنفسية والعاطفية التي تحدث في بني البشر منذ الولادة وحتى نهاية مرحلة المراهقة، كما  وتدرس الأفراد بدءًا من كونه طفل معتمد على أمه إلى كونه فرد مستقل يعتمد بشكل كامل على نفسه.


اقرأ أيضًا:  طفلي تكلّم باكرًا .. ما السبب؟


والطبع هذه التغيرات محكومة بشكل كبير بالجينات الوراثية والظروف المحيطة بالطفل قبل ولادته مشتملة على الظروف الصحية والنفسية التي تمر بها الأم، وما تتعرض له من أحداث مادية أو نفسية أثناء الحمل، وإضافة إلى ذلك، محكومة بالظروف المحيطة بالطفل بعد ولادته.  وكل هذا يندرج تحت ما يُسمى بعلم النفس التنموي الذي قسم نمو الطفل النفسي والاجتماعي والإدراكي إلى مراحل متفرقة حسب العمر تبدأ من صفر وحتى سن المراهقة.

| دلائل النمو السليم للطفل

inbound5981980690289193369.webp
إن تعلّم الطفل اللغة والتواصل مع الآخرين يعزز لديه الوعي الاجتماعي والعاطفي خلال سنوات ما قبل المدرسة

يشير تطور الطفل إلى التغيرات الجسدية واللغوية والمعرفية والعاطفية التي تحدث له من وقت ولادته حتى سن البلوغ، وجميع هذه التغيرات متشابكة ومترابطة، وتشمل ما يلي: النمو الاجتماعي والعاطفي، اللغة والاتصال، الحركة والنمو البدني، والنمو المعرفي (التعلم والتفكير وحل المشكلات).

كل هذه الجوانب المترابطة مع بعضها ضرورية لتنمية ونمو الطفل بشكل صحي. على سبيل المثال، إن تعلّم الطفل اللغة والتواصل مع الآخرين يعزز لديه الوعي الاجتماعي والعاطفي خلال سنوات ما قبل المدرسة. كما أن التطور البدني للأطفال الصغار، من خلال الحركة، يسمح لهم بالاكتشافات المعرفية وتوسيع مهاراتهم في حل المشكلات. فعندما نفهم التطور بالكامل، سنرى أن تعليم الأطفال يتجاوز الحروف والأرقام.

بقدر ما هو مهم إنشاء محيط غني باللغة للطفل باستخدام الألوان والأشكال والأرقام، فمن المهم أيضًا بناء مفردات عاطفية للطفل، تتضمن العديد من المشاعر الإنسانية، وتعزز الذكاء العاطفي للطفل ومهاراته الشخصية في سنوات ما قبل المدرسة.

| عوامل تساعد في نمو دماغ الطفل بشكل سليم

 
يجب على الأمهات أن يضعن روتينًا يوميًا لأطفالهن خلال طفولتهم المبكرة، فهو يجعلهم منظمين ويمنحهم الشعور بالراحة والأمان. مثلًا إن تنظيم أوقات الطعام والنوم للطفل، (متى يذهب إلى الفراش، ومتى وماذا يأكل، ووضع جدول محدد للنوم) يُعد أمرًا ضروريًا لنمو الطفل بشكل صحي.
 
كما يجب على الوالدين ضبط أطفالهم على أسلوب حياة صحي، وتعويدهم عليه. لذا، فالسنوات الخمس الأولى من حياة الطفل حاسمة جدًا، يتم فيها تحديد أسس التعلم والصحة والسلوك. 

| أولًا: التنشئة والرعاية: يمكن للوالدين والعاملين في دور الرعاية (الحضانة) وحتى الأساتذة والمعلمين فيما بعد، رعاية ودعم الأطفال من خلال التحدث إليهم واللعب معهم؛ إذ تعتبر رعاية الطفل من خلال فهم احتياجاته والعناية به بمثابة شبكة أمان وحماية له من المشاكل النفسية والجسدية والإدراكية، فحين يحظى الطفل بالعناية الجسدية والنفسية اللازمة، ويشعر بالحب والاهتمام المطلوبين من محيطة، يساعده ذلك على التطور، ذهنيًا وإدراكيًا، بشكل سليم، وتجعله في حالة نفسية مستقرة  على المدى القريب والبعيد.

ويكون قادرًا في ظل هذه العناية على حل المشاكل ومساعدة الآخرين والوصول للاستقرار اللازم، كما أن كل من سبق ذكرهم، إضافة إلى الأطفال المحيطين بالطفل يمثلون العلاقات الأساسية له التي يتعلم بها ومن خلالها. لذلك من المهم أن تكون علاقته بالآخرين ودّية وآمنة لتساعده على التقرب من ذويه أولًا، وبناء جسور ثابتة مع مجتمعه المحيط يومًا بعد يوم.

inbound3878740864683034032.png

| وضع أسس ثابتة وسليمة: يجب على الأمهات أن يضعن روتينًا يوميًا لأطفالهن خلال طفولتهم المبكرة، فهو يجعلهم منظمين ويمنحهم الشعور بالراحة والأمان. مثلًا؛ إن تنظيم أوقات الطعام والنوم للطفل، (متى يذهب إلى الفراش، ومتى وماذا يأكل، ووضع جدول محدد للنوم) يُعد أمرًا ضروريًا لنمو الطفل بشكل صحي. كما يجب على الوالدين ضبط أطفالهم على أسلوب حياة صحي، وتعويدهم عليه. لذا، فالسنوات الخمس الأولى من حياة الطفل حاسمة جدًا، يتم فيها تحديد أسس التعلم والصحة والسلوك. 

| اللعب ونمو الطفل:  يتعلم الأطفال في السنوات الأولى، ويتطورون بشكل أساسي من خلال اللعب. ولا يقتصر الأمر على اللعب من أجل المتعة والمرح للأطفال فحسب، بل يُسمح لهم أيضًا باستكشاف المشكلات وملاحظتها وتجربتها وحلها. فمن خلال أوقات اللعب، يكتسب الأطفال مهارات حياتية أساسية، ويندمجون مع أطفالٍ آخرين، وتتعزز لديهم مهارة التواصل، والتفكير، وحل المشكلات، والحركة.

 يزدهر الأطفال في البيئات التي تُتاح لهم فيها فرص اللعب والاستكشاف؛ فقد يشمل اللعب جميع حواس الطفل (البصر والسمع والشم)، ومن خلاله يطورون مهارات التحليل والإبداع. كما أن لعب الأطفال مع ذويهم، يمنحهم شعورًا بتقدير الذات والثقة.

inbound3161953836182859117.webp
من المهم على  الآباء دمج أطفالهم في نشاطات عديدة لتكسبهم مهارات جديدة

|  تجارب الطفولة المبكرة: لو سألنا أنفسنا في هذه المحطة سؤال: كيف يمكن للآباء والمعلمين دعم تعلم الأطفال والنمو الصحي؟ يولد الرضّع على استعداد تام للتعلم، وبالتالي، يجب أن يحاطوا بالكثير من الأنشطة التي تسمح لهم باللعب والتعلم والتنفيذ والاستفادة مما تعلموه، كما يتمتع الأطفال بمهارات عديدة للتعلم على مدى سنوات كثيرة. فهم يعتمدون على الآباء وأفراد الأسرة العاملين في دور الرعاية (الحضانة) والمعلمين لصقل المهارات المناسبة لهم، ليصبحوا مستقلين وناجحين في حياتهم.


اقرأ أيضًا: " ابني لا يجيد القراءة والكتابة ": أين الخلل وما الحل؟


إن كيفية تطور الدماغ لدى الطفل تتأثر بشدة بتجاربه مع الآخرين والعالم حوله. إضافة إلى ذلك، فإن تقريب الأطفال للكتب والقصص والأغاني، يساعدهم في تطوير لغتهم (الكلام والفهم)، ويسهل تعلمهم في المدرسة، ويهيئهم للنجاح. وعندما يتعلم الطفل المهارات البدنية والجسدية، فإنه في نفس الوقت يستطيع تطوير كلامه ويتعلم الإشارات الاجتماعية والتعبيرات العاطفية. إن هذه الأسباب كلها تجعل من التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة بالغة الأهمية.

| بيئة آمنة: يجب أن يحيط الطفل بيئة آمنة  لتساعده على التعلم بشكل سليم، والمقصود بالبيئة الآمنة تلك التي تقيه من المخاطر الجسدية والحوادث؛ فالطفل يبدأ بالتعرف على الأشياء وفهمها أولًا عبر وضعها بفمه، لذلك يجب أن لا تعرضه للآذى، وثانيًا  الأمن النفسي للطفل مهم جدًا، فلا يحيطه توتر ولا وقلق أو تهديد وذم وانتقاد وتوبيخ، فذلك يؤثر على ثقته بنفسه، مما يعيق بدوره عملية التعلم بشكل سليم لخوفه المستمر من بعض ردات الفعل.


| المراجع

https://www.cdc.gov/ncbddd/actearly/pdf/other-lang/Checklist-with-Parent-Tips_Arabic-P.pdf

https://www.unicef.org/media/96006/file/3-CCD-Participant-Manual-ar.pdf