السبت 22 يوليو
"حبيبتي يابا.. فخور فيكِ رفعتي راسي".. كنت أتمنى لو كان بيننا يجلس بجانبي لأرى دموع الفرحة في عينيه لحظة نجاحي، لأقفز في أحضانه التي حرمت منها منذ أن كنت طفلة، لأخبره بأني أحبه أكثر من أي شيء في الدنيا، أن تكوني ابنة أســ.ـر يعني أن تُحرمي من أي فرحة كاملة، دائمًا تراودك الغصة التي تجعلك تختنقين من فرط الشعور بقلة الحيلة، وتقولين: "بس لو كان بابا بينا كان فرحنا أكتر".
أنا تسنيم أنور العصا من بيت لحم حاصلة على معدل 94%، كنت أتوقع أن أحصل على 96%، فور أن تلقيت النتيجة بكيت من قلبي، كنت أطمح للأعلى ولكنه أمر الله وقد رضيت كما علمتني أمي الصابرة التي اتخذها قدوتي في الصبر والرضا.
كان شعاري الدائم أثناء الثانوية العامة "بتنظيم الوقت تحلو الحياة".. درست كثيرًا ولساعات متواصلة دون كلل أو ملل، كنت مغرمة للغاية بمادة الرياضيات والفيزياء، أستمتع خلال دراستهم وأتعامل مع المسائل الرياضية كصديق عزيز لي. وكنت في هدنة مع مادتي اللغة الإنجليزية والكيمياء أحاول أن أتقبلهن، أمنحهن الوقت الأكثر حتى لا أخفق بهن.
لكل منا طقوسه الخاصة في الدراسة أنا من اللواتي يدرسن بصوت عال ويمشين إيابًا وذهابًا، وهذا يفيدني في عملية الحفظ والإنجاز أكثر. إن الدنيا لا تسير إلا بكتف حنون يهون علينا ثقل الحياة، أمي كانت سيدة القلب الأولى في حياتي، والحبيب الغائب في سجو.ن الاحتلا.ل والدي لم يتوان عن تقديم الدعم لي من خلف الأسوار العاتية التي فرقتنا كان يقول لي: مش مهم المعدل المهم متخافيش أنت عملتي اللي عليكِ". فابتسم للرجل الذي تركني طفلة ولم يعش معنا أي لحظات فرحة، وأظل أتساءل أي صبر هذا يا أبي! حسنًا أنا لن أخذلك سأنجح لأجلك ولأجل أمي.. ستفتخر بي بين زملائك الأســـ.ـير وتقول لهم: هي تسنيم بنتي تفوقت. وفعلتها يا حبيبي حتى أسمع صوتك الندي وأنتِ تبارك لي، وبحة الفرح في صوتك، كنت أود أن ألقاك وجه لوجه.
ها نحن نتظرك أنا وأخي الذي سيكون في الثانوية العامة العام المقبل: سأظل أقول له يا توجيهي مثلما كان يفعل، وأأمل أن تكون معنا في العام القادم. لم يكن العام كله ورديًا واجهت المرض وجهًا لوجه وقفت أحارب وهن جسدي قبل الاختبارات بأشهر قليلة، أدرس بجد ولا يهم المرض، تخطيت مرضي في تلك الفترة وبقيت كما أنا أنفذ جدولي الدراسي حتى وصلنا لنهاية المطاف، وها أنا حصدت نتاج تعبي. لم أقرر بعد إلى أين ستأخذني سفينة الحياة ولكن الخيار الأول والمرجح كلية الطب مثلما تحب عائلتي أن أكون.