في عصر التكنولوجيا الرقمية والسرعة التي نعيشها، وإحاطة أطفالنا بالشاشات والأجهزة الإلكترونية من كل مكان، لا سيما وأن الألعاب الإلكترونية قد تحولت إلى رفيق دائم لهم، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ملاذًا للتواصل والتفاعل، تواجه الأم تحديًا أكبر وأصعب في ترغيب أبنائها في الصلاة وتعويدهم عليها، وتتساءل بحيرة: "ما العمل؟ كيف أحبب أبنائي في الصلاة؟".
أجل عزيزتي، لقد أصبحت التكنولوجيا، ليست فقط جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، بل أيضًا فرصة لاستخدامها بشكل إيجابي لترغيب الأطفال في الصلاة. في هذه المقالة سنستكشف معًا استراتيجيات فعّالة لترغيب طفلك في الصلاة، وسنتعلم كيفية استخدام التطبيقات الذكية والألعاب التفاعلية والمنصات الاجتماعية لتعزيز تفاعل الأطفال مع الصلاة، وتشجيعهم على ممارستها بانتظام.
سنتعرض لأفكار إبداعية قد تلهمك وتساعدك في تحفيز أطفالك على التواصل مع الله بطرق جديدة ومشوقة، كذلك سنقتبس أفكارًا من دول مجاورة قد تلهمك تجربتهم، فاسمحي لي أن اصطحبك في جولة ممتعة ومليئة بالمغامرات لاستكشاف كيف يمكننا دمج التكنولوجيا والصلاة بطرق مبتكرة، لتصبح جزءًا حيويًا من حياة أطفالنا في هذا العصر المذهل وتمده بقوة الروح والتواصل القريب مع الله.
استراتيجيات فعالة لترغيب طفلك بالصلاة
أمرك لطفلك بالصلاة دون قدوة حسنة يحاكيها، عملية صعبة مرهقة على طفل صغير، فهو يتعلم بالقدوة بشكل أكبر من التلقين بما يقارب 70٪، فيجب أن نكون نموذجًا حسنًا له. والقدوة تحتم عليك ألا تتأففي من الصلاة وتقولين مثلًا "الحمدلله صليت وخلصت، أو هم وانزاح"؛ فانتبهي للكلمات التي تذكرينها عن الصلاة.
كما يجب ألا تصرخي على أطفالك بعد الصلاة، لأنهم كانوا يلعبون ولم يسمحوا لك بالتركيز فيها، ولا تصفقي أو ترددي الله أكبر مع صوت يهدد بالنذير، فيجب أن يرى الطفل منك الحضور والتأدب مع الله أثناء الصلاة.
| كوني له قدوة حسنة: أمرك لطفلك بالصلاة دون قدوة حسنة يحاكيها، عملية صعبة مرهقة على طفل صغير، فهو يتعلم بالقدوة بشكل أكبر من التلقين بما يقارب 70٪، فيجب أن نكون نموذجًا حسنًا له. والقدوة تحتم عليك ألا تتأففي من الصلاة وتقولين مثلًا "الحمدلله صليت وخلصت، أو هم وانزاح"؛ فانتبهي للكلمات التي تذكرينها عن الصلاة.
كما يجب ألا تصرخي على أطفالك بعد الصلاة، لأنهم كانوا يلعبون ولم يسمحوا لك بالتركيز فيها، ولا تصفقي أو ترددي الله أكبر مع صوت يهدد بالنذير، فيجب أن يرى الطفل منك الحضور والتأدب مع الله أثناء الصلاة. عند السلام منها احضني طفلك، امسحي رأسه، قبّليه، واجعليه يرى وجهك مرحا بشوشا تعلو روحك السكينة والهدوء، فبذلك ترتبط الصلاة في عقله بمشاعر جميلة أهما السلام النفسي.
| خاطبيه بأسلوب ليّن: طفلك الأول ليس كالأوسط، والأوسط ليس كما الأصغر، الولد غير الفتاة، فلكل عمر وجنس أسلوبًا يناسبه ويتلاذم مع صفاته الشخصية التي تعرفين مفاتيحها جيدًا كأم لهم، ولكن كل تلك الاختلافات يشملها ويوائمها الأسلوب الهين اللين الجميل؛ فالنصح وترقيق قلب طفلك لترغيبه في الصلاة.
وتذكري القدوة تكون؛ فالكلمات أيضًا وليس الأفعال فقط، والإنسان اللين هو الأقرب للقلب، ونصحه أقرب للإجابة من الغليط، وبهذا أوصى الله نبينا محمد" ولو كنت فظا غليط القلب لانفضوا من حولك..".
اقرأ أيضًا: كيف ينشأ أطفالنا على حب القرآن؟
| أفهِمِيهِ..لا تأمريه: كطفل صغير يود اللعب، لماذا يجب عليه ترك متعة اللعب والذهاب للصلاة؟ إذن يجب عليكِ أن تشرحي له مسبقًا سببًا يوضح ذلك، فيجب أن يعرف لماذا يصلي؟ اشرحي ذلك بشكل مبتكر ومناسب لعمره، وابتعدي عن الأسلوب التقليدي أو الشديد وخاصة في الجلسات الأولى التي سنترك فيها انطباع أولي دائم في عقل الطفل، لكي نترك له ذكرى رائعة تحفزه دائمًا، وذلك يأتي باللين والتفهم والصبر على أسئلة الطفل، وسرد الأمر له بشكل ممتع وجميل يرغبه فيه.
| وضوئي نوري: على الرغم من حب الأطفال للمياه، إلا أنه من أشهر الخداعات التي يتمتع بها الأطفال في تلك المرحلة هو الصلاة دون وضوء أحيانًا، وبرأيي فإن كثير من الأطفال يفعل ذلك لسببين: إما استثقال أمر الوضوء، أو لأن التركيز الأكبر من الأهل كان على الصلاة دون الوضوء.
ومع ذلك فإن علاج الأمر من بدايته جدًا بسيط، فعندما يفهم الطفل لماذا نتوضأ، وما هي أهمية الطهارة، ولماذا حرص الإسلام عليها بشكل عام وارتباطها بالصوات الخمس خاصة، ولماذا تلك الأجزاء خاصة دون غيرها، ستترسخ القناعة بعقله وقلبه ولن يقصر بها. لذا عليكِ أن تبسطي له الخطوات وترتيبها، استعيني بالمجسمات والصور الملونة، وكافئيه على محاولاته، حتى لو أخطأ، وأخبريه أنها النور اليومي لنا ويغسل الله ذنوبنا ولذلك سُمي الوضوء بهذا الاسم، فكلما توضأ طفلك تذكر تلك المعاني وكانت محركًا له للإقبال عليها.
| اجعليها عبادة ممتعة: وفري له جو مناسب للصلاة، وخصصي له ملابس وسجادة ومصحفًا خاصًا بهم، استخدمي مثيرات حسية كمعطر للسجادة أو بخور فتحفيز الحواس بالصلاة أدعى للشعور بالحضور والسكينة والسعادة، واسمحي لطفلك بمشاركتك في تجهيز ركن الصلاة، فهذا ينمي لديه الشعور بالانتماء.
| روتين "صلاتي حياتي": علمي طفلك أن يقسم مهمات اليوم وفق الصلوات الخمس، ويكون الصلاة متنفس بين المهمات وشحذًا للطاقة، وبهذا تكون الصلاة البداية والنهاية لكل عمل، والمتنفس بينهما وروتين الحياة الجميل لنا.
اقرأ أيضًا: لـ عبدالله عبد المعطي: "4" كتبٍ تفتح آفاقًا للتربية
| كافئيني أمي: حددي أهدافًا ومكافآت صغيرة للأطفال عندما يصلون بانتظام ويتقيدون بوقت الصلاة. يجب أن تكون هذه المكافآت ملائمة ومناسبة للعمر والاهتمامات الشخصية للطفل.
| استغلي حبه للتكنولوجيا: اقتنصي الفرصة واستغلي حبه للتكنولوجيا لترغيبه في الصلاة، لكن كيف؟
| كيف أصلّي أمي: اشرحي له كيفية الصلاة بشكل مبسط وعملي ومبدع، يمكنك الاستعانة بوسائل متنوعة تكنولوجية وغيرها، فيمكنك أن تعلميه بالمحاكاة لك، أو تجعلينه يشاهد فيديو لرسوم متحركة تشرح كيفية الصلاة. كذلك يمكن تعليمه من خلال الدراما، بأن يقوم الأب والأم بأداء مشهد تمثيلي عن الصلاة، ويقوم أحدهما بدور الطفل ويطرح كل الأسئلة التي قد تتبادر لذهن الطفل في هذا العمر، ولا تنسي إضافة المرح للحبكة الدرامية.
اطلبي من طفلك أن يصلي بصوت مرتفع فالبداية حتى تذكريه إن نسي، وستقولين له ذلك، حتى أذكرك إن نسيت ولن تقولي أخطأت، واسمحي له أن يؤمك بالصلاة، فهذا يجعله يشعر بأنه قائدًا ماهرا يتقن شيئًا جديدًا جميلًا، ويعطيه ثقة بذاته ويرغبه في الصلاة.
| تطبيقات الهاتف: هناك تطبيقات تتضمن إرشادات مفصلة حول الأدعية والحركات الصحيحة في الصلاة، بالإضافة إلى توقيت الصلوات وتذكير بمواعيدها. يمكنك الاستعانة بهذه التطبيقات التفاعلية، وتشجيع طفلك على تسجيل تفاصيل صلاته ومكافأته عند أدائه الصلاة بانتظام.
| وسائل التواصل الاجتماعي: اسمحي لطفلك باستخدام منصات التواصل الاجتماعي لتشجيعه على مشاركة تجاربه وتحفيزه على أداء الصلاة، كإنشاء مجموعات أو صفحات خاصة للأطفال تتيح لهم التواصل وتبادل الخبرات والتحفيز المتبادل في ممارسة الصلاة. يمكن استخدام هذه المجموعات لتقديم نصائح وفيديوهات تعليمية قصيرة وتشجيع الأطفال على الاستمرار في أداء الصلاة، وعقد مسابقات وتحديات الكترونية بينه وبين الأطفال.
| الاستخدام البصري: استخدمي الرسوم المتحركة أو الأفلام القصيرة لتوضيح أهمية الصلاة بشكل مبتكر ومشوق. يمكنك إنشاء قصة مصورة تعرض أحداثًا توضح كيف تؤثر الصلاة في حياة الأشخاص بطريقة إيجابية، مثل السعادة والسلام الداخلي والتواصل مع الله. يمكنك أيضًا استخدام الألوان الزاهية والشخصيات الجذابة لجذب انتباه الطفل وتعزيز تفاعله.
اقرأ أيضًا: كيف تُبنى نواة العقيدة؟ [7] مفاتيح للإجابة
| اللعب التعليمي: استخدمي الألعاب التعليمية لتوضيح أهمية الصلاة وكيفية أدائها بشكل مبتكر، مثل ألعاب اللوح أو بناء نماذج للمسجد أو الصلاة.
| القصص والحكايات: يمكن للوالدين أن يبتكروا قصصًا تسرد تجارب أطفال آخرين حول كيفية تأثير الصلاة في حياتهم، بحيث تتضمن هذه القصص مواقف ومغامرات مشوقة تعلمه بشكل ممتع عن أهمية الصلاة.
| الأنشطة التفاعلية: يمكنك إنشاء أنشطة تفاعلية تشجع الطفل على استكشاف أهمية الصلاة. على سبيل المثال، يمكنك تخصيص جدول صلاة خاص بالطفل واستخدام ملصقات أو ألوان لتتبع صلواته. يمكنك أيضًا إنشاء لوحة ممغنطة تحتوي على أذكار الصلاة التي يمكن للطفل استخدامها أثناء الصلاة.
أفكار ملهمة من دول مجاورة
| لعب بالمسجد كما يحلو له: من الأمور الجميلة الممتعة التي جذبت انتباهي في دولة مثل تركيا هو طريقة تعاملهم مع الأطفال في ما يتعلق بالصلاة، فعلى الرغم من شهرتهم بالعصبية السريعة إلا أني وجدت منهم حلمًا كبيرًا علي غير عادة بعض الدول العربية في نقطة مهمة جدًا، وهي "لعب الأطفال في المسجد أثناء أداء صلاة التراويح"، فنجد الجميع يتقبل الأمر بصدر رحب دون أن ينهروا الأطفال، بل أن المسجد يتوافر به ألعاب لهم كي يلهو بها وقت الصلاة، وإذا علا صوتهم زيادة عن المعتاد، تفاجئت بأن الإمام يعدهم بالهدايا إذا لعبوا بهدوء أكثر حتى انتهاء الصلاة، وبالفعل ينفذ وعده في الحال، حيث أن غرفة الإمام بها هدايا دائمًا تناسب البنات والأولاد الذين يصطفون لأخذها فرحين.
وأحيانًا أخرى نجد الإمام ينظم لهم الألعاب والمسابقات المتنوعة والأنشطة المرتبطة بالصلاة، مثل تعويدهم على الاعتكاف بنصب خيام صغيرة تناسبهم داخل المسجد وغيرها الكثير ما يرغب الطفل بالصلاة ويراعي طبيعته الشخصية. ليس هذا فحسب، بل من الملفت للنظر هو وجود حديقة ألعاب مجانية للأطفال بجوار كل مسجد، إذ يمكنهم اللعب بها حتى انتهاء والديهم من الصلاة.
| نقود في حذائي: من عادات الأتراك أيضًا إذا وجدوا حذاء طفل صغير أمام المسجد وضعوا له بعض النقود داخله، فيفاجئ بها الصبي عند خروجه ويرغب فالقدوم من جديد للصلاة بالمسجد.
| صلاة الفجر"دراجة": تنظم إدارة بعض المساجد بتركيا أيضًا مسابقات بين الأطفال لمن ينتظم على صلاة الفجر لمدة 60 يومًا، حيث يحصل الفائزون بها على دراجة قيمة جدًا يحبها الأطفال ويرغبون بها، ويحققون هدفًا فريدًا كالحفاظ على صلاة الفجر، وتكوين عادة يومية جميلة بمعدل تلك الأيام الستون، فما أجملهم.
اقرأ أيضًا: أطفال المساجد: عن التربية بين القباب والمآذن
تذكري.. يجب أن تبدئي تعويده الصلاة منذ الصغر؛ فالأمر يصبح أشق على نفسه كلما كبر، ويحبذ أن تستغلي مواسم الطاعات مثل شهر رمضان التي تتلاقى فيها العائلة بشكل أكبر، فهذا ادعى لترغيبه بالصلاة والحفاظ عليها. كذلك نظمي له حفلة إذا انتظم بالصلاة لمدة ٦ أشهر وقومي بدعوة أصدقائه ومن يحب بها. واغرسي حب الله ورسوله في قلب طفلك، علميه أحاديث النبي عن الصلاة، وكيف كان يرى فيها راحته وقرة عينه، وكيف أنها وسيلة لملاقاة الله، فإذا تعلق قلبه بالله ورسوله تعلق ولابد بالصلاة وأحب لقاءه فيها.
وفي النهاية لا تنسي أن الترغيب يكون من عمر سبع إلى عشر، وما بعد ذلك فهو صبر ومتابعة دون تكذيب، فترغيب الأطفال في الصلاة يحتاج إلى صبر وتفانٍ. ويجب عليك ووالده أن تتعاملا بحنكة وحب، وأن تكونا متسامحين ومتفهمين تجاه تحديات الأطفال في الحفاظ على العبادات اليومية وبناء علاقة قوية مع الصلاة والاستمرار في أدائها بحب وانتظام.