بنفسج

قصتي.. راية أبو عيشة

الخميس 09 مارس

لأخبركم عن ابننا مركز "روح" التي سعدت بافتتاحه، كنّا وما زلنا في روح نحاول محاكاة القيم الدينية والفكرية والوطنية وليس فقط تعليم كيفية التخطيط، خصوصًا في أنشطتنا مع الأطفال؛ فكان لدينا مرة ورشةً بعنون أسرار غرناطة التي تحدثت عن الأندلس تاريخها وحاضرها علمائها وشعرائها وخطاطيها وهندستها العمرانية، وتطرقنا فيها أيضًا إلى أهمية تدوين اليوميات وأهمية الكتب والحفاظ عليها؛ وعلمنا الأطفال مهارات أخرى غير الخط، منها كيفية تغليف الكتب، بأغلفة قوية ليتعزز قيمة الكتب وأهمية الحفاظ عليها.

"بابا وماما بدي أصير خطاطة زيكم" فترد نور "وأنا كمان شوفوا تلويني". صغيرتي ريم تحاول جاهدة أن ترسم بحرفية على دفاترها الوردية الصغيرة، معلماتها يقلن عنها "ملكة الخط". استطاعت في عمر الثامنة أن تبهرنا بخطها الجميل، أما أختها نور تحاول تقليد لوحات والدها التي يخططها بحب، وإتمام مهمة التلوين التي أكلفها بها. 

أنا راية أبو عيشة أدير وزوجي مركز روح للخط العربي، لم أكن على علاقة وطيدة بعالم الخط العربي ولكن جمعنا القدر.  لم أكن أعرف زوجي أيمن قبل الارتباط به رسميًا، وهو كذلك، ولكن بعد أن جمعنا الله في ميثاق غليظ، لم تتآلف القلوب على المودة والرحمة وحسب، بل جمعتنا أشياء أخرى، لم تبن لنا منزلًا دافئًا فقط، بل مركزًا  للخط العربي، أنا من محبين الخط العربي وأحب تأمله، لكني قبل زواجي لم أكن أتقنه، ولكن زوجي كان خطاطًا بارعًا إضافة إلى كونه مهندسًا.

تعاهدنا على أن نغوص أكثر في عالم الخط العربي، فعقدت العزم على أن أتعلمه، وبالفعل بدأت الخطوة الأولى خلال غربتي في السعودية، فالتحقت  بدورة للمبتدئين في الخط الديواني، وبعد ذلك سعيت لتطوير موهبتي عن طريق الممارسة  في المنزل، وكل ذلك بدعم من شريك حياتي المخضرم، فكان يصحح لي ما أفعل. ومن هنا بدأت حكايتي مع الخط.

 أؤكد دائمًا على أن ما يهمنا من الأشياء جوهرها وأصلها، ولأن الروح هي أصل الإحساس بالأشياء، فالإنسان يشعر بقلبه وروحه لا بعقله، فتجذبك الأشياء لا لشيء إلا لمجرد أنها لامست روحك، والفن مرتبط جدًا بالروح، لأن الناس يتذوقونه بروحهم كل حسب شعوره وظروفه النفسية. كما أن الكتابة بالقصب والأحبار وعلى الورق كلها أشياء من الطبيعة بعيدًا عن الحواسيب والتكنولوجيا، كما أن الخط أين ما وجد؛ في لوحة أو منتج أو غيره، يعطيه الحياة، وبمجرد النظر له يلامس روحك وعاطفتك.

لأخبركم عن ابننا مركز "روح" التي سعدت بافتتاحه، كنّا وما زلنا في روح نحاول محاكاة القيم الدينية والفكرية والوطنية وليس فقط تعليم كيفية التخطيط، خصوصًا في أنشطتنا مع الأطفال؛ فكان لدينا مرة ورشةً بعنون أسرار غرناطة التي تحدثت عن الأندلس تاريخها وحاضرها علمائها وشعرائها وخطاطيها وهندستها العمرانية، وتطرقنا فيها أيضًا إلى أهمية تدوين اليوميات وأهمية الكتب والحفاظ عليها؛ وعلمنا الأطفال مهارات أخرى غير الخط، منها كيفية تغليف الكتب، بأغلفة قوية ليتعزز قيمة الكتب وأهمية الحفاظ عليها.

 وفي ورشات أخرى كنا نميل للجانب الروحاني والديني؛ فكانت إحدى الدورات تدور حول أسماء الله الحسنى؛ تحدثنا في الدورة عن الأسماء ومعانيها، وحاولنا معرفة أي الأسماء لمس كل طفل أكثر، ولماذا، ثم نطلب منه كتابته بالتذهيب، بالخط الكوفي لتدريبه على الخط".

ولمن يود تعلم الخط العربي أقول إن أي شخص بإمكانه تعلم الخط حتى وإن كان خطه العادي غير منظم وجميل فالعلم بالتعلم، إن الراغب في تعلم الخط عليه أن يتمرس عدة أمور، وليس إمساك القصبة أو قلم الخط وحسب، فأولًا عليه أن يحاول باستمرار النظر للوحات بعمق والتأمل فيها.

وعندما أُسأل عن سر نجاحي أجيب "الصبر ثم الصبر فالخط فن متمرد إذا تركته يومًا تركك أسبوعًا وإذا تركته أسبوعًا تركك شهرًا، لذلك يجب الصبر على تعلمه والمداومة بشكل يومي على ممارسته لأن نسيانه سريع واليد تأخذ وقتًا حتى تتمرس من جديد".