بنفسج

سمر عيسى

الثلاثاء 16 مايو

"بعد تقديم رسالة الماجستير توفرت منحة واحدة للدكتوراه والتي حصلت عليها صديقتي المقربة في نفس البرنامج، ولكن صديقتي لم ترد دراسة هذا التخصص فتمت إعطاء المنحة لي. ثم سافرت وحدي إلى النرويج، تحديدًا إلى تروندهايم، وكان هنالك تحديات اجتماعية كبيرة حيث كان يتحتم على ترك زوجي وطفلتي التي تبلغ من العمر عامان. وهذا يتحدى عادات وتقاليد سفر المرأة لوحدها حتى لو كان بغرض الدراسة، وسمعت الكثير قبل السفر واتهامي أنني أم أنانية وأن طفلتي ستنسى أمها. لحسن الحظ كان زوجي وأهل زوجي داعمين لي".

سمر عيسى بلوط، من رام الله، حاصلة على بكالوريس في علم النفس، وماجستير في علم النفس المجتمعي، ودرجة الدكتوراه من تروندهايم بالنرويج. تعمل في شركة خاصة تسمى Ducky AS متخصصة في موضوع البيئة والاستدامة، كباحثة ومطورة في مجال التعليم حول موضوع الاستدامة والبيئة.

لم تكن حياتها وردية في بدايتها؛ فقد وقفت بشراسة للدفاع عن أحلامها. في بداية دراستها التحقت بكلية اللغة الإنجليزية تبعًا لرغبة الوالد، ولكنها أرادت التحويل لتخصص علم النفس، فوعدت والدها بأنها ستحصل على مرتبة الشرف بالتخصص، وإن لم تفي بوعدها ستعود للتخصص الأول، وبالفعل حققت ما تريد وتميزت في تلك المرحلة وكتبت رسالة البكالوريوس حول تجارب مرضى السرطان في فلسطين.

وعملت في مجال التوحد، وتدربت كمختصة نفسية في وزارة الصحة، إضافة إلى عملها مع جميعة الياسمين لذوي الاحتياجات الخاصة، وتدريبها مع جمعية الصديق الطيب، وتعاملت عن قرب مع مدمنين المخدرات لتأهيلهم نفسيًا، وعملت أيضًا مع ضحايا التعذيب من قبل الاحتلال الإسرائيلي في رام الله.

تقول سمر عن منحة الماجستير: "بعد زواجي بفترة قصيرة، تم الإعلان عن منح لدراسة الماجستير بعلم النفس المجتمعي كأول برنامج في الشرق الأوسط، قدمت طلبي، وخضت عدة امتحانات ومقابلات من أجل الحصول على المنحة الممولة من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في مدينة تروندهايم. تم قبولي بالفعل، ولم يقبل به سوى ١٢-١٠ طالب في عام ٢٠٠٩. درسنا في البرنامج وقد كان البرنامج بالفعل جيد كونه كان مختلفًا جدًا عن دراسة علم النفس التقليدي الذي كان يقدس النظريات الكلاسيكية التي تنطبق على مجتمعنا".

واجهت سمر صعوبات عدة خلال مرحلة الماجستير أبرزها ولادة ابنتها كندة التي تزامنت مع اختباراتها، فقدمت أحد الاختبارات على سرير الولادة، فوجود طفلة ودراسة والموازنة بينهما لم يكن هينًا أبدًا، ومن حسن حظها أن زوجها وعائلتها وعائلة الزوج كانوا يدعمونها جدًا، فاستطاعت التخطي وإنهاء الماجستير بتقدير امتياز، كانت رسالتها عن "التعمق في تجربة أمهات أطفال مرضى السرطان ومدى التوافق النفسي لديهن في فلسطين".

تقول سمر عن رسالتها: "إن إصابة الطفل بمرض السرطان تحدث تغييرات على نطاق العلاقة مع الزوج، إلا أنه بعد استيعاب الصدمة، نوهت بعض الأمهات أن الزوج كان مساندًا منذ بداية الأزمة، وأن الترابط قد ازداد عن السابق. أما البعض الآخر فقد أثرت إصابة الطفل على العلاقة الزوجية بشكل سلبي، كما أن غياب الأم لفترات طويلة من أجل علاج الطفل المريض ينعكس بشكل سلبي على كل من الأم وعلى الأطفال الآخرين، حيث أن الأم يتملكها شعور بالذنب والتقصير حيال أطفالها، في المقابل فإن كثيرًا من الأطفال أصبحوا يعانون من مشاكل سلوكية وأكاديمية، خاصة في ظل عدم وجود من يقوم بتعويض دور الأم في الأسرة".

تضيف: "بعد تقديم رسالة الماجستير توفرت منحة واحدة للدكتوراه والتي حصلت عليها صديقتي المقربة في نفس البرنامج، ولكن صديقتي لم ترد دراسة هذا التخصص فتمت إعطاء المنحة لي. ثم سافرت وحدي إلى النرويج، تحديدًا إلى تروندهايم، وكان هنالك تحديات اجتماعية كبيرة حيث كان يتحتم على ترك زوجي وطفلتي التي تبلغ من العمر عامان. وهذا يتحدى عادات وتقاليد سفر المرأة لوحدها حتى لو كان بغرض الدراسة، وسمعت الكثير قبل السفر واتهامي أنني أم أنانية وأن طفلتي ستنسى أمها. لحسن الحظ كان زوجي وأهل زوجي داعمين لي".

في دراسة الدكتوراه استكملت سمر الدراسة بنفس الموضوع عن مرض السرطان باستخدام المنهج الكيفي، وأرادت أن يكون حول مواضيع مختلفة مبنية على رسالة الماجستير. كانت رسالة الدكتوراه حول هدم المحرمات حول مرض يهدد الحياة. مرض السرطان من خلال عدسة التعقيد الاجتماعي والثقافي: تجارب مقدمي الرعاية الأسرية وأطباء الأورام والمجتمع الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

سيرة سمر زاخرة بالإنجاز، شاركت في العديد من المؤتمرات المحلية والعالمية في فلسطين، الأردن، النرويج مدن مختلفة، الدنمارك، البرتغال، ألمانيا، هولندا، جنوب أفريقيا. ونظمت عددًا من المؤتمرات واللقاءات في النرويج حول العديد من المواضيع العامة المتعلقة بفلسطين.

تضيف: "دُعيت إلى العديد من المؤتمرات واللقاءات مثل ISFiT وهو أكبر مهرجان طلابي دولي في العالم، يقام في شهر فبراير في تروندهايم، النرويج. نحن نجمع الطالب من خلفيات وطنية وثقافية مختلفة للتحدث والتواصل من خلال مواضيع مختلفة ومهمة. دعيت أيضا إلى مهرجان Transform، وهو مهرجان موسيقي دولي سنوي يقام في تروندهايم ثالث أكبر مدينة في النرويج، حيث قمت بإعطاء محاضرة حول مرض السرطان في فلسطين.

 لا تتوقف سمر عن العمل الدؤوب، حيث قامت بدراسة حول أحد المدارس في ألمانيا، وعملت كمحاضر جامعي في مساقات مختلفة في علم النفس في الجامعة النرويجية للتكنولوجيا والعلوم في مدينة تروندهايم. وأيضًا عملت كمحاضر في جامعة بيرزيت لبرنامجي الماجستير والبكالوريوس في علم النفس فترة دراسة الدكتوراه.

تطمح سمر أن تعمل في المجال الأكاديمي مرة أخرى، وأن تعمل مع المؤسسات الطبية حول مرض السرطان عند الجالية العربية في النرويج. تختم سمر حديثها عن النساء وتقول: "المرأة جدًا قوية وبإمكانها تحقيق طموحاتها بالرغم من كل التحديات خاصة مع وجود عائلة مساندة، وعندما تحقق المرأة طموحها بتعليم وعمل أفضل بإمكانها أن تقوم ببناء مجتمع أفضل".