الثلاثاء 16 مايو
"صدقيني يا تسنيم ربنا بحبك وحبب خلقه فيك ويسرلك كل الناس تدعيلك"، هذا ما قالته صديقة لي بعد إتمامي لحفظ القرآن الكريم، لم تكن الرحلة يسيرة، بل شابتها العوائق وفتور الهمة والقلق، بدأت حكايتي مع حفظ القرآن منذ الطفولة وحتى الصف التاسع أنهيت حفظ عشرة أجزاء، ولكن لم يكن مثبتًا بشكل جيد، توقفت لبرهة من الزمن، وعدت بقوة في الجامعة، بدأت بسورة البقرة، واخترت صديقة لتعينيني وتشجعني على الاستمرار، كنا خير سند لبعضنا، وكل يوم كنا نحفظ صفحتين، حتى ٱنهيت الجزء الأول، فشعرت أن لدي القدرة على الحفظ أكثر، فأصبحت أحفظ 4 و 5 صفحات، ولم أخبر صديقتي حتى لا تفتر عزيمتها.
بعد حفظي لسورة البقرة بدأت مرحلة جديدة في الحفظ، فالتزمت بمركز التحفيظ في محافظتي التزامًا جادًا بمقدار حصتين بالأسبوع للحفظ، يقابلها حصتين للتجويد، "بتقرأي مثل الحجات من دون أحكام" كانت معلمتي تقول لي ذلك فأضحك، حتى تفوقت بالحفظ مع الأحكام وأصبحت من الأوائل على مستوى محافظتي بفضل الله.
كنت منظمة لوقتي بالحفظ؛ أصحو صباحًا فاحفظ صفحتين، وفي المساء أراجعهما مع حفظ صفحتين جديدتين، وبمجرد الانتهاء من حفظ جزء أخضع لامتحان فيه حتى أصل لثلاثة أجزاء وأنال شهادتها. وحين أنهيت 5 أجزاء أصبح النظام حصة للحفظ وحصة للمراجعة، وخلال هذا كله التحقت بمسابقات مع الأوقاف تُسمى بالمستويات تبدأ من 5 أجزاء حتى الجزء 25، وهذه المسابقات تساعدنا على التثبيت والمراجعة.
لم يكن المشوار يسيرًا منظمًا، حين التزمت في عمل تركت القرآن 3 مرات خلال 3 سنوات وكانت أطول فترة تركت فيها الحفظ لمدة سنة كاملة، عدت من جديد محبطة لا عزيمة لي على الحفظ من جديد، ولكن تغلبت على أهوائي واجتهدت جدًا حتى أنا أستغربت من نفسي كيف استطعت أنجز من جديد في فترة وجيزة. أنهيت العشرة أجزاء المتبقية في شهر واحد فقط. بعدها بدأت أراجع القرآن كاملًا استعدادًا للامتحان الوزاري، في اليوم كنت أراجع 6 أو 9 أجزاء بفضل الله.
لأخبركم عن السورة الأقرب لقلبي هي سورة يوسف، وهي من السور السهلة بالحفظ تليها سورة النساء، وأكثر آية أرددها دائمًا (قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب): سورة ص. الحياة لا تسير بدون داعمين نستند عليهم كلما مالت بنا الدنيا، أبي وأمي كانا خير داعمين لي، يراجعون معي القرآن ويشجعونني، وهذا له دور كبير في استمراري بالحفظ، إضافة للمعلمة التي كانت تحثني على الحفظ وتربط لي المتشابهات من الآيات، وما زالت تتعب معي، ولولا تشجيعها ما وصلت لما أنا عليه الآن.
أما الذي أقوله دائمًا لمن يريد الوصول لحفظ القرآن؛ من المهم أن نتغلب على وساوس الشيطان، وأن تكون نيتنا صادقة وندعي في كل سجود بأن يعيننا الله على الحفظ والتثبيت، ونبدأ بأسهل سورة أو أكثر سورة نحبها، ومن الضروري أن نلتزم بالحفظ في مجموعة وليس بشكل فردي لأنه لا يستمر، فالجماعي مشجع أكثر، ولا تؤجل الحفظ للغد، إن كنت تريد فابدأ فورًا. أطمح إلى أن أثبت القرآن أكثر وأكثر، وأميز المتشابهات بشكل جيد، وأن أكون سببًا في حفظ القرآن ونموذجًا ملهمًا للناس.