يُقال، جنة المرء داره، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : "مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ: الْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ". هو المكان الذي تكبر فيه الذكريات، ويتربى فيه الأبناء والأحفاد، مكان الراحة عند التعب، وتفريغ الحزن عند الكرب والفرح عند السعادة والنجاح، كل زاوية فيه بعد حين ستكون شاهدًا على ذكرى يحفظها العقل والمكان سويًا.
إذا ما قررت أحدهن أن تشتري منزلًا، فإنها تستغرق وقتًا طويلًا لما ذكرناه سابقًا من قيمة البيت المادية والمعنوية على زوجها ونفسها وأسرتها، والتأني واجب هنا، ولا يجدر التعجل فيه أبدًا، حتى يكون بيت العمر كما نتمنى جميعنا دائمًا.
إذا كنت تفكرين في شراء منزل، يمكن أن تساعدك هذه القائمة في بدء البحث بشكل صحيح. وعلى الرغم من أهمية الشكل والمظهر بالنسبة للمنزل، مثل الاطلالة والشكل العام والألوان والديكور والمساحة، إلا أن هناك عوامل أخرى يجب التفكير فيها قبل الشراء، إليك أبرز ما يجب أن تهتمين به عند شراء المنزل.
| الموقع
يقولون إن أهم ثلاثة أشياء يجب التفكير فيها عند شراء منزل العمر هي الموقع ثم الموقع ثم الموقع. يمكنك تغيير كل شيء آخر تقريبًا، لكن لا يمكنك تغيير موقع منزلك. لذلك عندما تذهب للبحث عن منزل، ضعي في اعتبارك القرب من عملك حتى لا تضطرين لقطع مسافات طويلة في كل صباح، فهذا يستغرق الوقت والجهد والمال أيضًا، كذلك أن يكون قريبًا من المدارس في حال كان لديك أطفال أو سيكون لديك، المستشفيات والصيدليات للظروف الصحية الطارئة، أن يكون قريبًا وأن يمكن الوصول منه إلى وسائل النقل العامة ومركز المدينة بسهولة ويسر.
| هيكلية المنزل
قد يغري البعض أن يكون المنزل على قمة عالية أو هضبة مطلة، ولكنه بعيد أو صعب الوصول إليه، قد يعجب البعض أن يكون المنزل في الطوابق الأخيرة في حال كان داخل بناية ويحظى أيضًا بإطلالة جميلة، ولكن يغيب عن الذهن أحيانًا أن الكثير من السلالم التي يحتاج لاستخدامها كل مرة يريد الصعود لمنزله، لذلك يجب الانتباه أيضًا إلى موقع البيت من ناحية البناء والهيكيلة، فإن كان في مبنى لا بد من توفر مصعد، حتى وإن كان الشخص يتمتع بالقوة الجسدية؛ فقد يمر بظروف صحية أو يحظى بزوار لا يستطيعون صعود الدرج. إضافة إلى ذلك يهتم كثيرون، وخصوصًا في مجتمعاتنا العربية المحافظة، أن يكون البيت مستورًا وغير مكشوف، لذلك يجب الانتباه إذا ما كانت نوافذ الجيران مطلة بشكل مباشر على المنزل، وكذلك الحال مع فناء المنزل في حال كان مستقلًا.
| الجيران
"الجار قبل الدار.. وجاور السعيد تسعد.. اللي يجاور الحداد ينكوى بناره..". من أهم ما يجب الاهتمام به عند شراء منزل، الحي الذي ستقطن فيه، والجيران المجاورين للبيت، فبعض الجيران قد يكون سببًا في هجرك للمنزل، وإن كان بالشكل والمواصفات الهيكلية والتصميم الذي لطالما تمنيتيها، فقد يكون لديك جيران يفتعلون المشاكل باستمرار ومصدر ازعاج مستمر، أو سببًا في اتساخ محيط منزلك، والأسوأ أن يكونوا سببًا في انعدام الشعور بالأمن والاطمئنان على المنزل والأطفال.
| التشطيب والصيانة
قالت لي صديقة مرة: "وجدت بيتًا جميلًا جدًا كما أريد تمامًا؛ الحي والبناء والخدمات، وكل شيء، وكان أشبه بالجديد- سكنه أحدهم لفترة قصيرة فقط-، ولكن عندما عشتٌ فيه وجدت مشاكل في التمديدات الصحية، لم تكن لتظهر إلا بعد الاستخدام مما دفعني لتركه.
الصيانة أمر ليس صعبًا دائمًا، وليس سهلًا دائمًا أيضًا، قد يكون البيت لا يحتوي أي مشاكل في التمديدات أو البناء، قد يكون جديدًا، ولكن قد يحتاج لبعض الإضافات والصيانة، بعضها يحتمل، والآخر لا يُحتمل، مثل إضافة حراسة على الشابيك أو تعديل فناء المنزل أو أن طبيعة تشطيبات المنزل غير سليمة مئة بالمئة، فتحتاج دهن المنزل سنويًا أو مرتين بالسنة، لأن الرطوبة تفتك به، أو أن البلاط قديم ويظل بحاجة للتنظيف، كذلك الأمر فيما يتعلق بتمديدات الماء والكهرباء، الغاز والتدفئة، لذلك يجب التأكد من تشطيب المنزل تم بالشكل المطلوب، وأن البنية التحتية للمنزل بحالة جيدة، وأن الصيانة ممكنة على المدى القصير والطويل.
| حجم المنزل
دائمًا ما يكون البيت الكبير ذو الغرف الواسعة والكثيرة، حلمًا للجميع، ولكن قد يتحول الحلم الجميل لكابوس، فالغرف الكثيرة تعني أثاثًا أكثر، صيانة أكثر، مصاريف أكثر وفواتير أكثر وأكثر، لذلك كوني واقعية عند اختيار المنزل، ليتناسب الحجم مع القدرة المادية والجسدية لك ولزوجك وأسرتك، وتذكري أن مهام التنظيف والترتيب تقع على عاتقك، كوني واقعية، وقرري وفقًا لحجم عائلتك، وظروفكم المادية، ولا يدفعك الحماس الأول لأن تكلفي نفسك وأسرتك أقساطًا وديونًا ربما لن تدركي ثقلها إلا بعد فوات الأوان.
| تقسيم المنزل
تحدثنا في النقطة السابقة عن حجم المنزل، وضرورة اختياره بواقعية،ومن الأمور المرتبطة بحجم المنزل هو التقسيم الداخلي للغرف، فأحيانا قد يكون البيت كبيرًا، ولكن الغرفة الداخلية له مقسمة بطريقة خاطئة، فتبدو ضيقة على حساب الممرات، أو تكون الغرف كثيرة ولكنها صغيرة.
من جانب آخر قد تكون الغرف موزعة بشكل غير مريح لأهل البيت، كأن تكون غرفة استقبال الضيوف مفتوحة على غرفة المعيشة. أو أن المنزل يأتي بشكل طولي، فتنفذ بعض الغرف على أخرى. لذلك يجدر الانتباه إلى التقسيم الداخلي والاستغلال الصحيح للمساحات وليس المساحة وعدد الغرف وحسب.
| غرف النوم والحمامات
إذا كنتم أسرة تتكون من بنات ذكور وإناث، عليك الانتباه لعدد غرف النوم لتكون كافية، حتى وإن كانوا أطفالًا، سيحتاجون فيما بعد أن يحصلوا على غرف مستقلة، أو على الأقل غير مكتظة، في حال كان لديك عدد كبير من الأبناء والبنات ستحتاجين أن تجعلي كل اثنين في غرفة مثلًا، وأيضًا عليك أن تتأكدي من عدد الحمامات، لأن حمامًا واحدًا وأحيانًا اثنين لن يكون كافيًا خصوصًا مع وجود الضيوف.
وبالحديث عن الضيوف في مجتمعنا، تكثر الزيارات، خصوصًا في فصل الصيف التي يصحبها مبيت أحيانًا مع قدوم المغتربين، فإذا كنتِ صاحبة بيت يتردد إليه ضيوف مع مبيت مرات متعددة، ليكن المنزل مجهزًا بغرفة وحمام بالشكل الذي يلبي هذا الغرض.
| المطبخ
يعتبر المطبخ قلب المنزل، إذ تقضي فيه ربات المنزل معظم وقتهن، خصوصًا إن لم يكن عاملات، وليس في للطبخ وحسب، بل لإجراء المكالمات الهاتفية الطويلة أحيانًا، وترتيب المهمات وغيرها، خصوصًا إذا كان المطبخ يحتوي على تلفاز أو طقم من الكنب وطاولة الطعام، ليس هذا وحسب، بل أن معظم المطابخ باتت على النظام الأمريكي في الآونة الأخيرة، أي مفتوحة على غرفة المعيشة، لذلك يجب الاهتمام بمساحة المطبخ وتهويته، وكذلك وجود إمدادات صحية وكهربائية تفي بالغرض، وتصاميم هيكلية من الرخام ورفوف التخزين وأماكن لترتيب الأجهزة الكهربائية بما يتناسب مع احتياجات العائلة وربة المنزل خصوصًا.
| مساحة ومتنفس
جدران المنزل دفء العائلة وسترها وملجؤها، ولكن نحتاج في بعض الأحيان أن يكون لها متنفس يفضي للفضاء تخرج له لاحتساء فنجان قهوتك المفضلة مثلًا، أو استنشاق الهواء، أو جلسة مسائية مع الأصدقاء أو العائلة بيعدًا عن الجدران والحوائط الاسمنتية كذلك تحتاج ربات البيوت دومًا مكانًا مفتوحًا لنشر الغسيل وتهوية بعض القطع، مثل الأغطية والسجاد. وهنا تكمن أهمية وجود فناء منزلي أو بلكونة في حال كان المنزل غير مستقل وداخل بناية.
| غرفة التخزين
قديمًا كان هناك ما يسمى بالسدة، وهي غرفة صغيرة تقع فوق إحدى الغرف في المنزل، تلك المنزوية بالتحديد، يتصل بها درج صغير أو سلم، وارتفاعها لا يتجاوز المتر ونصف المتر، وكذلك العرض والطول، تخزن فيها النسوة كل شيء لم يأت موعد استخدامه بعد؛ من مواد تموينية أو ملابس وأغطية، وكذلك قد تجد فيه أجهزة كهربائية صغيرة وأدوات صيانة.
اقرأ أيضًا: بميزانية محدودة: بيتك بحلّة جديدة
هذه الغرفة كانت مهمة جدًا في السابق، ولكنها لم تعد موجودة في الأبنية الحديثة، ولكن هناك ما هو أفضل منها وهي غرفة التخزين، غرفة تشبه في شكلها غرف المنزل، ولكنها تكون أصغر حجمًا عادة ما تكون قريبة من المطبخ، أو جزءًا منه مزودة برفوف لترتيب ما يخزن بداخلها. هذه الغرفة الصغير مهمة للغاية في ترتيب الكثير من أغراض المنزل وعدم بعثرتها وتوفير المساحة، فكل شيء في المنزل العربي له موسم الملابس بين صيفية وشتوية والأغطية التي تكون كثيرة حتى تكفي للزوار أيضًا المواد التموينية، مثل الزيتون والزعتر والمريمية والملوخية وغيرها الكثير.
| النوافذ والإضاءة
يُقال أينما ذهبت الشمس لن تجد الطبيب، فالشمس دفئ في الشتاء، ومعقم طبيعي للجراثيم والميكروبات، وضوؤها أفضل من الإنارة الطبيعية بمراحل، لذلك احرصي على أن تكون نوافذ المنزل بالحجم والاتجاه الذي يسمح بدخول الشمس إلى المنزل بما يحافظ على أجواء صحية فيه. أما عن الإضاءة الصناعية، فيمكن إضافتها بعد شراء المنزل في حال لم تكن مناسبة للعين ولطبيعة الغرفة، ولكن على الأقل احرصوا أن تكون التمديدات الكهربائية كافية لخلق شبكة إنارة مناسبة.
| اللمسات الأخيرة
في بعض الأحيان، يبدو المنزل مذهلاً بفضل التفاصيل، مثل الزخرفة والأجهزة والتشطيبات النهاية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون التحديثات التقنية، مثل تمديدات التدفئة والتكييف أو نظام أمان المنزل بمثابة عامل جذب كبير. إذا كانت مثل هذه العناصر مهمة بالنسبة لك، فابحث عنها أثناء البحث عن منزل أو كن مستعدًا لإضافتها بعد الانتقال.
