الأربعاء 17 مايو
"بعد ما شاب ودوه على الكتّاب" قيلت لي مرارًا وتكرارًا، كنت أرى في عيونهم ذلك وأبتسم حين أسمع، وأتغاضي، وفقط أعمل خلف الكواليس لأحرز النجاح الذي أريد." أنا غناء البرغوثي، من كفر عين، رام الله، أُجبرت إثر الظروف التي رافقت الانتفاضة الفلسطينية الأولى لترك المدرسة، وكنت حينها في الصف التاسع.
بعد سنوات عديدة منحني الله فرصة أخرى وأُرشدت للطريق أردت أن أكمل ما بقي في منتصفه، فتقدمت لامتحان مستوى ثم التحقت بالثانوية العامة لأصبح طالبة من جديد، واليوم حصدت نتيجة تعبي ونلت معدل 84%.
عملي كعاملة مساعدة في مدرسة كفر عين ساعدني كثيرًا، فمديرة المدرسة شجعتني للمضي قدمًا على التسجيل للدراسة، لم يكن وقتي يتسع للدارسة بجانب بالعمل، فتولى أبنائي تدريسي ومساعدتي، ابنتي ميرال التي تدرس الصحافة والإعلام، تساعدني في مواد اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا، أما عن أبنائي الآخرين كل منهم أخذ مادة ليدرسني، فمنهم من تولى الإنجليزية، والآخر كانت مهمته شرح دروس الرياضيات والعلوم والإدارة.
وإن واجهتني صعوبة في الفهم، أحرص على إنهاء عملي مبكرًا لالتحق بحصة الرياضيات لفهم ما لم أستطع فهمه. بالرغم من عملي الشاق ومهماتي المنزلية إلا أن حلم النجاح كان أملي الوحيد، كل فرحة في حياتي من زواج وإنجاب وخروج الأحبة من الأسر، سعدت بها جدًا، لكن طعم هذا النجاح له مذاق مختلف، إنه الأشهى والأجمل.
لا تسير الحياة بدون أحبة نستند عليهم، كان زوجي خير داعم، يشجعني بكلماته الجميلة الداعمة، وأبنائي كان لهم الفضل بعد الله، في فترة الامتحانات كان البيت على قدم وساق وفي حالة استنفار تامة، للحصول على المُنى، لأرى نظرة الفرح في عيونهم جميعًا وفي عين والدي الذي تجاوز الثمانين.
كانوا يسألونني دائمًا، كم تتوقعين؟ توقعت 84 ونلتها تمامًا، فكانت لحظة الحصول على هذا المعدل جميلة للغاية، سأكمل المسير وسأدخل كلية التربية، وأحقق حلمي في أن أصبح معلمة.