الخميس 09 مارس
مضى أسبوع تمامًا على وفاة أخي الأصغر ٢٤ عامًا، كان قد أتمها قبل شهرين. ️في ساعات ليل الجمعة كنا نعتصر ألمًا على غيابه وهو في ثلاجة المشفى. فقد طرق الموت باب بيتنا وأخذه من بيننا، بلا حول له أو لنا ولا قوة، فما الحول والقوة إلا لله وبالله.
ما بعد العاشرة والنصف، ونحن نجلس في سهرة عائلية، وصل خبر وقوع حادث على الطريق بين بيت لحم والخليل، عرف الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وقتها خبر وفاة أخي قبلنا، فقد تأخر الوقت ونحن نتلقى خبر وفاته على دفعات كان آخرها بعد منتصف الليل.
أكتب وكلي غصّة وفقد وحسرة على غياب فقيدنا وحبيبنا الصغير، لا اعتراض على حكم الله وعلى قضائه وقدره، فالخير والشر بيده سبحانه وتعالى كما بيده الحياةُ والموت. فالحمدلله في السراء والضراء. إنما هو وجع الغياب الذي لا تصفه الكلمات، ولا يختصره أي دمعٍ أو غضب.
"حين يقع القدر يعمى البصر"، في اليوم السابق للحادث، يوم الخميس، كان ذاهبًا إلى رام الله ليحضر سيارته من الكراج وتعطلت معه، بلا أسباب، مرتين، عاد في الأولى للكراج ليقول له الميكانيكي لا خراب فيها وأكمل طريقك، وفي الثانية تواصل معنا لتخبره أمي ما يقرأ من آيات للرقية لتكمل طريقها إلى الخليل. فكان للجميع نصيبٌ فيه لرؤيته أو توديعه.
فأخي لم يقتله آخر ولم يمت على منكر، ولم يكن مسرعًا، كان عائدًا من عشائه الأخير ووداعه للجميع بعد أن قضى طيلة اليوم بين أهله وأحبته وأصدقائه، على خلاف العادة فهو دائم الانشغال في عمله. كان رضي الوالدين حنونًا فالحمدلله على لطفه فيه وأخذه لجواره بلا وجع أو عذاب.
"حين يقع القدر يعمى البصر"، في اليوم السابق للحادث، يوم الخميس، كان ذاهبًا إلى رام الله ليحضر سيارته من الكراج وتعطلت معه، بلا أسباب، مرتين، عاد في الأولى للكراج ليقول له الميكانيكي لا خراب فيها وأكمل طريقك، وفي الثانية تواصل معنا لتخبره أمي ما يقرأ من آيات للرقية لتكمل طريقها إلى الخليل. فكان للجميع نصيبٌ فيه لرؤيته أو توديعه.
كان شابًا هاويًا للتغيير طموحًا ومحبًا للجميع ولا يكره أحدًا. عزيز النفس قوي القلب. أكمل حياته بين الكمبيوترات في صغره وبين السيارات والدراجات في كبره. حينما ننظر إلى الوراء ما قبل يوم وفاته نرى شعوره بالرحيل ووداعه لنا.
اقرأ أيضًا: غربة على غربة.. أخي الذي خطفه الأسر
كتبت لأقول: الحمدلله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، الحمدلله على لطفه وتدبيره وعطفه فيما قضى. هذا الكون له خالق هو الله عز وجل، والكون كله يسبح ويستغفر باسمه ويسير وفق نظامه، له الحول وله القوة وما أخذ وما أعطى مهما كانت الظروف والأسباب.
"واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك"، أي أن الإنسان لا ينجو من الأمور المكروهة بحذقه ومهارته وشدة تحرزه وتوقيه، إنما عليه أن يبذل السبب فحسب، فإن ما قدره الله عليه لابد أن يلحقه، وما لم يكن مكتوباً عليه فلا يمكن أن يقع عليه، فلم تكن نجاة الإنسان حينما نجا من مهلكة واجهته بسبب حذقه ومهارته، وكياسته وما أشبه ذلك، إنما لأن الله لم يقدّر عليه هذا".
الإنسان لا ينجو من الأمور المكروهة بحذقه ومهارته وشدة تحرزه وتوقيه، إنما عليه أن يبذل السبب فحسب، فإن ما قدره الله عليه لابد أن يلحقه، وما لم يكن مكتوباً عليه فلا يمكن أن يقع عليه.
أحبوا بعضكم بعضًا، ولا تؤجلوا خططكم وأهدافكم، تصدقوا واعطفوا وتراحموا ولا تتزاحموا على البغض والعدوان، خصصوا الكثير من الوقت لأحبتكم كي لا يرحلوا ويأكل قلوبكم الندم، اتركوا حياتكم ناقصة لا تسعوا لاكمالها فالكمال لله وحده عز وجل، خالفوا هواكم وابتعدوا عما تتمنوا كثيرًا، ارضوا بالقضاء خيره وشره فكل أمرنا بيد الله. أما عن الحوادث، تلطفوا في أهل المصابين وارفقوا بقلوبهم، فلا تنشروا صور المصابين وهم في حالٍ يرثى لها ولن تنسى ولو بعد حين.