أنا أسيل، صانعة محتوى من غزة، عمري 25 سنة، تخرجت في الثانوية العامة ودرست سنة لغة فرنسية، ولكنني لم أكمل دراستي بسبب ظروف طرأت علينا، وأسست متجرًا خاصًا للأشغال اليدوية، على الكاسات وكفرات الموبايل.كنا نعيش في شمال غزة بالقرب من مستشفى الشفاء، نزحنا من بيتنا أول مرة عندما بدأت الحرب إلى جنوب غزة، كنا نعيش في بيت أقارب لنا.
ثم نزحنا للمرة الثانية إلى رفح، كنا في بيت أحد أصدقائنا نعيش في غرفة وحدة، أنا وعائلتي كلنا 11 شخصًا، وعند اجتياح رفح نزحنا للمرة الثالثة إلى بحر خانيونس (المواصي) وعشنا في خيمة على الرمال.
تغيرت حياتي، كباقي أهل غزة في الحرب، وتغيرت كل شيء معها، شكل العيش والمأكل والملبس والمشرب والمنام، فمثلا؛ لا كهرباء بل شحن، "عشان نضوي منها ضو صغير بنروح مسافات طويلة عشان نشحن عند ناس عندهم ألواح شمسية وبفلوس". الحصول على الماء صعب أيضًا ويتم عبر جولتين يوميا في الصباح والمساء، وهي مهمة إخوتي الشباب. بعد مضي شهر واحد على الحرب نفدت البضائع من السوق وقلّ الطعام والشراب، كنا نقسم الطعام بيننا لكل شخص وجبة واحدة يوميا ولكل واحد نصف رغيف خبز.
وبالطبع لا يوجد غاز للطبخ، لذلك تستعين العائلات بالخيم وغيرها بفرن الحطب ونحصل على بعض الطعام من التكايا من عدس وفاصولياء ومعكرونة. الأسعار مرتفعة جدا ولا نكاد نشتري شيئًا ولا نستطيع، وبالأساس البضائع غير متوافرة وهي شحيحة للغاية.
أما عن حياة الخيمة فهي صعبة جدًا فقد غرقنا في الشتاء وها نحن نكتوي بنار الصيف، الحرارة مرتفعة جدًا ولا نستطيع النوم فضلا عن الحشرات التي تداهمنا في كل وقت، والذباب متواجد بشكل مزعج جدًا. نحن بالكاد ننام، كما أن الخصوصية معدومة بالخيام، استخدام الحمام والاستحمام وغيار الملابس في منطقة واحدة صغيرة على الرمل، هل تتخيلون تغير الملابس على الرمال! والاستحمام في دلو صغير في مكان ضيق؟
كنا قد نزحنا في الشتاء ولدينا لباس واحد شتوي ولباس صيفي واحد، وحصلت على واحد آخر مؤخرا أغسل الأول في يوم وأرتدي الثاني على الدور. وبطبيعة الحال تعاني الفتيات من موضوع الفوط الصحية الشحيحة فهي غير متوافرة ولا توجد من ضمن المساعدات بشكل دائم. أما عن مزيل العرق فقد استبدلناه بكربونات الصوديم.ولا يتوافر الإنترنت إلا بصعوبة وفي أماكن بعيدة وهو غالي الأثمان.
أما إن سألتم عن رغبتي في التصوير وصناعة المحتوى فهو لنقل طريق معاشنا وصعوبة الحياة التي يعيشوها الغزيون والنازحون بشكل خاص. وأصنع المحتوى من حقيقة الحياة اليومية التي نعيشها، أجمّع لقطات يومية، من الطبخ وفرن الحطب والوصفات المتواضعة، وضحكاتنا المتقطعة خلال اليوم وأنشرها في فيديو واحد وتساعدني أختي أريج في ذلك؛ إذ تصورني وتساعدني في إنتاج الفيديو. يتفاعل الناس معي ويزيد المتابعون بشكل يومي وذلك يسعدني لأن فيه نقل للحقيقة والصورة والواقع اليومي، وهذه أهمية السوشال ميديا التي تساعدنا في التعبير عن معاناتنا ونقلها إلى الخارج.