فجر يوم الأربعاء، 14 من آب/ أغسطس، بعد أن صلى شهيدنا واستغفر ربه، حمل بندقيته المعمرة بالرصاص وتصدى لجيش من القوات الخاصة التي حاصت بيته وداهمته بالرشاشات والصواريخ. لم يأبه فايز فواز ضراغمة لملاقاة مصيره إن كان سيلاقي ربه شهيدًا. كانت زوجته وأطفاله من حوله في تلك الساعة، فطلبوا منه تسليم نفسه فرفض، وقال: "إما أن أقاتل حتى آخر نفس أو أموت شهيدًا."
فطلب منهم هو الآخر الخروج من المنزل حفاظًا على حياتهم فرفضوا تركه وحيدًا إلا أنه أصر على زوجته فخرجوا وسلموا أنفسهم إلى قوات الاحتلال، ليجروا معهم تحقيقًا ويتعرضوا للضرب والمضايقة، وما لبثوا يسألون: أين فايز أين فايز؟
الأم والطفل الشاب والطفلة الصغيرة كلهم يعون ما يحدث ويرقبون الحدث من المنزل الذي اخترقه أكثر من 5 صواريخ و400 رصاصة، يعلمون أن فايز ماض في دربه من غير جزع. وديدن الاحتلال السادية والجبن؛ يعرض مشاهد فيديو لفايز وهو مقطوع الرأس، ويفتخر بذلك.
"إما أن أقاتل حتى آخر نفس أو أموت شهيدًا."
ارتقى فايز شهيدًا بعد ساعات من حصاره واشتباكه حتى آخر رصاصة، بعد أن طورد لمد طويلة. قالت عائلة الشهيد ضراغمة إن قوات الاحتلال حاصرته داخل منزله وأطلقت عليه 5 صواريخ على الأقل محمولة على الأكتاف. تقول زوجته الصابرة المحتسبة: "ربنا اختاره، اللهم اجعله من الشهداء والصديقين. عالفجر، صلى وكان يسبح، قوات خاصة أطلقوا علينا، قاوم اشتبك ما قصر...حكتله سلم حالك قلي لا، أنا بقاوم لآخر نفس. الله يرحمك ويرضى عنك يا بطل، فخورين فيه، بنرفع راسنا فيك، وولاده على الدرب إن شاء الله".
تمشي زوجته في أنحاء البيت المقصوف وتشير إلى زاوية تزينت فيها باقة ورد جميلة ولا زالت يانعة، وقد أتى بها الشهيد هدية لزوجته أول أمس، وقالت: "جابلي وردة هدية أول مبيرح كأنه كان يودع في بطريقة غير مباشرة، هاي الوردة آخر هدية منه".
عرف الشهيد بقربه من أطفال وزوجته ومجموع عائلته، تقول طفلته الوديعة الجميلة ببراءة: "اليهود اجمعوا حوالين الدار بدهم بابا، هو طلعنا برا الدار، وبعدين أخدوه، وحكوا استشهد. بحبه أكثر واحد بالعيلة. بنوكل مع بعض نتغدا ونتعشى مع بعض...ما نبعدش عن بعض أبدا أول مرة بعد عنا".
وللشهيد فايز شبل يمشي على خطى والده، يلف على رأسه عصبة كتائب القسام، يقول بحماسة الابن الفخور: "كنا نايمين كبسوا علينا قوات خاصة، نادوا عمي، وصاروا يطخوا عالدار، أبوي اشتبك معهم، حكالنا اطلعوا، رفضنا ما رضينا نطلع. بعد ما أصر طلعنا، سألوا عن أبوي، ضربونا، طخوا عالدار، ووقف جيب برا، كان معه واحد رشاش، طخوا ع أبوي خزقوا الدار، استشهد، فرجونا فيديو راسه مقطوع وجثتوا مرمية، صاروا يقاهروا فينا ويحكوا فايز مات فايز مات".
بعد حصار بيته وضرب زوجته وأولاده وقتله، سرق الاحتلال جثته ولم يسلموها حتى الآن، وهذا تكريس ممارسات الاحتلال المجرم الذي يفصل رأس إنسان عن جسده ومن ثم يري هذه المشاهد للأطفال والزوجة ومن ثم يحرمهم من رؤية جسد والدهم ويسرقه.
لا يكاد يوم يخلو من الاقتحامات في الضفة الغربية، تضمنها عمليات تدمير واعتقالات واسعة، واشتباكات في مناطق مثل طوباس وجنين ومخيمها وطولكرم ومخيم نور شمس ونابلس، وفلسطين ولادة، بروح واحد بطلع مية، لا نعلم بالبطل منهم وحكايته إلا بعد أن يبلي البلاء الحسن في عتمة الليل وخفاء المعارك البطولية. استشهد حتى الآن أكثر من 620 شهيدا ونحو 5400 جريح، في الضفة الغربية، ولا عودة عن هذا المسار، فهو ليس مسارًا يتخذه شهيد لوحده، بل معه عائلته وأبناؤه وأهل بلدته ومدينته، وكلهم فخر به وبفعله، رحم الله فايز البطل المشتبك.