بنفسج

ماجدة صبحي

الثلاثاء 16 مايو

بدأت منذ ست سنوات في مشروع الحكاية وشكلت فريق حكايا مع ثلة من حكواتيين فلسطينيين من شتى مدن وقرى فلسطين، تقول "أختار القصة حسب المناسبة التي أُدعى لها وحسب الفئة العمرية والهدف المطلوب من صاحب الدعوة، لدي في مكتبي كتب توثيقية لحكايات وخراريف فلسطينية قيّمة أعتمد عليها كمرجعية في اختيار الحكاية ونوعها، فحكاياتنا الشعبية متشعبة؛ منها الطريف بهدف التسلية، ومنها تحتوي على الحكمة والموعظة والفراسة، ومنها ذات طرح اجتماعي أو سياسي وغيرها".

ماجدة صبحي، مواليد قرية بيت صفافا جنوب القدس، متزوجة وأم لأربعة أبناء وجدة لثلاث حفيدات، حكواتية ومؤلفة كتاب "زفة وزغرودة يا بنات"، متطوعة في الجمعيات الخيرية، والمراكز الثقافية لتنشيط الحراك الثقافي في مدينة القدس، ومعلمة أحكام التلاوة في المساجد ومحفظة قرآن.

بدأت منذ ست سنوات في مشروع الحكاية وشكلت فريق حكايا مع ثلة من حكواتيين فلسطينيين من شتى مدن وقرى فلسطين، تقول "أختار القصة حسب المناسبة التي أُدعى لها وحسب الفئة العمرية والهدف المطلوب من صاحب الدعوة، لدي في مكتبي كتب توثيقية لحكايات وخراريف فلسطينية قيّمة أعتمد عليها كمرجعية في اختيار الحكاية ونوعها، فحكاياتنا الشعبية متشعبة؛ منها الطريف بهدف التسلية، ومنها تحتوي على الحكمة والموعظة والفراسة، ومنها ذات طرح اجتماعي أو سياسي وغيرها".

من وجهة نظر ماجدة، فإن أهم ما يميز الحكواتي هو روحه وشغفه بمادة الحكاية والتاريخ والسرد، ومن المهم أن يمتاز بالجرأة والشجاعة، وأهم أداة للحكواتي العيون، كونها وسيلة الاتصال الأولى بينه وبين المتلقي، ثم باقي أطراف الجسد والصوت، فمن الضروري اختيار نبرة الصوت المناسبة لكل مقطع من مقاطع الحكاية، وأهم عامل لنجاحها كحكواتية سرعة البديهة والذاكرة وتدراك الموقف في حال نسيان أي شيء.

تقول ماجدة عن الصعوبات الحياتية " تزوجت باكرًا، فلم أكمل تعليمي الجامعي، وحرصت طوال حياتي أن أثقف نفسي بكل الوسائل المتاحة، والتحقت بعدة مؤسسات للعمل التطوعي، لمدة عشرين عامًا، وأسست جمعية تطوعية، وكنت سعيدة بها ولكن الاحتلال أغلقها بعد أربع سنوات من تأسيسها".

آخر ما أنجزته ماجدة وتفتخر به هو كتاب "زفة وزغرودة يا بنات"، استغرق العمل عليه ست سنوات، يحتوي الكتاب على عادات وتقاليد العرس الفلسطيني المقدسي، وتاريخه، والمؤثرات السياسية والتاريخية التي أثرت عليه. وضعت ماجدة فصلًا للأغاني الرجالية والنسائية الموروثة، وفصلًا للأمثال الشعبية، وكتبت عن حكايات الأعراس القديمة، أخذتها على لسان صاحباتها، رغبة منها في حفظ كل موروث قديم في كتابها ليكون مرجعًا تاريخيًا.

وعن الصعوبات التي واجهت الحكواتية ماجدة أثناء إعداد الكتاب، تقول: "أكبر صعوبة هي طول المدة الزمنية التي مكثت فيها بجمع وإعداد الكتاب، فقد كان يستغرق مني جهدًا ووقتًا لتحديد مواعيد مع من طرقت بابهن من كبيرات السن في القرية والتي أعرف مسبقًا أنهن من حافظات الأغاني وذاكرتهن غضة، فأنا أعتبر كل كبير في السن هو كنز بيننها علينا انتهاز وجوده لنأخذ منه صفحات تاريخنا وموروثنا الفلسطيني، إضافة إلى مروري بعدة مراحل في الكتابة والتحرير بسبب توسيع فكرة الكتاب التي كانت تأتيني بعد كل لقاء أجد فيه مادة جميلة لا أستطيع تهميشها، فأعود بمادة جديدة وفكرة جديدة، وبطبيعة الحال عليّ القيام بتغييرات جذرية على فصول الكتاب وهكذا".

لم يكن سهلًا عليها إطلاق كتابها، فتوقف إصداره في المطبعة لمدة عام كامل بسبب جائحة "كورونا"، ثم واجهت صعوبة في توزيعه أيضًا، ولكن كل المعيقات مرت وخرج الكتاب للنور. ماجدة تحب رواية الحكايات، فقد ورثت حبها هذا من والدتها، فكانت تروي حكاية نص نصيص والشاطر حسن، حفظت الأهازيج التراثية من حضورها للأعراس الفلسطينية منذ طفولتها، وخلال كتابة كتاب "زفة وزغرودة" حفظت أغاني جديدة.

أما عن الأغنية الأقرب لقلبها وتؤثر بها، فهي أغنية
تستاهلي يا دارنا حنة وأحني إيدية
ياللي لميتي شملنا الخيّ مع اللخيّة
تستاهلي يا دارنا حنّة ونقش جديدِ
ياللي لميتي شملنا على ليالي العيدِ

تقول: "هذه الأغنية لها ذكرى تؤثر بي، وهي لم شمل الفسطيني من الشتات في مناسباتنا الصيفية، فذاك جاء من الكويت، وذاك من الدنمارك، وهذا من كولومبيا، تثير هذه الأهزوجة مشاعر جميلة في روحي".

تكمل، وأيضًا اغنية:
"يمه أعطيني الفدائي لو بقرشين
دخل الارض المحتلة بإيده مارتين
يمه أعطيني الفدائي لو ابلاش
دخل الارض المحتلة بإيده رشاش
"لِما لهذه الأغنية من ذكريات لدي حينما كانت تغنيها النساء بالزفة أيام السبعينات وأنا صغيرة، فأتخيل نفسي والفدائي فارس أحلامي ذاك الشاب الفلسطيني يلبس الكاكي وقد أتى من الحدود اللبنانية، فأبتسم وأقول لنفسي ما أجمل البراءة وأبسط أحلامنا".

العائلة كانت الداعم الدائم للحكواتية ماجدة؛ فشجعوها على السير قدمًا في مجال الحكاية، حفيدتها نادية البالغة من العمر ثلاث سنوات تحترف الحكاية وتقلدها، وتغير في صوتها وملامح وجهها حين تروي، ووتوقع ماجدة أن تكون وريثتها من بعدها.  تسعي الحكواتية إلى توثيق الأغاني والحكايات عبر التسجيلات الصوتية والفيديوهات كي يتسنى للجميع الوصول لها ومعرفة ألحانها وتسهيل استخدامها بمختلف المناسبات.

تدعو ماجدة كل سيدة فلسطينية بأن تهتم بالتراث الفلسطيني ككل، سواء الأغاني والأهازيج التراثية وخلافه من تراث، وتوريثه للأطفال وتعليمهم إياه ليبقى مخلدًا باقيًا.