الثلاثاء 16 مايو
ارجعي ورا استني دورك، أنت اللي وراها مش شايفة منظرها بصي ليها بصي"، أستغرب أحيانًا كيف للإنسان أن يُهين إنسانًا آخر بهذا البرود دون مراعاة لوضعه الصحي أو النفسي، بكل جبروت ووقاحة يضغطون على قلبك بعنف، جمعت الدموع في عيني من هذا الموظف البغيض في جامعتي التي كنت أنهي معاملة ورقية بها، لم يكتف بما فعله، كلما كنت أقترب من المكتب لأستطيع تحديد كم بقي من الموجودين ليصل الدور إليَّ، فأهانني بشكل مباشر بعدها، كان هذا الموقف الأصعب لي.
أنا سلوى يوسف ليسانس وماجستير في التاريخ، ولدت كفيفة، كنت في طفولتي متقبلة لحالتي، على الرغم من أنني لم أكن ألعب مثل الأطفال، كنت أتعثر فألقى ردًا "خلي بالك"، "حاسبي هتقعي"، يكون هذا من بعض الأشخاص الذين لا يعلمون حالتي، فلا أهتم كثيرًا، في المقابل كان يُعرض عليَّ المساعدة "خليكي وأنا هجبلك"، "متقوميش". لا أذكر أنني تعرضت لموقف تنمر من البيئة المحيطة لي بل كانت خير داعمًا لي طوال حياتي.
وحين أُسأل كيف تتغلبين على التواصل مع الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أجيب: "بالبرامج الناطقة، أتصفح الفيس بوك والرسائل، ويساعدني في ذلك البرنامج الناطق بسهولة، وكلما تطورت التكنولوجيا تطورت تلك البرامج، وظل عائق الكتب التي لا تستطيع البرامج قراءتها فأحتاج لمتطوعين لقراءة الكتب والأبحاث.
طوال مسيرتي الدراسية تغلبت على كل عائق، حتى وصلت للماجستير، وحين أذكر هذه المرحلة فورًا يتبادر إلى ذهني دكتوري المشرف على رسالتي الذي كان خير داعم لي والفضل له بعد كرم الله، أدعو الله أن يمنحه الصحة ويطيل في عمره، لو بقيت أتحدث عنه أحتاج لساعات وساعات حتى أصف أخلاق هذا الرجل ومساعدته لي ورفعه لروحي المعنوية.
"دي رسالة دكتوراه مش ماجستير، أنتِ يا سلوى غيرتي وجهة نظرنا عن الحقبة التاريخية دي". شعرت بهذه الكلمات وكأن تعب السنوات تبخر، الكلمة الطيبة والتشجيع يرفعنا للسماء.
دعوني أخبركم عن تنقلي في الأماكن، أنا أتنقل لوحدي مع رفيقتي العصا، نمشي في شوارع القاهرة وحدنا، أحيانًا يساعدني المارة في توقيف وسيلة مواصلات، أو يأخذون بيدي لقطع الشارع نحو الجهة الأخرى، أما في باقي الأماكن أفعل كل شيء وحدي، وأود التنويه أنني كفيفة، نعم، ولكني أرى بنسبة ضئيلة جدًا. أطمح أن أكون معلمة لأعلم ما تعلمته، ويمن الله عليَّ بحفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر.