بنفسج

قصتي.. دعاء الريفي

الأربعاء 17 مايو

"أنت لست مريض بالسرطان حبيبي من قال لك هذا الكلام أنت طفل بريء يعاني خطأ طبي روح غزة أذبح خروف خبيبي لأنك عايش! أنت كل ما تحتاجه منذ البداية نظارة شمس تلازمك أوقات خروجك من البيت". كيف ولماذا وأين ومتى؟ هل حقًا حدث لي كل هذا؟ كيف!! كُنت أنا تجربة لضحية خطأ طبي أو لربما كنت معجزة أو حُلمًا، أو شيئاً آخر، لا أدري. ولكن سأبدأ الحكاية لربما أجد ملاذًا آخر ينصحني أحدهم به أو ألوذ به قبل فرار الكلمات من فمي، أو تكون تجربتي هذه تريح الصابرين أمثالي الذين عانوا أخطاء طبية دمرت حياتهم وأفقدتهم الشغف، ولكنهم عادوا أقوى من ذلك.

"أنت لست مريض بالسرطان حبيبي من قال لك هذا الكلام أنت طفل بريء يعاني خطأ طبي روح غزة أذبح خروف خبيبي لأنك عايش! أنت كل ما تحتاجه منذ البداية نظارة شمس تلازمك أوقات خروجك من البيت". كيف ولماذا وأين ومتى؟ هل حقًا حدث لي كل هذا؟ كيف!! كُنت أنا تجربة لضحية خطأ طبي أو لربما كنت معجزة أو حُلمًا، أو شيئاً آخر، لا أدري. ولكن سأبدأ الحكاية لربما أجد ملاذًا آخر ينصحني أحدهم به أو ألوذ به قبل فرار الكلمات من فمي، أو تكون تجربتي هذه تريح الصابرين أمثالي الذين عانوا أخطاء طبية دمرت حياتهم وأفقدتهم الشغف، ولكنهم عادوا أقوى من ذلك.

منذ أن كان عمري اثنا عشرة سنة أن كانت شكوتي أني لم أعد أستطيع أن أرى سوى بغبشة في عيوني، ولكن نظري كان حينها ٦/٦ إلا أن أصبحت أبلغ من العمر أربعة وعشرون عامًا كنت فى رحلة العلاج من مرض مزمن يدعى الكانسر . كلمة كانسر أهون بكثير من أنك مصاب بالسرطان، في حين أن المجتمع آنذاك ينظر إليك بنظرة شفقة دائمة حتى لو أ"شفيت منه، أو أخبرته بأنك ليس مصابًا بهذا، أو أنه خطأ طبي بالتشخيص، بل تزيد الشفقة عليك أكثر مما كانت، فتحمل اللقب وكأنه عار عليك إلى مدى حياتك.

أسئلة دامت تراودني لماذا أنا؟! عندما أخبرني الطبيب المعالج في الأراضي المحتلة بعدما استيقظت من غيبوبة الموت دامت أسبوعًا فأكثر ،قال لي أنتِ معجزة
بعد عدة تحاليل جديدة قاموا بها، قالها ولم أنس كلامه: صدمت حينها، فلم تكن مشاعري أقل صدمة منى ودهشة، فلم أكن أعرف هل أبكي على سنين عمري التى تنقلت حينها من مستشفى إلى أزقة مستشفى آخر!! أو من عيادة إلى أُخرى!؟ أو من مرض إلى حمة أخرى لم أكن أشكو منها من قبل!! أو من عطل جديد ألم بجسدي غير الذي كان! أو من دواء إلى دواء أمر منه أو من حقنة أكبر من أختها جلدت جسمي حتى أزرق وتورم من الألم أو من نكهة الدماء في فمي كلما أتناول طعامي!

أم من موتي من حين إلى آخر وأنا ما زلت أتنفس!! أم أبتسم لأنه لم يكن بي شيئًا من الأساس، وأنني كنت ضحية أو لعبة بيد الأطباء حتى وصلت لأن أصاب بالكانسر في نهاية المطاف وأني في مراحل حياتي الأخيرة. ويجب عليا أن أودع ما أعرفهم لأنني ربما أعود أو لا أعود..

سأكمل قصتي التى لم أذكرها للكثيرين من قبل لكثرة ما عانيت. كنت أتسأل عندما يأتي الأعلام ويقول لي نود أن تخبري العالم إهمال الأطباء في مدينتك. أتسأل: ماذا يفيد البوح؟ هل ستعاد لي أعوامي الإثنا عشر الماضية؟ وكل حلم حلمت به وكل خروجة تمنيتها وكل لعبة حلمت بركبها، وكل نبضة خسرتها في تلك السنين؟!

بالمناسبة أنا لا أحب التقاط الصور، ولم أكن أستطيع البوح ،فكنت صندوق صلب أسكت صوتي الموجوع الباكي بداخلي وأمضي في سبيل أنني ولدت من جديد، ولم أعد أنا تلك الفتاة التى كانت أنا، فكان البوح بالنسبة لي كالسيف كلما أقوله أقتلع به زاوية من زوايا روحي الموجعة.

لأني لا أريد أن أفتح جراحًا دفنتها في صدري لعدة أعوام حتى أكون تلك الفتاة التى ترغب بكونها يومًا ما دون شفقة أحدًا عليها.. الآن، ما دمت أستطيع أن أكسر حاجز الخوف الذي لازمني لسنين لأبوح عما عشت من حياة، لأنني أرغب بالبوح لأنني بالأصح أصبحت ما أرغب بكونه دون مساعدة أحد، ودون علم أحدًا بقصتي هذه، لتكون تجربتي هذه سبيل الكثيرون للنجاة من الهلاك المكتوم بداخل ذواتهم الطيبة.

أين؟ نظرت بالمرآة إذا بأني فتاة يافعة، شكلي بالمرآة يوحي بأني كبرت حقًا، فلست أنا تلك الفتاة التى كان كل حلمها أن تركب أرجوحة في العيد ولا تلك الفتاة التى كانت تحلم أن تذهب إلى القطان لتسمع قصة مع الأطفال، ولا حتى بتلك الفتاة التى كانت تدق على أبواب الجيران وتهرب وهي تضحك بمرح وفرح مع الأطفال بالحي.

 فقدت الكثير من وزني الكثير من شعري الكثير من بهجتي الكثير والكثيرة من صحتي التى كانت ما تزال متبقية مني، وها أنا سأبدأ برحلة جديدة من العلاج علاج العطل الذي ألم بجسدي أثر الأدوية الخاطئة طيلة السنين، وبدأت بالفعل ماذا قال لي الطبيب في مدينتي، أنتِ لا تستحقين السفر للمراجعة لأنه لم يعد بكِ شيئًا، ولكن يمكننا أن نكمل الدراسة التى بدأ الأطباء بها هناك.

هل حقًا سأصبح دراسة جديدة يقام عليها الأطباء! لأني معجزة حييت رغم فقدان أمل الكثير من الأطباء؟! قلتها لربما لا أستحق، ولكن أنت أيضًا لا تستحق أن تقوم بدراسة بي دون مجهود منك لكشف علتي السابقة، ألم تكن أنت الذي أرسلتني على نعش من الموت في الأسعاف؟! لأنني كنت حالة ميؤس منها من العلاج؟! قال لي كل شيء قد مضى ولم يعد بك شيء. أخبرته بأني لست دراسة لأحد ولا أريد أن أكون تجربة أخرى، ومضيت في طريقي الذي رسمته مسبقًا. متى؟! أكملت: كل ما أحب بتوقيت الله الذي لا يعلمه سواه.