بنفسج

في غــزة: الطريق إلى الحُلم مفقود

الإثنين 19 اغسطس

الحياة مليئة بالتحولات غير المتوقعة، تلك اللحظات التي تقلب فيها حياتنا رأسًا على عقب، وتجعلنا نعيد التفكير في كل ما خططنا له. كنت أعيش فترة من الأمل والتفاؤل بعد أن أنهيت دراستي للماجستير في علم النفس. كانت لديّ أحلام كبيرة، أحلام كنت أسعى جديًا لتحقيقها. بين متابعة دورات تدريبية متخصصة في تطوير مهاراتي المهنية، وانتظار الفرصة الذهبية للحصول على وظيفة كنت أحلم بها لسنوات، كنت أرى المستقبل مشرقًا.

لكن، في صباح 7 أكتوبر 2023، تحول كل شيء إلى كابوس لم أكن أتوقعه. استيقظت على أصوات غريبة، أصوات زادت من نبضات قلبي وملأتني بالخوف والقلق. كان من المفترض أن يكون هذا اليوم بداية جديدة، حيث كنت مستعدة للذهاب إلى دورة في اللغة الإنجليزية، دورة كنت متحمسة جدًا لحضورها. لكن بدلًا من ذلك، أصبحت محاصرة في حالة من الذعر والخوف، لا أستطيع المضي قدمًا ولا العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل تلك اللحظة.

هذا اليوم لم يكن مجرد يوم سيئ، بل كان نقطة تحول في حياتي. أحلامي التي كنت أعمل بجد لتحقيقها بدت فجأة وكأنها بعيدة المنال. كانت الوظيفة التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر تضيع مني في لحظة، ومعها ضاع جزء من شغفي وحماسي.

بصفتي متخصصة في علم النفس، أدركت أن ما مررت به لم يكن مجرد خيبة أمل عابرة، بل كان نوعًا من الصدمة. الصدمة التي تأخذ منا الكثير وتجعلنا نشعر بأن الحياة لم تعد كما كانت. تلك اللحظات التي نفقد فيها السيطرة على ما كنا نظنه يقينًا. لكن ما تعلمته من دراستي هو أن الإنسان قادر على التكيف، وأن الصدمات يمكن أن تكون بداية لشيء جديد، وإن لم نكن نراه في لحظته.

في ظل كل هذا الألم، أدركت أن الشغف قد يخبو، لكن يمكن إعادة إحيائه. الطموح قد يتعثر، لكن لا يزال هناك وقت لإعادة بناء ما ضاع. الحياة تستمر، ومع كل تحدٍ يأتي فرصة جديدة. وفي داخلي، هناك شرارة صغيرة لم تنطفئ بعد، تنتظر اللحظة المناسبة لتعود وتضيء طريقي من جديد.

للأشخاص الذين قد يمرون بتجارب مشابهة، أقول: الأحلام قد تتأجل، لكنها لا تموت. ربما نتعثر، وربما نفقد أشياء غالية علينا، لكن الأمل يبقى، والفرص تعود إذا ما تمسكنا بها. فلا تستسلموا. ففي النهاية، نحن من نصنع مستقبلنا، حتى لو كان علينا أن نبدأ من جديد.

الحياة لا تخلو من التحديات، ولكن هذه التحديات هي ما تجعلنا أقوى وأقدر على مواصلة الرحلة. فقدت حلمي في ذلك اليوم الكابوسي، لكنني لم أفقد إيماني بأن المستقبل يحمل لي فرصًا جديدة. سأستمر في السعي، وسأعيد بناء أحلامي، لأن الحياة تستحق أن نحارب من أجلها.