الخميس 03 اغسطس
تبدو شوارع وأزقة المدن قبيل استقبال حجاج بيت الله الحرام، أشبه بقاعات احتفال، تتوشح بالأعلام الملونة والأضواء والورود، في ما تتزيم جدران الأحياء، بعبارات وجمل ترحيبية خطت بألوان زاهية، لأسماء الحجاج وألقابهم. "حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا" قد لا يخلو شارع يسكنه حاج من شوارع الأحياء الفلسطينية من تلك العبارات والتهاني، كما تصبح بيوت الحجاج فور وصولهم إليها عامرة بالمهنئين، إذ تعلو الأهازيج والزغاريد احتفاء ًبوصولهم سالمين إلى وطنهم.
"مسعدة يا حاجة وزرتي المدينة، ومسعدة يا حاجة يا ليالي الهنا، ومسعدة يا حاجة نلتي هالحجة، وعلى بئر زمزم وتوضا الرسول"، "شنطة الحجة كبيرة يا مليانة حنة..وشو جابت الحجة تا منو يوصلنا"، تردد النساء تلك الأهازيج في ما تقرع الطبول وتعلو أصوات الزغاريد.
يعمل الحجاج أيضًا على إقامة الولائم في بيوتهم واستقبال الأهل والأقارب والأصدقاء، وإقامة الموالد النبوية والدورس الدينية للزوار، لا سيما وأنها فرصة لاجتماع عدد كبير من الأهالي. ويحرص الحجاج لا سيما النساء منهم، لدى عودتهم إلى أوطانهم على ارتداء الملابس الجديدة ذات اللون الأبيض، المطرزة والمزينة، لاستقبال المهنئين، مستوحاة من لون ملابس الإحرام.
الحاجة الستينية غفران سعيد تقول: "بعد طول انتظار كتب الله لي الحج، أذكر أني ومنذ كنت في المرحلة الإعدادية وأنا أبكي في أيام ذي الحجة الأولى شوقًا للحج حتى أكرمني الله به هذا العام بعد طول انتظار ودعاء وإلحاح".
وعن تجهيزاتها لاستقبال المهنئين، تضيف أنها ذهبت قبل سفرها بصحبة ابنتها للسوق واشترت جميع مستلزمات الحج، والهدايا التي ستقدمها للمهنئين فور استقبالها. وتبين أنها جهزت سجادات الصلاة، والمسابح، والأسارور للفتيات الصغار، إلى جانب التمر وماء زمزم وبعض الهدايا الخاصة لأهل بيتها، بعد قائمة طويلة أعدها أولادها لها لإحضراها من الديار الحجازية.
وتوضح أن عائلتها كانت تخطط لاستقبالها باحتفال كبير يتم تزيين البيت والشارع خلاله، ولكن بسبب أحداث جنين في حينها وارتقاء الشهداء امتنعوا عن ذلك لا سيما أنها وصلت إلى فلسطين في ذروة الأحداث.
وتضيف: "درجت العادة في فلسطين أن نقيم استقبالات بدلًا من الزيارات الفردية، ولذلك رتبت قيام مولد نبوي فيه أناشيد نبوية إضافة إلى درس في نهاية المولد". وكالعادة ارتدت الحاجة سعيد الثوب الأبيض في أول أيام وصولها، والبسمة لا تفارق محياها. وتزين بعض العائلات بيوت الحجاج بسعف النخيل، وتقيم الخيام لاستقبال المهنئين وتوزيع الهدايا عليهم، التي لها رونقًا خاصًا ودلالة مميزة في قلوب الناس.
أما الشابة فرح ناصيف 26 عامًا، فقد غمرتها السعادة لدى عودتها من رحلة الحج، بمراسم الاحتفال التي فاجأتها فيها عائلتها في طولكرم، وبأصوات الزعاريد التي علت في كل مكان. وتبين ناصيف أن إخوتها جهزوا البيت وزينوه لاستقبالها فور وصولها، وخطوا شعارات التهنئة على الجدار ورسومات الكعبة المشرفة، مشيرة إلى أن عائلها لها طقوس خاصة لاستقبال الحجاج، فقبل وصولهم يجتمع أفراد العائلة في المنزل فيما تعد النساء وليمة كبيرة يحضرها الأقارب والأصدقاء.
أما فيما يخص هدايا الحج، فقد جهزت ناصيف بعض الهدايا الخاصة بالمقربين، من مصاحف قرآن وملابس الصلاة الخاصة بالفتيات وقبعات خاصة بالصبية ومسابيح، فينا عدد وعائلتها موعدًا لاستقبال المهنئين من الأصدقاء والمعارف. وتبقى أجواء استقبال الحجاج في فلسطين وباقي الدول العربية، ذات طابع خاص وأجواء مميزة، وطقوس دينية روحانية تهدف لإظهار تعظيم شعيرة من شعائر الدين وتعزيزها وتحبيبها إلى النفوس.