فيما كان المشهد الثقافي في غزة يفتقر لأي نشاط، شهد شهر مارس/ آذار لعام 2002م ميلاد صالوننا الثقافي النسوي (نون)، فكان الكرة التي انبجس منها الضياء، وكان الأول في فلسطين قاطبة، هكذا تروي الكاتبة والأديبة الفلسطينية فتحية صرصور قصة إضاءة شمعة صالون نون الأولى قبل 17عامًا، بصحبة صديقتها الأديبة مي نايف.
وتروي صرصور لبنفسج، حكاية وضع اللبنات الأولى للصالون: "عندما كنا في مرحلة الماجستير في عام 2002 عرضت عليَّ الأخت مي نايف الفكرة فأمسكت بتلابيبها، وبعد شهرين فقط عقدنا أولى جلساتنا، وبعد عامين بدأت تظهر المنتديات والصالونات والجمعيات الثقافية.
| نون الثقافي
وبحسب صرصور فإن الصالون ينعقد مرتين شهريًا، فاللقاء الأول يعقد يوم الثلاثاء الأول من كل شهر، ويخصص لإبداع امرأة أديبة، ونسلط الضوء على ما كتبته أو ما كتب عنها، ولا نحدد المتحدث عنها فقد يكون رجلًا أو امرأة.
والجلسة الأخرى تعقد في منتصف الشهر، ونناقش فيها إبداعات الشباب والرجال والنساء، تحت عنوان: "دوحة الأدب"، ونستعرض في هذه الجلسة العديد من الملفات، كملف السينما الفلسطينية الذي أفردنا له سبعة جلسات، وملف المسرح الفلسطيني، وكذلك ملف قصيدة النثر وملف الفن التشكيلي وملف التراث، والفلكلور الشعبي وغيرهم.
| الثقافة تجمعنا
وعلى الرغم من أن صالون نون هو صالون نسوي، إلا أننا لاحظنا تنوع جمهوره من كلا الجنسين، بل إن أعداد مرتاديه من الرجال قد فاق بقليل عدد صويحبات الصالون وعن ذلك تقول فتحية: شعارنا في صالون نون "الثقافة تجمعنا واوا ونونا".
وتضيف صرصور صالوننا يحمل رسالة ثقافية ووطنية سامية، فنحن نسلط الضوء على المواهب، في كافة المجالات الثقافية والفنية والأدبية، وعلى الرغم من أن تجربتنا هي الأولى في الوطن إلا أنها بدأت قوية وظلت هكذا لإيماننا القوي بها.
وثقنا عُري الثقافة بين شيوخ الأدب وبين المرأة الفلسطينية المبدعة، وتواصلنا مع المبدعات في كافة أنحاء العالم بغض النظر عن جنسياتهن، وناقشنا إبداعاتهن، وأخذنا بيد الموهوبات المبتدئات، لذا فقد شكل (نون) إضافة نوعية للمشهد الثقافي الفلسطيني.
وتقضي صرصور معظم وقتها في الكتابة، فكتبت نحو ثلاث وعشرين كتابًا في مثلث زواياه ثلاثة، القرآن الكريم والتراث الفلسطيني والكتابة للأطفال، كما أنها مولعة بالشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان فكتبت بضعة كتب حول شعرها، كما كانت عنوان أطروحتها في رسالة الماجستير.
| على درب مي زيادة
وعن فكرة الصالون من أين جاءت؟ تروي الأديبة د. مي نايف لـ "بنفسج" الحكاية: "استوحيت الفكرة من الأديبة الفلسطينية مي زيادة التي كنت أحبها وأقرأ كثيرًا عن صالونها الأدبي الذي كانت تعقده في منزلها في القاهرة كل يوم ثلاثاء وكان يحضره كبار الكتاب والساسة، فأحببت أن يكون لي صالونًا خاصا مثلها.
أما عن التسمية جاءت نسبة إلى نون النسوة على اعتبار أن الصالون نسوي ثقافي، النساء الكاتبات المبدعات هن محط اهتمامه، بغض النظر عن جنسياتهن.
وعن فكرة الصالون من أين جاءت؟ تروي الأديبة د. مي نايف لـ "بنفسج" الحكاية: "استوحيت الفكرة من الأديبة الفلسطينية مي زيادة التي كنت أحبها وأقرأ كثيرًا عن صالونها الأدبي الذي كانت تعقده في منزلها في القاهرة كل يوم ثلاثاء وكان يحضره كبار الكتاب والساسة، فأحببت أن يكون لي صالونًا خاصا مثلها.
تضيف: "عرضت الفكرة على صديقتي فتحية والتي شجعتني وأبدت استعدادها لمشاركتي العمل، ومنذ 17 عامًا وحتى يومنا ونحن ندير الصالون دون انقطاع وعلى نفقتنا الخاصة".
وعن اسم الصالون (ن) الأديبة تكمل نايف لـ "بنفسج": "التسمية جاءت نسبة إلى نون النسوة على اعتبار أن الصالون نسوي ثقافي، النساء الكاتبات المبدعات هن محط اهتمامه، بغض النظر عن جنسياتهن، ولا علاقة لنا بالعمل الاجتماعي والإغاثي الخاص بالنساء فهذا العمل تقوم به الجمعيات المنتشرة في مدينة غزة، بيد أن صالوننا يهتم بالنساء الكاتبات والمبدعات.
وتمكنت مي وفتحية طوال فترة عقد الصالون من استضافة غالبية الأدباء في قطاع غزة للحديث عن كاتبات وأديبات فلسطينيات، وحافظتا على انتظام عقد جلساته وهو ما أكسب الصالون شهرة في الوسط الأدبي وأهله للعب دور مهم في المشهد الثقافي والأدبي الفلسطيني.
| خصومة مع السياسة
وعن الصالون والسياسة تقول مي: "منذ البداية ابتعدنا عن السياسة وهذا ما ساعد صالوننا؛ لأن يبقى على قيد الحياة فلم نتطرق البتة لأي موضوع سياسي، إلا أننا قد نتناول بعض الموضوعات الثقافية التي يربطها خيط بالسياسية".
وتضيف: "لسنا جمعية ولا نتلقى معونة مادية من أي جهة، ونرفض ذلك، لأن من يدفع المال سيفرض أجندته علينا في النهاية، أنا وصديقتي ننفق على صالوننا بكل حب". وتؤكد نايف على أن معيار اختيار ضيوف الصالون هو توفر المحتوى الثقافي والأدبي القوي لدى الشخصية، بغض النظر عن الانتماء السياسي.
وعن حلم مي وفتحية وآمالهن، يطمحن في المستقبل إلى إنشاء مقر خاص بالصالون، وإنشاء دار للنشر لطباعة الجيد والقيم من كتابات الشعراء والأدباء، ممن لا يمتلكن إمكانات النشر. كما تأمل الصديقتان أيضًا من المؤسسات السيادية في الوطن إيلاء اهتماما أكبر بالثقافة والأدب والكتاب، لما في ذلك من رفعة للأمم والشعوب.
يُدكر أن الصالونات والملتقيات الأدبية تسهم في تنشيط الحياة الثقافية والأدبية وتشجيع المواهب الأدبية، إضافة لتعزيز الجانب الفكري والمعرفي، إلا أنها تشهد ضعفًا في أعدادها وأعداد مرتاديها.
| ظاهرة صحية
الشاعرة والأديبة الفلسطينية وردة الزبدة وصفت في حديثها لـ "بنفسج" الصالونات الثقافية والأدبية بالحالة الصحية المهمة جدًا للمجتمع الفلسطيني؛ كونها تحافظ على الموروث الأدبي الفلسطيني، موضحة أن هذه الملتقيات ترعى النشأ الجديد المهتم بالشعر والأدب وتغذيه بنماذج وخبرات سابقة لكبار الأدباء والشعراء.
وأضافت: "نحن بحاجة إلى كثير من هذه الملتقيات التي تركز على قضايانا الوطنية في مجال الأدب والشعر، والكتابة للوطن وتسليط الضوء على مشاكلنا الوطنية، مشيدة بشعراء الشعب الفلسطيني الذين رحلوا ولكنا كلماتهم لا زالت بيننا نرددها كل يوم".
ولفتت إلى أن هذه الصالونات توفر بيئة مناسبة للنقد الأدبي الجميل والبناء، مما يسهم في إنضاج جيل من الشعراء والأدباء المتميزين. ونفت أن تكون أعداد رواد هذه الصالونات القليلة نقطة ضعف بقدر ما هي نقطة قوة، إذ أن هذه الملتقيات تعتمد على جمهور نخبوي.
وأشارت إلى أن هناك قصور مشترك من قبل وزارة الثقافة وكبار الأدباء والشعراء في جذب صغار الشعراء من الشباب والفتيات والعمل على رعايتهم وإنضاجهم، داعية إلى تنسيق وتضافر جهود الجميع من أجل دعم هذه الظاهرة الصحية واحتضانها.