بنفسج

مدارس النزوح: من مقاعد الدراسة إلى قبور الموت

الثلاثاء 23 يوليو

منذ بدء حرب طوفان الأقصى السابع من أكتوبر 2023، قصفت إسرائيل أكثر من 342 منشأة تعليمية، معظمها مأهولة بالنازحين، بما في ذلك الجامعات، في قطاع غزة كجزء من تدميرها للبنية التحتية، وخصوصًا المؤسسات التعليمية، بهدف القتل أولًا؛ إذ توقف 625 ألف طالب في غزة عن التعليم منذ ما يقارب 10 أشهر، ونزح أكثر من 700 ألف طفل إلى مدارس الإيواء.

وحتى الآن دمرت إسرائيل ما يقارب ثلثي مدارس الأنروا، ما يعادل 70% منها، منها ما دمر تدميرًا كاملًا بما يقدر ب 53 مدرسة خلال 200 هجوم عسكري إسرائيلي غاشم، وتضررت أكثر من 388 مدرسة بشكل جزئي.

تذرعت إسرائيل في كل هجوم بأن المقاومة في غزة تختبئ في مدارس الإيواء، وأنها قاعدة لإطلاق الصواريخ من بين المدنيين في مناطق الإيواء والنزوح، ومن ذلك أعلنت وزارة التعليم في غزة أن 5500 طالبًا و209 موظفين تعليميين قتلوا، وأصيب 7259 طالبًا و619 معلمًا، وتضررت أكثر 388 مدرسة.

وأعلنت الأمم المتحدة أن 90 بالمئة من المباني المدرسية في غزة تُستخدم للمأوى وتقدر عدها ب 320 مبنى، وأن كل المدارس تعرضت للضرر الجزئي أو الكلي. هذا ويُفاد بأن عدد الطلبة في غزة أكثر من 625 ألف طالب وطالبة و22 ألف معلم ومعلمة كانوا يرتادون 563 مبنى مدرسيًا قبل الحرب.

مدارس النزوج: أشلاء الأطفال على المقاعد

مجازر في مدارس النزوح التابعة للأنورا في قطاع غزة.jpg
أعلنت الأمم المتحدة أن 90 بالمئة من المباني المدرسية في غزة تُستخدم للمأوى وتقدر عدها ب 320 مبنى

تعرضت المدارس للقصف والهدام إما باستهداف أحد مبانيها، أو ساحاتها، أو إلقاء قنابل وأحزمة نارية على بعد 30 مترًا منها، ما يؤدي إلى أضرار جسيمة. خلال الأسبوع الفائت من منتصف تموز/ يوليو 2024 ارتكبت إسرائيل أربع مجازر في مدارس الإيواء، دون سابق إنذار أو تحذير.

 بل وإنها كانت تطلب من الساكنين بالنزوح إليها وهي تدعي أنها مناطق آمنة. إحداهن كانت تصرخ عندما قصفت مدرسة إيواء بالمواصي وتقول: "كنا نجلس في ساحة المدرسة، والأطفال يلعبون، فجاة، والله فجأة دون سابف إنذار أو إعلام، رميت عليها صواريخ ومتفجرات، تحول كل شيء إلى رماد، الزجاج تطاير، والأسطح نزلت، أشلاء، أجساد مقطعة، في كل مكان، كالحلم، لا أدري هل نجوت حقًا".

"كنا نجلس في ساحة المدرسة، والأطفال يلعبون، فجاة، والله فجأة دون سابف إنذار أو إعلام، رميت عليها صواريخ ومتفجرات، تحول كل شيء إلى رماد، الزجاج تطاير، والأسطح نزلت، أشلاء، أجساد مقطعة، في كل مكان، كالحلم، لا أدري هل نجوت حقًا".

استهدف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة الجاعوني التابعة للأونروا التي تؤوي نازحين في مخيم النصيرات للاجئين، وقد أدى ذلك إلى استشهاد 16 فلسطينيا وإصابة 50 آخرين. كما استشهد أكثر من 25 شخصًا وإصابة أكثر من 53 في مدرسة تؤوي نازحين ببلدة عبسان شرقي خان يونس، كما قصفت مدرسة المغازي التابعة للأونروا، ومدرسة الفاخورة، ومدرسة الفلاح، ومدرسة أسامة بن زيد، ومدرسة البراق.

المجازر ضد مدارس الإيواء: شهادات حية 

صور من مجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد مدارس النزوح في غزة.jpg
مدارس الأنروا في قطاع غزة تتحول من مقاعد للدراسة إلى مراكز للنزوح يستهدفها الاحتلال الإسرائيلي

تقول أمينة، وهي أم لخمسة أطفال: "نزحت إلى مدرسة الفلاح، وهي مدرسة احتمينا بها قبل أسابيع، لم نعتد على العيش وسط الزحام والتلوث والأمراض المعدية، ونشر غسيلنا على شبابيك المدرسة والنوم على الأدراج، ولكننا نتحمل كل ذلك ما دمنا أحياء، ولكن ماذا مع سقوط صاروخ على ساحة المدرسة، أقسم بأنني رأيت أيدي وأرجل الأطفال تتطاير في السماء، الرؤوس مقطوعة، أمعاء أحدهم على الحائط...من يصدق؟".

وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قصفت غارة جوية إسرائيلية مدرسة أبو حسين في مخيم جباليا، وكانت ملجأ النازحين، وقُتل ما لا يقل عن 27 شخصًا في الهجوم، وسقط الصاروخ الإسرائيلي على مدرسة أبو الحسين في الصباح بينما كان آلاف الأشخاص يحتمون بها. وأدى الهجوم إلى مقتل 27 شخصًا على الأقل وإصابة آخرين. ومن بين القتلى أيضًا أطفال. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن حوالي 100 شخص آخرين أصيبوا في الهجوم.

حتى الآن دمرت إسرائيل ما يقارب ثلثي مدارس الأنروا، ما يعادل 70% منها، منها ما دمر تدميرًا كاملًا بما يقدر ب 53 مدرسة خلال 200 هجوم عسكري إسرائيلي غاشم، وتضررت أكثر من 388 مدرسة بشكل جزئي.

في 4 ديسمبر/كانون الأول 2023، قُتل ما لا يقل عن 50 شخصًا وأصيب مئات الأشخاص في غارات جوية إسرائيلية على مدرستين تؤويان الفلسطينيين النازحين في مدينة غزة، وقصفت الطائرات المقاتلة ومدافع المدفعية الإسرائيلية مدرستين تديرهما الأمم المتحدة، بما في ذلك مدرسة صلاح الدين ومدرسة الشهيد أسد صفوتي في حي الدرج. وفي 3 ديسمبر/كانون الأول، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية مدرسة العائلة المقدسة في مدينة غزة. في 5 ديسمبر/كانون الأول، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية مدرسة معن في مدينة خانيونس.

في 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصفت غارة جوية إسرائيلية مدرسة حيفا في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصًا، بالإضافة إلى وقوع إصابات متعددة. وأدى القصف الجوي إلى مقتل مصور الجزيرة سامر أبو دقة، وإصابة وائل الدحدوح مدير قناة الجزيرة في غزة وقتئذ.

العدوان الإسرائيلي على غزة: تدمير ممنهج للبنية التحتية 

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدارس الإيواء التابعة للأنروا في قطاع غزة.jpg
في 4 أيام.. مجازر إسرائيلية في 4 مدارس تؤوي نازحين فلسطينيين

نعلم أن أكثر من نصف أهل غزة فئة شابة فضلًا عن أنهم أطفال، حرموا من الدراسة منذ بدء الحرب، وحتى وإن انتهت الحرب، فالطلاب لن يستطيعوا العودة بمجرد انتهاء الحرب، والمدارس في حالة ترثى لها؛ فإسرائيل تجتهد في ضرب البنية التحتية من الشوارع وشبكات صرف المياة وتمديدات الكهرباء، وهدم المؤسسات التعلمية من مدارس وجامعات، وكذلك المؤسسات الطبية، والوزارات ومراكز الشرطة والدفاع المدني وغيرها من مؤسسات التي تدير القطاع وتشغله رغم الحصار وقلة الإمكانيات.

تبرر إسرائيل قصفها للعديد من المدارس باشتباهها بالمقاومة في تلك المناطق، وهي حجج واهية كاذبة لا أساس لها من الصحة، إن تدميرها وقصفها ما هو إلا إمعان في الإبادة والدموية والتخلص من الشريحة الأكبر في غزة وهم الأطفال.

وهذا سؤال يبرز هنا: لماذا تهدم إسرائيل المدارس؟ رغم أنها تعلم أنها تؤوي النازحين والمدنيين، ومعظم ساكنيها من الأطفال وأمهاتهم، وهم يعيشون في ظروف لا تصلح للعيش، فلا نظافة ولا دورات مياه، ولا مكان للنوم، وتفاصيل أخرى كثيرة لن ينتهي الحديث عنها في هذا التقرير.

تبرر إسرائيل قصفها للعديد من المدارس باشتباهها بالمقاومة في تلك المناطق، وهي حجج واهية كاذبة لا أساس لها من الصحة، إن تدميرها وقصفها ما هو إلا إمعان في الإبادة والدموية والتخلص من الشريحة الأكبر في غزة وهم الأطفال. وإن قتلهم وتحلويلهم من طلاب واعدين، على مقاعد الدراسة، إلى مدارس الموت، ما هو إلى شاهد على دموية الاحتلال ووحشيته التي لن ينساها التاريخ.