الثلاثاء 16 مايو
يقول طبيب: دخل بالأمس على العيادة ولد صغير لا يتجاوز عمره السنتين كان شديد الحركة يقفز هنا وهناك، يعبث بكل الألعاب والأدوات، قلَب العيادة رأسًا على عقب لعب بالكرسي، وبالأوراق على المكتب، أكل أكثر من عشر حبات حلوى". كان الوالدان ينظران إلى ابنهما بحرج وخجل شديد، نظرات الأهل كانت توحي بالغضب من الصغير، ونظراتي كان تقول لهما لا عليكما فقد عملت الفحص لهذا الصغير دون أن أتحرك من مكاني فقد قام الطفل بواجب الحركة بدلًا عني!
قال الأب بحرج: "كان يُعاني من خمول في البيت وما إن خرج من البيت ودخل إلى العيادة حتى استعاد نشاطه وقردنته انتعش فجأة". هذا ما قاله الاب حرفيًا. فقلت كطبيب: "طفلك سليم، مُعافى ربما كان يعاني من وعكة صحية ولكنه بخير".
هناك جملة شهيرة قالها الدكتور الكاتب أحمد خالد توفيق رحمه الله عن الأطفال "الجري وراهم أحسن من الجري فيهم". وقد شعرت بهذه الكلمات فعلًا حين مرض صغيري قبل أسبوعين تقريبًا بعد أن تناول "الآيس كريم المُثلجة"، تعب تعبًا شديدًا، خمول، هزل في الجسم، أعراض إنفلونزا، درجة حرارة مرتفعة، استفراغ، زيارات مُتكررة للطبيب.
لا أُخفيكم أني فقدت طاقتي ،قلتُ في نفسي صحيح أني تمنيتُ قبل يومين من المرض أن أجلس لوحدي بضع ساعات دون سماع ماما أُريد... ماما لا اُريد. ماما تعالي.. ماما جعت.. ماما وماما.. ولكني لم أكن ارغب في أن يمرض صغيري او أن يُصيبه مكروه.
فجأة وأنا أُقلب رسالة على الجوال لإحدى صديقاتي كانت قد بعثت لي هذه القصة، وهي لا تدري أصلًا بتعب صغيري عُمر ولكني ذُهلت حين قرأت هذه الكلمات "الجري وراهم أحسن من الجري فيهم". كأن هذه الكلمات كانت رسالة مُباشرة لي ولِما يحصل معي. فالحمد لله دائمًا على تمام الصحة والعافية لأبنائنا.
الرسالة اليوم: التربية أمرٌ ليس بالهيّن ولكن حين يقفز طفلك من هنا إلى هناك، حين يقلب البيت رأسًا على عقب، حين يبكي، حين يصرخ وحين يُفقدك صوابك فقط قولي الحمد لله، لأنه بكامل صحته وعافيته وقواه العقلية، احمدي الله لأنك "بتجري وراه مش فيه". وادعوا دائمًا "اللهم لا تُشقي لنا ذُرية، ولا تُشقنا بذُرية، وأصلح لنا في ذريتنا".