بنفسج

"بناتنا مكلبشات": الاحتلال يُصّعد اعقتال النساء في الضفة

الأحد 28 ابريل

نحاول في مجلة "بنفسج" إصدار تقارير دورية خاصة بالأسيرات للوقوف على أحوالهن وظروفهن وأوضاعهن، خصوصًا بعدما ازدادت أحول الأسرى والأسيرات سوءًا بعد السابع من أكتوبر، إذ سقطت أقنعة الاحتلال النازي، فهو لا يوفر أيًا من أدوات البطش والعدوان بحق الأسرى والأسيرات؛ إذ يقل الطعام والشراب ووسائل العيش في حدها الأدنى، بحسب ما تنقله وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، بالتوازي مع المعاملة التي يقصد بها الاحتلال إذلال الأسرى وإهانتهم، من خلال ضربهم وسحلهم وتوجيه الشتائم لهم ومنعهم من تلقي الرعاية الصحية، حتى أن عدد الشهداء من الأسرى آخذ بالازدياد.

في هذا التقرير نقف على أحوال بعض الأسيرات اللواتي اعتقلن بعد السابع من أكتوبر، يجمع بينهن أنهن شابات في مقتبل العمر، بعضهن لا زلن طالبات، اعتقلن ظلمًا واتهمن ظلمًا. بنات هذا البلد، مثقفات واعيات ناشطات على المستوى الاجتماعي، يعتقلهن الاحتلال بتهم التحريض ودعم الإرهاب، بل أن بعضهن حكمن حكمًا إداريًا بملف سريّ وذلك من خلال تقصي المعلومات حولهن من أهلهن أو المحامين وكذلك المؤسسات الحقوقية التي تعنى بشأن الأسرى.

الأديبة ونصيرة الأسيرات: الأسيرة أنوار رُستم

الأسيرة الفلسطينية أنوار رستم.jpg

أولهن الأسيرة أنوار رستم، من قرية كفر مالك قضاء رام الله، 32 عامًا، حاصلة على بكالوريس في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية، ودبلوم في التربية. تعمل في إحدى مدارس مدينة رام الله. وتعرف أنوار بنشاطها الثقافي والأدبي والفكري، وهي عضو مركز بيت المقدس للأدب.

اعتقلت أنوار في ظروف صعبة، كما اعتدنا منذ السابع من اكتوبر، إذ زادت همجية الاحتلال وطريقته في اختطاف الأسرى والأسيرات؛ إذ فتشت القوات منزلها، وكسرت أثاثه وعاثت في المقتنيات، كإجراءات عقابية لعائلة الأسيرة.

اعتُقلت أنوار في 10 كانون الثاني/ يناير 2024، بعد اقتحام قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي قرية كفر مالك، ثم حاصرت بيتها وبيوت الجيران المحيطة. ودخلت المجندات وطلبن هويتها، وبأن قرار الاعتقال قد صدر بحقها. ففتشوا البيت وكسروا محتوياته ومنعوا أهلها من التواصل معها في تلك الأثناء، وصادروا الأجهزة المحمولة والحاسوب الخاص بها.

أما عن حياتها الاجتماعية ونشاطها، فأنوار فتاة مليئة بالحياة، مقربة من الأصدقاء والعائلة، كما أنها مهتمة بقضايا الأسيرات الفلسطينيات، ولها مجموعة قصصية عن الأسيرات وحياتهن في الأسر، وهي مجموعة قيد النشر. ولها مجموعات قصصية أخرى مخصصة للأطفال حول المسجد الأقصى.أما التهم الموجه لأنوار فهي "تهمة التحريض ودعم الإرهاب"، وقد مُنع المحامي من زيارتها أو التواصل معها.

الأسيرة سجى معدي: التهمة.. جبر الخواطر وإسعاد الأطفال

الأسيرة الفلسطينية سجى معدي.jpg

الأسيرة الثانية هي سجى زهير المعدي، التي اعتقلت في 18 نيسان/ أبريل، من قريتها كفر مالك إحدى قرى شرق رام الله، ذات القرية التي تنتمي لها أنوار. لا تزال سجى طالبة في جامعة بيرزيت، تخصص اللغة العربية. وهي كذلك تعمل في مكتب محاسبة وضريبة برام الله.

سجى كمثيلاتها من الشابات الفلسطينيات، وطالبات الجامعة، تنشغل إلى جانب دراساتها بالنشاطات الإنسانية والاجتماعية، وهي تهمة يعتقل عليها الاحتلال، تقول أختها ضحى في مقابلة حصرية ل "بنفسج": "سجى اهتماماتها تجبر الخواطر و تسعد الأطفال و تساعد أي حدا بحتاجها، كانت بالأنشطة التطوعية دايما تلبس لباس المهرج أو الدمى اللي بحبوها الأطفال وكانت تحضنهم كلهم وتحبهم، بتحب الخيل وكانت تروح تركب بنادي الفروسية برافات، إلي الاحتلال جرفه وهدمه خلال الحرب القائمة. كانت تطلع مسارات كثير بالبلد بكل مكان بفلسطين و تمشي بالأرض و تعرف كل إشي عنها، و إذا غابت عنها معلومة تروح تبحث عنها و تتعلم عن بلدها أشياء جديدة. بالقرية عنا كانت كل عيد تعمل نشاط للأطفال وتجمعهم بالبيت وتحضرلهم أنشطة و ألعاب و بالأيام العادية دايمًا موجودة لتساعد أي حدا بحتاجها من عيلتها أو صاحباتها أو الأسر الأقل حظ".

" كانت أمي بتصحينا نصلي الفجر بس سبقها الخبط على الباب، سألوا عن البنات بالبيت و صاروا يطلبوا الهوية ليعرفوا مين سجى و خبروها إنه هي معتقلة و سحبوها معهم على الجيب العسكري، سجى قوية و نزلت تمشي كإنها مش شايفتهم، لأنها بتعرف إنه حب الوطن إله ضريبة وإن ربنا لما يحب عبد ببتليه ليقربه منه أكثر ".

اقتحمت قوات الاحتلال بيتها الكائن في كفر مالك، الساعة 5 الفجر يوم الخميس، في 18/4/2024 واعتقلتها من بيتها، تقول شقيقتها: " كانت أمي بتصحينا نصلي الفجر بس سبقها الخبط على الباب، سألوا عن البنات بالبيت و صاروا يطلبوا الهوية ليعرفوا مين سجى و خبروها إنه هي معتقلة و سحبوها معهم على الجيب العسكري، سجى قوية و نزلت تمشي كإنها مش شايفتهم، لأنها بتعرف إنه حب الوطن إله ضريبة وإن ربنا لما يحب عبد ببتليه ليقربه منه أكثر ".

شوهدت سجى وهي تعتقل وقد حشدت لها عدد من المصفحات على مدخل بيتها وعلى مدخل القرية، وقال المحامي إنها نقلت إلى سجن الدامون يوم الأحد في 21/04/2024، وتم إصدار حكم إداري بحقها لمدة سنة أشهر.

الأسيرة ليان كايد: الناشطة الطلابية في جامعة بيرزيت

الأسيرة الفلسطينية ليان كايد.jpg

أما ليان نزار أحمد كايد، وهي كذلك طالبة في جامعة بيرزيت، تخصص الدراسات الإسرائيلية، درجة الماجستير، وحاصلة على درجة البكالوريس في علم الاجتماع، وبعد يوم واحد ستبلغ السادسة والعشرين من عمرها، إذ أنها مولودة في 26 نيسان/ أبريل 1998. ليان من قرية سبسطية في نابلس. اعتقلت ليان للمرة الأولى في 8 حزيران 2020، وقضت نحو 16شهرًا في سجن الدامون. اعتقلت يومئذ أثناء مرورها عن حاجز زعترة العسكري.

عانت ليان في المرة الأولى للاعتقال في سجن هشارون من ظروف قاسية، حيث قبعت في قسم للعزل يحوي سجناء أمنيين ومدنيين، وعانت بسبب وجود السجناء المدنيين، حيث كانوا يسببون إزعاجاً كبيراً من خلال الصراخ الدائم والتكسير، وتعرضت للشتم على مدار 4 أيام وعلى مسمع من السجانين دون أن يمنعوا ذلك. وقد قُدمت لائحة اتهام تتضمن بنود تتعلق بعملها الطلابي والنقابي داخل الجامعة، وتحملها مسؤولية في تنظيم "محظور" وقيامها بنشاطات اجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى اتهامها بإلقاء الحجارة. وأنها تنتمي الأذرع الطلابية للتنظيمات المحظورة، في إشارة إلى ملاحقة الطلاب الذين ينتمون للكتل الطلابية في الجامعات باعتبارهم يشكلون خطراً على "الأمن". أفرجت سلطات الاحتلال عن ليان بعد أن قضت مدّة حكمها في سجن الدامون وذلك يوم 9/9/2021.

قُدمت لائحة اتهام تتضمن بنود تتعلق بعملها الطلابي والنقابي داخل الجامعة، وتحملها مسؤولية في تنظيم "محظور" وقيامها بنشاطات اجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى اتهامها بإلقاء الحجارة.

اعتقلت ليان ثانية في 7 نيسان 2024، حيث أخذت إلى عوفر، وهناك تم التحقيق معها، ونقلت إلى هشارون، ثم إلى سجن الدامون، والتي تبقى فيه إلى الآن.

عوملت ليان معاملة قاسية، دون تهمة، وصدر أمر الاعتقال الإداري دون تثبيت من طرف المحكمة ب 4 شهور. وكما نعلم، فإن الأسيرات يعانين هناك من قلة الطعام ومنع الزيارات ومنع الكانتينا. وقد أخبرتنا مؤسسة الضمير بأنهم زاروا الأسيرات، وقالوا بأن الظروف هناك سيئة جدًا؛ فلا طعام ولا شراب ولا ملابس، والفورات قليلة جدً، والأسيرات لا يسمح لهن بالاختلاط مع بعضهن البعض، ونقصد بذلك الأقسام، إذ يقبع في الدامون 85 أسيرة، بينما لا يتسع إلا لـ 50 أسيرة بالحد الأعلى.

الأسيرة ليان ناصر: ابنة بلدة بيرزيت وجامعتها

الأسيرة الفلسطينية ليان ناصر.jpg

وفي ذات اليوم 7 نيسان 2024 اعتقلت صديقة ليان كايد، ليان سامي ناصر وهي من بلدة بيرزيت، 24 عامًا، من مواليد عام 2000، طالبة في بيرزيت تخصص علم الاجتماع. وقد رحّلت الصديقتان معًا إلى عوفر ومن ثم هشارون فالدامون، وحكمت كذلك 4 أشهر إداري دون تثبيت من المحكمة.

اعتقلت ليان ناصر، قبل هذه المرة في 7 تموز 2021، ووجهت إليها تهمة تتعلق بالنشاط الطلابي، ونقلت إلى سجن الدامون. بعد أن داهمت قوّة صهيونيّة بيتها وفتشته، ثم نقلت إلى سجن هشارون ثم سجن الدامون.

بعد سنتين و9 أشهر من الإفراج عنها، داهمت قوات الاحتلال منزلهم في السابع من إبريل/نيسان 2024 بأعداد كبيرة تحت تهديد العائلة بالسلاح والاعتداء، ولم تستطع العائلة توديع ابنتها ليان أثناء الاعتقال، ومِن ثَم انسحب الاحتلال باتجاه المعسكر القريب من بلدة بيرزيت.

تقول والدتها: "زارها المحامي وأخبرته أنها تعرضت للضرب، وهي حاليا تقبع في سجن الدامون برفقة صديقتها الأسيرة ليان كايد، وأعطاها الاحتلال حكما إداريا. وتخوفنا على ابنتنا يأتي بسبب أوضاع السجن السيئة الحالية من خلال ما نسمعه من الأسرى المفرج عنهم".

خلال اعتقالها الأول، فقد أمضت أول 10 أيام من اعتقالها في سجن هشارون سيئ السمعة الذي يُعتبر غير صالح للعيش، وبقيت دون استحمام حتى انتقالها إلى سجن الدامون. تتمتع بروح المبادرة والمساعدة، وكشفت عن دعم ابنتها للأسيرات على الصعيدين المادي والنفسي، وهي كما تقول والدتها: "صبية خدومة وتساعد الجميع، وهي محبوبة ومعطاءة بشكل كبير كما كانت في اعتقالها الأول".