الثلاثاء 05 سبتمبر
أحلى شي إني احتفلت بحفظي للقرآن الكريم في باحات المسجد الأقصى، كنت سعيدة كثير". بدأت حكايتي مع كتاب الله منذ عمر مبكر، فقد حفظت جزء عم وكنت أذهب للمسجد مع شقيقاتي لتسميعه. وحينما وصلت للصف السابع بدأت الحفظ بشكل جدي. أنا لين رجب من طولكرم وأبلغ من العمر 16 عامًا، كانت طقوسي في حفظ كتاب الله مميزة، قبل أن أبدأ بحفظ السورة كنت أسمعها من شيخ متقن صاحب صوت حسن وجميل وأقرأ تفسير السورة، ثم أبدأ بقراءتها وأقسم الصفحة التي أريد حفظها إلى عدة أقسام أكررها عن حاضر، ثم أكررها عن غيب عندما أشعر أنني أصبحت متمكنة من حفظها.
استغرق الأمر مني قرابة ثلاث سنوات بكثير من المسابقات والمراجعة الدائمة والامتحانات القرآنية. غالبًا ما كنت أبدأ يومي بحفظ القرآن ،أي بعد صلاة الفجر، وحقيقةً كنت أشعر ببركة لا يمكن وصفها في اليوم الذي أبدأ فيه بحفظ وِردي القرآني، كنت أذهب للتسميع مرة أسبوعيًا على الأقل. وكل جزء ننهيه عليه اختبار يجب اجتيازه.
وكنت أحب أن أراجع ما حفظت قبل النوم لأن المراجعة مهمة جدًا في طريق الحفظ. أحب أن أحفظ لوحدي في المنزل، ولكن كنت أسمع عندي معلمتي في المركز بشكل رسمي. كانت كل صفحة من آيات الله تأخذ نصف ساعة، وفي آخر رحلتي في الحفظ "قرابة الشهر ونصف" كنت أستغرق ساعتين ونصف لحفظ خمس صفحات يوميًا ونصف ساعة لمراجعة وربط ما تم حفظه.
نأتي لتثبيت الحفظ علينا أن نجمع بين المراجعة للمحفوظ القديم والمراجعة للمحفوظ الجديد بالإضافة إلى الحفظ والتركيز على متشابهات السور، في نهاية كل سورة كنت أخصص لها يومًا للتكرار والتثبيت ثم أسمعها (هذا بالنسبة للمحفوظ الجديد). وبالنسبة للمحفوظ القديم، فكنت أراجع لوحدي وأحيانًا أشارك بالمسابقات للتثبيت. لا شك أنه توجد سور تأخذ قلبي، السورة التي أحببتها هي سورة الحجر وكنت أحب سماعها بصوت هزاع البلوشي، وبذلك كانت السورة الأسرع حفظًا.
أما عن أقرب آية لي هي "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفى..." هذه الآيات تعلمنا أن الإنسان يسعى ولا ينتظر النتيجة؛ لأنها بأمر اللّٰه -عز وجل الإنسان مأجور على سعيه وخطواته ومُجاهدته وهذا ما يُريده، الأجر لا النتيجة، لذلك علينا أن نفوض أمورنا للَّه، ونثق بأنه -عز وجل- يقدر لنا الخير في كل شيء.
ومن المواقف التي جعلتني ممتنة هو بعد فك الحظر الذي كان بسبب فايروس كورونا، حين عدنا إلى المركز للتسميع وجاهيًا، شعرت بفرحة غامرة لعودتنا، أدركنا أكثر قيمة النعيم الذي نحن فيه. هذه الفترة جعلتنا ندرك نعمة القرآن ومجالسه. هُمُ القوم لا يَشقى بِهم جَليسُهُم.
إن شعاري الدائم في الحياة"لا أبرح حتى أبلغ" أرددها في جميع حالاتي، تعلمني بلوغ الهدف والإيمان بالوصول بتوفيق من الله. نصيحتي للجميع أن يبدؤوا بحفظ القرآن من الآن وأن يتعلموا التجويد بغض النظر عن المشاغل المنهمكون بها، فوالله مَا خالط القرآن حاجَة إلا باركهَا، وَلا ضِيقا إلا وَسعه، وَلا ظلمة إلا أنارها، وَلا وِحدة إلا آنَسها.
اختاروا وقتًا ثابتًا للحفظ وكم محدد والتزموا به، بالطبع أفضل وقت هو بعد صلاة الفجر، كرروا محفوظكم واسمعوا القرآن أثناء انشغالكم. إن حفظ القرآن يبدأ من آية واحدة تحفظها ثم وجه ثم سورة، فيفتح الله عليك، صدقوني مجرد ما أن تبدؤوا بحفظ القرآن ستنهال عليكم بركات من ربكم في وقتكم وفي حياتكم وفي كل شيء.
احفظوا القرآن فهو شفيع لنا يوم القيامة، الجنة غالية وتستحق مسيرة الحفظ بحد ذاتها عيش رغيد... أخلصوا نواياكم... الصعوبات ستنمحي بملازمة ذكر الله والدعاء، قللوا المقدار وأكثروا التكرار وبإذن الله ستجتازوا تلك الصعاب، القرآن عزيز إن لم تبذلوا لأجله؛ لن تنالوا.