السبت 02 سبتمبر
كيف أحزن والقرآنُ صديقُ أيامي، يغسل الروحَ ويبعث في النفس كل الهدوء والاطمئنان. كل الحروف في وصفه عاجزة، كل الكلمات في تفصيله، حائرَة حتى القصائد في حضرته، تعتذر من أين أبدأ والكلام يطول، وكل شيء في الحديث عنه تقصير، تهتز روحي داخلِي وتهدأ اَلنفس والدموع تسِيل، هو جنة هو رفعة لو صح التعبِير هو من يضِيء عتمَتي الحالكة وأنيس وحدتي في الليالي العاصفة، يجمع شتات أمري ويشعِل قنادِيل قلبي عندما ينطفئ خير طرِيق عند تبعثِري وضيَاعي، وفِي طول طرِيقِي دلِيلِي وعونِي بَعد اَللَّه، غذاء للعقل والروح وسكينة لا يستشعرها إِلا من فاض قلبه حبًا، وتعلقت ثنايَا عمره بتلكَ الحروف، بلسم للروح ودواء لكل علة ولِكل مهموم، لا تدعه يا صديقِي، لا تغيبَه فيغيب النور وتموت الروح وتذهب البركة التي تغير مجرى الحياة وتجعل كل الأمور تمضي بسرور، هو نهج حياة ووصفَ يحمل القلب على مشَارف من نور، فيه أجابه لكل أسئلَة الحياة، فيه الخلاصة وفِيه كل ما لا يخطر على البال فيه الشفاء من كل الأرقَام، فكم من علة كان دواؤها القرآن؟ وكم من سقاء زال بالقرآن؟ وكم من مهموم أصبح سعيدًا مرتاح البال؟ وكم من غريق كان نجاته اَلقرآن؟ من يسلك دربه لا يضل ولا يشقى يمشي الصراط وكله حبور، كيف لا وهو كلام رب العالمين، رب الأرض والسماوات، أَنزله رحمة للناس وبركة وسنة حيَاة، كم من المعجزات قد ذكَر فِيه، وكم من حقائق وجدت فيه مؤخرًا أثبَتها العلم وقد أنزلها جل علاه منذ زمن بعيد، وكم من قصص حوت فيها العبر وفِيها كل التدبير يكفي أن تضع يديكَ على قلبك وتبدأ بالتّرتِيل ليزول الهم والكدر وتشعر بِتلكَ اَلنسمة تخترِق الفؤاد وتبدأ بالارتِيَاح ويبدأ اَلجسد بالنَشوة وشعور لا يمكن وصفه ولَا تخطيه تشعر بالاستسلام تستحضِر أنَك في ملكوت اَللَّه بين آياته، وقوله لِينبت داخلك الأمان كشجرة تظللك بأغصانها وتربت على كتفك وعلى ما بداخلك ليواسي كل ما فيك ويبدل الخوف الذي يعتريكَ، وتصاحبك كلماته كلؤلؤ مكنون لايقدره إِلا من عرفه بقلبه وعقلِه معجزة باللغة والبَيَان وفي اَلفصاحة والإتقان وجزالَة المعاني، جمع كل علوم النحو والصرف وشواهد الإعراب، خير جليس لا تمله وفي كل مرة تجد ما يسرك تتذوق حلاوة الكلمات حفظه يتم بالعزم والإصرار آيات وسور، إِلى أن تصِل إِلى الختام فتشاهد بنفسك عظمة اللحظة وعظمة القرآن ثلاثين نورًا في الصدر، ومراتب تعلو بجنة الخلد، فحفظ القرآن مشروع العمر يبدأ بالدنيا لينتهِي بالجنة خير من الدنيا وما فيها، وسبب لحياة القلب ونور العقل ومصباح ينِير عتمة الطريق هديَة من الرحمن تتلُوه يغشاك العظيم بفضلِه وتعلوك سحائب الإيمان.