ما هو الوعي المالي وثقافة الادخار؟ ولماذا نحن بحاجة إليه؟ الوعي المالي ببساطة هو أن تمتلكين مهارات تمكنك من اتخاذ قرارات مدروسة وذكية بأموالك، كما أنك بحاجة لتنمية وتقوية إدراكك حول المفاهيم المالية، وذلك حتى تتمكنين من التعامل مع أموالك بشكل أفضل.
إن امتلاكك لمهارات الوعي المالي يساعدك على الفهم السليم والتعامل الصحيح مع المشكلات المالية التي يواجهها معظم الناس، مثل حالات الطوارئ والديون والاستثمارات وغيرها، كما أنك ستمتلك القدرة على بناء ميزانية تخدم أهدافك وتدخر منها أيضًا، واستخدام الأموال المتوفرة لديك على أفضل وجه ممكن.
الوعي المالي وثقافة الادخار
بامتلاكك مهارات الوعي المالي ستتمكنين أيضًا من السيطرة على رغبتك في الشراء، وستكونين قادرة على ترتيب أولوياتك والمفاضلة بينها، كما سيمنحك ذلك الثقة بنفسك والحزم في ما يخص أوجه الانفاق والادخار لديك. وبـالوعي المالي وثقافة الادخار ستدركين أهمية إنشاء صندوق الطوارئ لمواجهات الحالات الطارئة التي قد يتعرض لها أي فرد مثل عملية علاجية مفاجئة، أو صيانة منزلية غير مخطط لها.
إضافة لذلك، فإن الوعي المالي سيكسبك مهارة التعامل مع الديون وآثارها السلبية التي تضر مستقبلك، وتهدر وقتك ومالك في العمل على سدادها، فـالوعي المالي سيساعدك على وضع خطة لمواجهة كوارث الديون والنجاة منها، وكذلك توفير الكثير من الوقت والمال المهدر عليها، وذلك باتخاذ قرارات مالية أفضل، وعلاوة على ذلك سيساعدك الوعي المالي وثقافة الادخار في تحقيق مستويات أعلي من الرفاهية والرضا، في ما يتعلق بالدخل والتقاعد والإسكان، وأهمية الوعي المالي لا يمكن احصائها في مقال، ولكن الأهم من تلك المعلومات هو استخدامها.
هل أنت خال من الديون؟ أم لديك خطوات فعلية للتخلص منها؟ هل تعرف مقدار ما تنفقه لتغطية نفقات المعيشة لديك على مدار ثلاث إلى ستة أشهر؟
هل أنا واعية ماليًا؟ وما الفئة التي تحتاج لثقافة الوعي المالي؟ جميعنا نحتاج للوعي المالي في حياتنا اليومية وامتلاك مهاراته ليست مقتصرة على الكبار فقط، بل يمكنك تعليمها أيضا لأطفالك، ولتحديد ما إذا كان لديك وعي مالي أم لا، فيجب أن تجيبين على الأسئلة التالية: هل تعرفين كيفية إنشاء ميزانية شهرية تشمل كل نفقاتك الشهرية والمستقبلية؟ هل أنت خالية من الديون؟ أم لديك خطوات فعلية للتخلص منها؟ هل تعرفين مقدار ما تنفقين لتغطية نفقات المعيشة لديك على مدار ثلاث إلى ستة أشهر؟
اقرأ أيضًا: أول الطريق "خطة".. عن مواسم الهجرة إلى الذات
هل لديك صندوق طوارئ لمواجهات الحالات الطارئة كما ذكرناها سابقًا؟ هل تستطيعين تمييز التمويلات الربوية من غيرها في تعاملاتك المالية؟ وهل تعرفين الفرق بين الاستثمار والتأمين؟ هل تعرفين أنواع التأمين اللازمة لحماية أموالك واستثماراتك؟ وهل تعرفين ما هي الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحسين ثقافتك المالية؟
إذا كانت معظم إجابتك على تلك الأسئلة هي "نعم"، فتهانينا، أنت شخصية صاحبة وعي مالي، وأما إن كانت أكثر أو بعض إجاباتك هي "لا"، فلا تحبطي أو تحزني، لم يفت الأوان بعد، وما زالت لديك الفرصة للتعلم وامتلاك مهارات الوعي المالي، وسنرشدك لتلك الخطوات في مقالنا الحالي.
ما هي مميزات وعيوب الادخار؟
دعونا نعرف أولًا بأن الادخار هو جزء من الدخل غير مخصص للاستهلاك وحفظ السيولة تلك، بغرض الاستخدام على المدى القصير، مثل شراء أدوات منزلية، ويودع عادة في حسابات بنكية جارية. أما الاستثمار، فهو الجزء من الدخل المستثمر على المدى الطويل مثل امتلاك عقارات، والهدف منها زيادة تنمية قيمة الادخار لتحقيق أهداف طويلة الأمد.
تكمن مميزات الادخار في أنه يمنحك راحة البال ويحفظ صحتك النفسية آمنة، كما يساعدك على تحديد أهدافك وأولوياتك المالية، والتعرف على عاداتك في الإنفاق، وتحديد عوامل الضغط والمخاطر وحالات الطوارئ المحتملة ويساعدك على إيجاد الحلول لها.
أما عيوب الادخار فتكمن في النفقات الصغيرة التي تتحول لمبالغ كبيرة وتغري الشخص في شراء بعض الأشياء واستهلاك أمواله، كذلك تخصيص ما تبقى من المال للادخار وعدم تخصيص جزء ثابت من الدخل الشهري للادخار،بالاضافة إلى شراء أشياء غير ضرورية تستهلك ماله وتعيقه عن الادخار، أو التضحية بشراء أشياء جديدة والقناعة بما لديك لفترة ما، والتغيير في المستوي الاجتماعي حيث تختلف أولويات الانفاق لدى الفرد وتحرمه مما يحب لبعض الوقت مثل المطاعم والكافيهات.
الادخار والاكتناز في ميزان الشريعة الاسلامية
من الناحية الشرعية فإن الادخار مشروع، أما الاكتناز فهو المحرم، ووجه الشبه بينهما أن كلاهما جزء من الدخل لا ينفق على الاستهلاك، أما وجه الاختلاف هو أن الادخار يكون بنية الاستثمار والاستخدام في العمليات الإنتاجية المباشرة وتحقيق دخل إضافي.
أما الاكتناز فهو تسرب من دورة الدخل وتجميد للأموال ولا يكون بنية الاستثمار ولا يحقق أي فائدة أو ربح للفرد أو المجتمع، وهذا الكلام أوضحه بإيجاز، وإلا فإن هذا الموضوع باب فقهي كبير لا يكفيه مقال واحد.
من الناحية الشرعية فإن الادخار مشروع، أما الاكتناز فهو المحرم، ووجه الشبه بينهما أن كلاهما جزء من الدخل لا ينفق على الاستهلاك، أما وجه الاختلاف هو أن الادخار يكون بنية الاستثمار والاستخدام في العمليات الإنتاجية المباشرة وتحقيق دخل إضافي.
أما الاكتناز فهو تسرب من دورة الدخل وتجميد للأموال ولا يكون بنية الاستثمار ولا يحقق أي فائدة أو ربح للفرد أو المجتمع، وهذا الكلام أوضحه بإيجاز، وإلا فإن هذا الموضوع باب فقهي كبير لا يكفيه مقال واحد، وإن أردت الاستزادة والتفصيل في الأمر، فيمكنك الرجوع للمصادر الفقهية الموثوقة.
إذن، كيف أكون واعية ماليًا؟ يمكننا تصنيف الأمر إلى قسمين: معرفي،و سلوكي تطبيقي.
| القسم المعرفي: هنا يجب عليك البدء بقراءة الكتب والمجلات والمدونات للناشرين على الإنترنت، فيما لا يقل عن ساعتين أسبوعيا قراءة حول إدارة الأموال والاستثمار، وأرشح لك بعض الكتب مثل: كتاب أموالك أو حياتك، كتاب الأب الغني والأب الفقير، كتاب المال إتقان اللعبة: ٧ خطوات بسيطة للحرية المالية.
وأما أهم المواقع الإلكترونية فنرشح لك موقع فوريس الشرق الأوسط، وموقع أرقام، وموقع اقتصادي ،كما يمكنك متابعة بعض القنوات على اليوتيوب مثل: اقتصاد الكوكب والمخبر الاقتصادي.
أما إن كنت لا تفضلين القراءة أو لا تمتلكين الوقت لها، فيمكنك الاستماع الى المدونات الصوتية مثل البودكاست، والتي تحتوي على العديد من الصوتيات عن الوعي المالي، وكما يمكنك التسجيل في دورات عبر الإنترنت عن الوعي المالي مثل "ريالي -أساسيات الوعي مالي" والمقدم على منصة رواق للتعليم المفتوح، كما يجب أن تتعلم الحد الأدنى من الرياضيات التي تساعدك في تنظم أموالك وحساب نسبة الادخار.
اقرأ أيضًا: لأسباب نفسية أم اجتماعية؟ لماذا تخاف المرأة من الفشل؟
| أما الجانب السلوكي التطبيقي: فأولًا يجب عليك التعهد بالالتزام بالتغيير، فالأمر ليس سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا أيضًا، لذا أنصحك أن تحددين هدفك وتكتبيه بوضوح، وتكتبين الفوائد الذي ستعود عليك إن التزمت بذلك التغيير، وكيف ستتصرفين إن ضعفت، وكيف يمكنك الثبات على هذا الروتين الجديد حتى تمتلك مهاراته، يجب أن تكون صادقًا وواضحًا مع نفسك.
| خططي بوعي: التخطيط الواعي لنفقاتك يعزز الوعي المالي وثقافة الادخار لديك، فيمكنك تقسيم الدخل إلى أجزاء تشمل النفقات الشهرية الضرورية والتحسينية، وجزء للطوارئ، وثالث للادخار.
| استخدام أدوات الإدارة المالية لتعقب نفقاتك: وهناك العديد من التطبيقات التكنولوجية التي ستساعدك على ذلك مثل تطبيق مصروفاتي، حيث إن تتبع نفقاتك سيكشف لك عن الجوانب التي تستهلك أكثر دخلك، وهذا سيتيح لك إعادة هيكلة وتوزيع الدخل على الجوانب المختلفة بتوازن أكبر، كما يمكنك من تقليص بعض النفقات وادخار جزء من الدخل.
| حددي نفقاتك الشهرية: فقسميها لنفقات ثابتة كالفواتير والايجار، ونفقات متغيرة كشراء مستلزمات للبيت وغيره.
النفقات الثابتة ميزتها أن مقدارها ثابت معلوم، ولكن عيبها يكمن في عدم تمكننا من التحكم فيها وتقليصها، على عكس النفقات المتغيرة التي نستطيع التحكم فيها وتقليصها.
| حددي أولويات الإنفاق: في قانون الوعي المالي وثقافة الادخار عليك تحديد أولويات الشراء والإنفاق لديك لكي يخلصك من الفوضى المالية ويساعدك على كبح جماح الشراء والتسوق وهدر المال في المطاعم مع رفاقك دون أن تشعر.
| الجودة أولًا: ركزي على جودة المنتج عند شرائه، وتذكري أن الجودة الأعلى تعني عمرًا أطول في استخدام المنتج، وليس كما يعتقد البعض أن المنتج الأرخص يوفر لك المال للادخار، فالجودة الأقل تعني صرف مزيد من النقود لاصلاح التالف أو شراء الجديد، كما أن الأجود لا يعني الأغلى دائمًا، فكن مع الجودة.
اقرأ أيضًا: كيف تنجح النساء؟ (10) صفات ملهمة أجمعن عليها
| ليكن لك من دخلك مأوى: لا تجعلي نفقاتك أعلى من معدل دخلك بالتالي تضطرين للاقتراض بدل أن تدخرين، فتعايشي مع راتبك وحجم احتياجاتك، وأوجه نفقاتك إلى حين إيجاد مصادر دخل أخرى.
| صندوق الطوارئ: كما ذكرنا سابقًا، اجعلي في بيتك صندوقًا للطوارئ يساعدك على مواجهة المشكلات العاجلة الملحة وغير المتوقعة.
| سددي ديونك: قسمي الديون، وابدأ بالأعلى أو الأكبر تكلفة ثم انتقل للأقل، مستعينًا بالتخطيط الزمني وبذلك يمكنك سداده مع الوقت.
| التقييم الدوري: التقييم المستمر للوضع المالي لديك يساعدك على تدارك الأخطاء بسرعة وتعديل أوجه الانفاق لتلائم الهدف.
ويمكنك التقييم بشكل شهري لمعرفة نقاط الضعف والقوة لديك وتدارك الأمر سريعًا.
| كوني مسئولة: لا تستديني من البنك أو الأقارب والأصدقاء بضرورة وغير ضرورة، فاستغني عن ذلك ولا تلجأي إليه إلا للضرورة القصوى، ويمكنك استبداله بصندوق الطوارئ.
| حددي مفهوم الثراء لديك: الثروة من المفاهيم المتعلقة بالوعي المالي وثقافة الادخار والمتغيرة وفقًا لحياة الفرد، فقد يكون الثراء في مرحلة ما عدم الاقتراض، أو الاستقلال المادي، أو شراء بيت ما، لذا يجب أن تحددي مفهوم الثراء لديك حسب حاجتك في كل مرحلة.
| تعلمي الاستثمار: واستثمري مع الموثوقين وتعلمي من تجارب الأغنياء الناجحين، وتعرفي إلى قصص نجاحهم واستفيدي منها، وتذكري أن الاستثمار الجيد هو الذي يعتمد على هدفك، ووجهي الانفاق لديك والذي توازنين فيه بين المخاطر التي يمكنك تحملها والعائد الذي تحتاج إليه.
في النهاية، الوصول إلى الوعي المالي وثقافة الادخار رحلة تتطلب منك التطبيق لتلك الخطوات التي ذكرتها، ولا تستصعبي طريق الوصول لكثرة خطاه، ولكن ابدأي وتدرجي حتى تصلين، وتذكري أنه ما تأخر من بدء.