الثلاثاء 16 مايو
قنبلة غاز في عين طفلة لم تتجاوز الثلاثة أعوام، يا إلهي إنها طفلتي آيات، ومنذ ذلك الحين والغصة في قلبي تكبر ولا تشفى أبدًا، لاقت ابنتي الصغيرة الوجع بأنواعه، على يد الاحتلال. كبرت طفلتي وهي تعاني من عينيها، وتتنقل بين أروقة العيادات الطبية، أجرت العمليات لتحسن من وضع جفنها المنهدل، وتحسن ثم انتكست العين بشكل أكبر.
في الوقت التي كانت من المفترض أن تتابع مع الأطباء، اعتقلها جيش الاحتلال، لم يكفه مع فعله وهي طفلة لا تعي شيئًا، بعد انتهائها من الثانوية العامة، اعتقلها الاحتلال في العام ٢٠١٣ بالقرب من المسجد الإبراهيمي على الحاجز، بحجة حملها لسكين في حقيبتها لتنفيذ عملية طعن، وسجنت لعشرة شهور وأُفرج عنها. توالت الاعتقالات بعد ذلك، بحجج واهية، وهذا أثر على حالة عينها. مُنعنا من زيارتها مرارًا، كنا نراها في جلسات المحكمة فقط.
أُفرج عنها في العام ٢٠١٤، ولكن بحالة نفسية سيئة، والرؤية في عينها تتدهور، حيث واجهت تبعًا لذلك عجزًا في الحركة والكلام، وآلامًا في الرأس والقدمين. ركضنا فورًا إلى الأطباء فأخبروني أن ابنتي تحتاج إلى عملية بشكل عاجل بسبب وجود أكياس ماء في الدماغ. وبالفعل أجرينا العملية لها، وحين عودتها للمراجعة بمشفى المقاصد بالقدس، منعها الاحتلال من التصريح، فذهبت دونه مضطرة، واعتقلها الاحتلال بذريعة محاولة طعن. وهذا كان في عام ٢٠١٦، وحكم عليها بالسجن لمدة خمس سنوات، قضتهم في سجون الموت وسط إهمال لحالتها الصحية، مما أدى إلى تدهور وضعها، ومنذ انتهاء محكوميتها ونحن في دوامة لا تنتهي.
عاشت آيات حياتها وتأثير القنبلة التي ضريت برأسها يتفاقم، بدأت بنزيف داخلي، أثرت على شبكية العين فأصبحت لا تبصر إلا بعين واحدة، أجرينا عملية أولًا لرفع الجفن المنهدل، حدث تلوث خلال إجراء العملية ونقل فايروس إلها تسبب بأكياس مائية على الدماغ سامة، زرعوا في دماغها أنبوب ليصرف السوائل، طوله يزيد عن مترين، اعتقولها ولم يرأفوا بحالتها الصحية، خمس سنوات من دون متابعة طبية حتى تكونت كتل سوداء صغيرة في الأنبوب، عطلت من أدائه، وهذا أثر على وظائف جسدها الحركية. أجرينا عملية مؤخرًا لها بعد خروجها من المعتقل، وأزلنا الأنبوب، وأنا الآن أخاف من مضاعفات ما بعد العملية.
لأخبركم قليلًا عن طفلتي آيات، كانت طفلة مشاكسة تحب اللعب، محبوبة من الجميع، كانت تظن أن كل الناس يرون بعين واحدة مثلها، تفاجئت حين فهمت وضعها، وأثر على نفسيتها كثيرًا. قضيت سنوات خلف الجدران، كانت تخبرني أثناء الزيارات، بأنها تشتهي الدجاج المحشي من تحت يدي، وتتمنى الجلوس في الطبيعة تحت شجرتنا البرقوق واللوز، وأن ترى البحر وأمواجه العالية.
تعرضت للتعذيب على يد الجنود، في مرة ضربها السجان، وسحلها لمسافة ثلاثة أمتار، مما تسبب بآلام في رأسها حيث يوجد الأنبوب، ولم يراعِ حالة عينيها المتدهورة، ومرة أخرى تعرضا للضرب من سجانة بسبب تحريكها ليدها من دون قصد، فانفك "الكالبش" الذي لم يكن مغلقًا أصلًا بشكل جيد.
آيات تظل تردد "الله كبير.. يارب ارحمنا". كل ما تتمناه أن تعيش بصحة فقط من دون أوجاع وآلام، بابتسامتها الرضية واجهة مطبات حياتها، وما زالت تحمد الله في الضراء قبل السراء. دعواتكم لابنتي بالشفاء العاجل بعد عمليتها الأخيرة.