ربما تكون هذه التدوينة أشبه بتسجيل سيرة غيرية لواحدة من شهيدات غزة، سيرة مركبة؛ فهي زوجة شهيد وأخت الشهداء وشهيدة. ولدت هويدا سالم 25 آذار/ مارس 1988،نشأت بين أهلها و بين ذويها في بيت تسكن فيه العائلة الممتدة، يتواجد فيه الجد والجدة والوالد والوالدة والأخوة والأخوات والأعمام والعمات. والدها نافذ صابر سالم وهو أكبر إخوانه، ووالدتها سلوى سعيد سالم التي وافتها المنية قبل تسعة أعوام بعد صراع مع المرض.
لهويدا أربعة إخوة، وهم: محمد الذي استشهد في هذه الحرب- حرب طوفان الأقصى-، وأحمد الذي استشهد قبل أربعة عشر عاماً خلال اشتباكات خاضتها المقاومة الفلسطينية شرق حي الشجاعية، ومعاذ وإبراهيم،ولديها أختين وهما: نداء تكبُرها سناً، وعبير أصغرهم عُمراً.
لم تكمل هويدا الثانوية العامة، إذ تزوجت وهي في عُمر مُبكر من ابن عمها الشهيد محمد خليل سالم، الذي استشهد في عام ٢٠١٤ عند أدائه صلاة الظهر في المسجد وأثناء خروجه منه، باغتته الطائرات الحربية واستشهد على الفور رحمه الله، وبقيت زوجته من بعده عشر أعوام على ذكراه وفاءً وحُباً له. أتذكر قولها وقلبها يعتصر ألماً على فراقه بقولها (راح عُمري راح روحي الله يرحمك ياحبيبي يا أبو علي).
أنجبت هويدا أربعة من الأبناء، وهم: علي الذي يبلُغ من العُمر سبعة عشر عاماً، وسهر الذي تبلُغ من العُمر ستة عشر عاماً،
وسارة الذي تبلُغ من العُمر خمسة عشر عاماً، وليالي التي تبلُغ من العُمر أحد عشر عاماً،وجميعهم أُصيبوا معها إصابات طفيفة دون ابنتها ليالي الذي وصفت حالتها بالخطيرة، وهم الآن يعيشون في كنف جدهم والد والدهم الذي فقد زوجته وابنته وأبناءه الثلاثة.
عُرفت هويدا بقوة الشخصية والحضور الدائم في المناسبات، خفيفة الظل فُكاهية ومحبوبة، لها أثر أينما حلّت. جميلة الوجه والابتسامة، تُحب إكرام ضيفها فكانت كثيرًا ما تصنع لأبنائها الابتسامة بإقامة يوم ميلاد لهم لتعوضهم عن فقدان والدهم فكانت رحمها الله تقوم مكان الأب والأُم.
في كانون الأول/ ديسمبر الماضي عام ٢٠٢٣ ألقى الاحتلال الصهيوني قنبلة على بيت عائلة سالم ودمره بشكل كامل، وراح ضحيته قرابة المئة شهيد، وكان من بينهم الشهيدة هويدا رحمها الله.