بنفسج

ما بعد "كورونا": أبناؤنا على طريق التعافي الدراسي

الخميس 29 سبتمبر

ظهر الخبر، واختبأ البشر، منع السفر، وطبقت سياسات صارمة لمنع الاختلاط وانتقال العدوى، أعداد المصابين، الحجر، الوفيات، الصلاة في بيوتكم، الأفراح التي لم تقم، والجنائز التي لم يكن فيها سوى بضعة أشخاص، تحديد ساعات التسوق، وأعداد المجتمعين في الأماكن المغلقة، التعليم الإلكتروني، وإغلاق المدارس، الاكتفاء بالمناهج الأساسية واختصارها، مراكز الفحص، التطعيم، السياسات العالمية، نظرية المؤامرة، إغلاق المصانع، منع الطيران، كل العالم تحت دائرة الخطر، ربما انتهى كل شيء ولم نعد نتحدث المزيد حول هذا الوباء الذي مرّ مرورًا غير مرحبٍ به، ولكن في واقع الأمر، لا زالت آثاره تسيطر على الكثير من جوانب حياتنا، بل إن الكثيرين تغيرت حياتهم خلال هذا الوباء إلى الأبد، ولعل الكثير من الأمهات أدركن: المستوى الدراسي للأبناء ليس على ما يرام، ولا بد من بعض الجهود للاستدراك.

| طرق للتعافي من الضعف الدراسي بعد "كورونا"

بصفتي أمًا لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، ومع التغيرات والظروف التي صاحبت ظهور الوباء، وما تبع ذلك من إجراءات احترازية، فقد واجهت العديد من العقبات والصعوبات في وضع أبنائي على الطريق الصحيح في تعلم الأساسيات، كالقراءة والكتابة ومهارات الحساب والحفظ وربط المعلومات،  قد تحوّل المنزل إلى مدرسة لعدة ساعات صباحًا، ثم كان القيام بالأعمال المنزلية، ثم الانتقال إلى مكان عملي في الصيدلية مساءً، وهي من المؤسسات القليلة التي بقيت على رأس عملها بالكامل طوال فترة الوباء، ومع عودة المياه إلى مجاريها، كان لا بد من تقييم للمرحلة السابقة.

وبصفتي أمًا لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، ومع التغيرات والظروف التي صاحبت ظهور الوباء، وما تبع ذلك من إجراءات احترازية، فقد واجهت العديد من العقبات والصعوبات في وضع أبنائي على الطريق الصحيح في تعلم الأساسيات، كالقراءة والكتابة ومهارات الحساب والحفظ وربط المعلومات، فأحسنت في بعض المواضع وأخفقت في الكثير منها، إذ أن المهمات في بعض الأحيان كانت تفوق قدرتي على المتابعة.

قد تحوّل المنزل إلى مدرسة لعدة ساعات صباحًا، ثم كان علي الإعداد للغداء والقيام بالأعمال المنزلية، ثم الانتقال إلى مكان عملي في الصيدلية مساءً، وهي من المؤسسات القليلة التي بقيت على رأس عملها بالكامل طوال فترة الوباء، ومع عودة المياه إلى مجاريها، كان لا بد من تقييم للمرحلة السابقة، وتشخيص لمواطن الخلل والقصور والضعف الدراسي لدى الأبناء، والقيام بخطوات عملية في اتجاه الإصلاح والتحسين، لأصل بأبنائي إلى مستوىً مرضٍ وقابل للتطوير من الحصيلة العلمية والمهارات الأساسية التي يحتاجونها في حياتهم، ومن أهم الأمور التي حرصت عليها أثناء الوباء وبعد انتهائه:

| عدم المقارنة: التوقف عن مقارنة نفسي بالآخرين ومقارنة أبنائي بغيرهم، لأن لكل طفل ظروفه وقدراته الخاصة، وهذا يجعل طفلي مرتاحًا لأنه يسير في طريقه الخاص، ولا أجبره على الركض لاهثًا خلف الحصول على درجة معينة من التقييم كي يتساوى مع الآخرين، ثم يكتشف أن ذلك فوق حدود قدراته فيشعر باليأس والإحباط، المقارنة التي نعقدها دائمًا هي بين المستوى السابق والمستوى الحالي لنقيس مدى التقدم ونشعر بالإنجاز.

| الابتعاد عن لوم النفس: التوقف عن لوم نفسي لأنني قصرت أو لوم أبنائي، ولا شك أن التقصير حصل عند أغلبية الناس، وذلك بسبب عشوائية بعض المراحل وعدم القدرة على تنظيم الوقت والجهود بطريقة جيدة، بالإضافة إلى الحالة النفسية العامة التي مرت بها المجتمعات في تلك الفترة، وكان همي أن أعرف أين أنا الآن وما الذي علي فعله في الحاضر والمستقبل القريب، دون أن أضيع طاقتي في التحسر على ما فات.

received_674865324062120.webp
من المهم عدم التركيز على المناهج الدراسية وحدها بل يجب توسيع دائرة التجارب والمهارات الحياتية الأخرى

| عدم التركيز على المناهج الدراسية وحدها:  بل توسيع دائرة التجارب والمهارات المكتسبة لتشمل الكثير من جوانب الحياة، مثل الجلوس في حلقات شبه يومية لتلاوة جزء يسير من القرآن الكريم، والحصول على بعض الكتب من قصص وموسوعات وتحفيز الأطفال على قراءتها بصوت عالٍ أمام الجميع، ونسخ بعض جملها في بعض الأحيان، والحصول على بعض الألعاب التي تحتاج إلى التفكير أو التركيز أو المنافسة، بالإضافة إلى ربط الأطفال بالبيئة الطبيعية المحيطة كالخروج نحو البرية القريبة من المنزل ورعاية بعض المزروعات حول المنزل، ولم أنسَ إعطاء الأطفال بعض المسؤوليات المنزلية المناسبة لأعمارهم ليقوموا بها بشكل شبه دوري، وقد أعطتهم هذه الأنشطة المتنوعة مجموعة من المهارات المتميزة خارج إطار المدرسة والمناهج، في ظل غياب دور المدرسة وضعف تأثيرها في فترة الوباء.


اقرأ أيضًا: مدرسة في البيت أيضًا: خطوات عملية لتسهيل أداء "الواجبات المنزلية"


| التواصل الدوري مع المعلمات: وكان لهذا أثر كبير على أدائي كأم تجاه تعليم طفلي وعلى أداء المعلمة أيضًا، لأن المعلم له الدور الأكبر في التعليم، وهو الأكثر تخصصًا وخبرة في هذا المجال، ومعرفة في طرق التعليم والتقييم، فكنت أتمكن من معرفة الأسلوب الصحيح لإعطاء المعلومة، وكانت المعلمة تتوصل إلى الطريقة المناسبة لطفلي بناء على شخصيته واحتياجاته.

| استشارة معلم متخصص: وذلك حسب الجوانب الدراسية التي فيها ضعف عند طفلي، لأنني حتى لو كنت قادرة على معرفة الخلل وتداركه إلا أن خبرة المعلم في التعليم تجعله يتدارك الخلل بصورة أسرع، لذلك وجهت أبنائي للدراسة الخصوصية لتقوية بعض المهارات، كالقراءة والإملاء وتقوية اللغة الإنجليزية كلٌّ حسب احتياجه فحسب ودون مبالغة.

 استشارة معلم متخصص: وذلك حسب الجوانب الدراسية التي فيها ضعف عند طفلي، لأنني حتى لو كنت قادرة على معرفة الخلل وتداركه إلا أن خبرة المعلم في التعليم تجعله يتدارك الخلل بصورة أسرع، لذلك وجهت أبنائي للدراسة الخصوصية لتقوية بعض المهارات، كلٌّ حسب احتياجه فحسب ودون مبالغة. والاستمرار بالمحاولة دون يأس لأن الأمور التي تبدو مثالية ليست كذلك مطلقًا، فكل الأطفال يشعرون بالملل بسرعة، ويتفننون في إلقاء الحجج لينسحبوا من جلسة الدراسة.

| الاستمرار في المحاولة: دون يأس لأن الأمور التي تبدو مثالية ليست كذلك مطلقًا، فكل الأطفال يشعرون بالملل بسرعة، ويتفننون في إلقاء الحجج لينسحبوا من جلسة الدراسة، ويفتعلون المشكلات بين بعضهم البعض، وربما تمر أيام على الأم دون أي إنجاز أو تقدم.

| عدم انتظار نتائج سريعة: للتدريس والمتابعة والتكرار، فربما يستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن يتمكن طفلي من إتقان مهارة ما، أو القدرة على إظهار أداء أكثر تقدمًا فيما يخص دراسته، والتعامل مع الطفل بناء على قدراته هو وليس بناء على ما يتوقعه منه الآخرون بناء على عمره أو مرحلته الدراسية، فالطفل الكسول الذي لا يذاكر جيدًا نتعامل معه بحزم أكبر من الطفل الذي برغم اجتهاده لا يتمكن من إتقان كامل لدروسه، كما أن علينا أن نركز على نقاط القوة في كل طفل فننميها وندعمها ونشجعها، ولا يدفعنا الإخفاق في جانب آخر على تعميم هذا الإخفاق على كل الإنجاز الدراسي للطفل، كأن نقول لطفل: ما فائدة براعتك في المسائل الحسابية وأنت لا تتقن الإملاء؟ بل نقول: أنت متقن للمسائل الحسابية، إذن لديك القدرة أن تبذل جهدك وتصبح أفضل في الإملاء، وهكذا.

لا زلنا نكافح معًا وننال المكافأة تلو المكافأة في طريق استدراك المستويات الدراسية لكل منهم، ليصبح تلقي العلم أكثر سهولة وسلاسة من ذي قبل.

وأؤكد على ما ذكرته سابقًا وهو التوقف عن مقارنة طفلي بالآخرين، لأن المجتمع سيبقى يوقع الأم في فخ المقارنة مرة بعد مرة، وسيجعلها تنظر إلى ابنها بغيظ أو حزن أو انكسار أو أي نوع من السلبية، لأنه لم يتمكن من مشابهة فلان أو منافسة ابن فلان، أو الحصول على علامة كذا أو مرتبة كذا، بل ما علي هو استعادة فكرتي حول مسألة المقارنة بين شخصين مختلفين في القدرات والظروف والتوقف عن ذلك، والتركيز في البناء بدلًا من الشعور بالسلبية.

بهذه الأمور تمكنت من التقدم بأبنائي على طريق التعافي من الضعف الدراسي الذي لحق بهم أثناء فترة الوباء، بل استطعت أن أزرع فيهم بعض الجوانب التي تدعم شخصياتهم وطرائق تفكيرهم خارج إطار المنهاج الدراسي، ولا زلنا نكافح معًا وننال المكافأة تلو المكافأة في طريق استدراك المستويات الدراسية لكل منهم، ليصبح تلقي العلم أكثر سهولة وسلاسة من ذي قبل.