السبت 11 مارس
فين السلاحف بتوعي أنا عاوزة زيمو وزوم"، هذا ما تفوهت به وأنا في عمر يقارب الرابعة، فأخبروني أنهما بالمشفى، وصدقت، جلست أبكي بالشهور على فراق السلاحف، وبعد ٦ سنوات تشاء الصدفة أن أعرف أن سلاحفي ماتت. حينما كنت أبكي بعقل الطفلة على فأر قتله والدي في شرفة منزلنا، وفي عز نوبة البكاء أخبرونني أنه السبب في موت السلاحف فقد أكلهما فماتتا فحزنت من جديد على سلاحفي وكأنهما ماتا للتو.
أنا مي حمادة رئيسة فريق إسكندرية لإنقاذ السلاحف البرية، وسفيرة اليوم العالمي للحيوان، وخريجة كلية رياض الأطفال، وحاصلة على الدبلوم في الإعلام التربوي، عملت بالتدريس لفترة، ولكن لم أجد نفسي في أروقة المدارس، فقررت في عام 2008 التفرغ لإنقاذ الحيوانات البرية. عشت طفولتي بين القطط والسلاحف والعصافير، أشبه والدي جدًا في هذا الأمر، كنت دائمة الزيارة لحديقة الحيوان، حتى أن كل من هناك يعرفون مي الطفلة والشابة، أشعر وكأن بيني وبين الحيوانات رابط عميق لا أستطيع تفسيره، أحبها جدًا، وأحاول مساعدتهم قدر الإمكان، وإبعاد يد البشر التي تطالهم بسوء.
لماذا اخترت أن أكون منقذة سلاحف؟ لأنه لا أحد يهتم بها أبدًا، تحديدًا السلاحف تحتاج لمساعدة، أحيانًا تأتي لي بلاغات أن هناك سلحفاة بانتظار المساعدة، فأركض لاستلامها غير آبهة لوضعي النفسي والجسدي حينها، فأصل للمكان أطمئن أنها لم تُذبح بعد، فأحملها وأمشي بها لبيتي للاعتناء بها حتى تصبح معافية ثم أطلقها للبحر، لتعيش حياتها الحرة بعيدًا عن الإنسان.
قد يبدو شكلي مضحكًا أو مثيرًا للاستغراب وأنا أحمل سلحفاة وأتعثر بها لثقلها، الظاهر أني أحملها على يدي والحقيقة أني أضعها في قلبي خوفًا من أن يمسها أذى، أسمع عبارة دائمة يرددها الناس "البنادمين أولى بالاهتمام ده" لكن هم يقصدون الكلاب والقطط وليس السلاحف، ولم أواجه لمرة تقليلًا من عملي مع السلاحف، على العكس تمامًا من تعليق الناس على العناية بالحيوانات الأخرى.
أنا التي عرفتني حدائق الحيوان منذ أن كنت بظفائر صغيرة، ألهو هنا وهناك، أذهب للأقفاص التي تقيد الحيوانات وأتمنى لو انتزعتها واحدًا واحدًا، كانت أمنية طفولية وما زالت لدي، أتمنى أن تعود الحيوانات إلى مواطنها الطبيعية، أعتني بها في بيتي في فترة التأهيل، بأي حيوان يحتاج لاعتناء، يساعدني في ذلك أختي ووالدتي.
في فريقي العديد من الأعضاء، ولكن من يتفاعل أكثر ويحضر كل لقاء لنا حوالي 7 أشخاص، إضافة إلى العديد من المدعوين لأي ورشة توعوية للرفق بالحيوان، أخصص ندوات للأطفال لأعلمهم كيف يتعاملون مع الحيوانات بشكل شبه دائم، وأعقد جلسات نفسية للناس الذين لديهم خوف من الحيوانات.
أحيانًا أعلن عن عملية إنقاذ لسلحفاة فيأتي أشخاص يعرضون عليَّ الانضمام للمشاركة، ولكن عندما يحين وقت الإنقاذ يمسكون بهواتفهم المحمولة ويلتقطون الصور، ولا يقومون بأي عمل آخر! وهذا الأمر يستفزني.
أنقذت حوالي 109سلحفاة، وآمل أن يأتي اليوم الذي لا أجد سلحفاة لإنقاذها، وأن تصبح حكاية الإنقاذ ذكرى أخبرها لأحفادي، وأن تعيش الحيوانات آمنة لا يعذبها إنسان.