بنفسج

أطفال غزة تحت الركام: التعليم مفتاح النجاة المفقود

الخميس 12 سبتمبر

أطفال غزة تحت الركام: مفتاح النجاة المفقود
أطفال غزة تحت الركام: مفتاح النجاة المفقود

تستمر الحرب في غزة في تدمير حياة الآلاف يوميًا، لكن وسط الدمار وفقدان الأرواح، هناك جانب يتم تجاهله كثيرًا: الصحة النفسية والتعليم للأطفال. هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام في إحصاءات الضحايا، بل هم مستقبل شعب بأكمله، ومع ذلك، يُحرمون من أبسط حقوقهم الأساسية التي يمكن أن تمنحهم فرصة للحياة الطبيعية وسط هذه الفوضى.

الأولوية للتعليم والصحة النفسية

الصحة النفسية.jpg

إلى جانب القصف والموت، يعاني العديد من الأطفال في غزة من فقدان الاستقرار العائلي. فالبعض فقد آباءهم، والبعض الآخر انفصل عن أسرته. هذا الانفصال يولّد شعورًا بالضياع والضعف، ويجعل من الصعب على الأطفال التعافي نفسيًا. ومع استمرار العنف، يصبح الأطفال أكثر تأقلمًا مع مشاهد العدوان، ما يهدد بجعل العنف جزءًا طبيعيًا من حياتهم اليومية، ويُسهم في خلق جيل جديد محمل بالندوب العاطفية التي قد تستمر معهم طوال حياتهم.

ومع استمرار العنف، يصبح الأطفال أكثر تأقلمًا مع مشاهد العدوان، ما يهدد بجعل العنف جزءًا طبيعيًا من حياتهم اليومية، ويُسهم في خلق جيل جديد محمل بالندوب العاطفية التي قد تستمر معهم طوال حياتهم

بالنسبة لأطفال غزة، المدرسة ليست فقط مكانًا يتعلمون فيه القراءة والكتابة. في ظل الحروب والنزاعات، تصبح المدرسة ملاذًا آمنًا يستحث التطور الذهني والاجتماعي للطفل. لكن مع تدمير المدارس وتشرد العائلات، لم يعد هناك مكان يستعيد فيه الأطفال شعورهم بالحياة الطبيعية. إن فقدانهم للمدارس لا يعني فقط فقدان فرصة التعليم، بل فقدان جزء من مستقبلهم وأحلامهم التي كانت تعطيهم الأمل في غد أفضل.

من خلال عملي كطبيبة نفسية مع الأطفال الفلسطينيين، لمست بشكل مباشر التأثير النفسي العميق الذي تتركه هذه الصدمات. القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة أصبحت واقعًا يوميًا يعيشه أطفال غزة. وبينما قد يتوقف القصف في لحظة، تبقى الجروح النفسية حية لفترات طويلة، تترك أثرًا في كل جانب من حياتهم. كل يوم يمضي دون تقديم الرعاية النفسية لهؤلاء الأطفال يعني أن الجروح ستتعمق، وستكون قدرتهم على التعافي أصعب مع مرور الوقت.

 التعليم: مفتاح النجاة المفقود

أهمية التعليم.jpg

التعليم كان ولا يزال رمزًا للمقاومة والصمود في فلسطين. ورغم الظروف القاسية، كانت فلسطين من بين الدول ذات أدنى معدلات الأمية في العالم. ولكن الآن، ومع تدمير المدارس وتشرد الأطفال، تُسلب منهم أقوى أدواتهم – المعرفة.

إن غياب التعليم لا يؤثر فقط على التحصيل الأكاديمي، بل يضعف الأمل والطموح ويؤدي إلى حالة من اليأس والانكسار، هؤلاء الأطفال كانوا يحلمون بأن يصبحوا أطباء ومهندسين ومعلمين، ولكن الحلم الآن مهدد بالاختفاء في ظل الحرب 

إن غياب التعليم لا يؤثر فقط على التحصيل الأكاديمي، بل يضعف الأمل والطموح ويؤدي إلى حالة من اليأس والانكسار. هؤلاء الأطفال كانوا يحلمون بأن يصبحوا أطباء ومهندسين ومعلمين، ولكن الحلم الآن مهدد بالاختفاء في ظل الحرب. 

أهمية الدعم النفسي الاجتماعي: استعادة الروح

الناجي الوحيد.jpg


لقد نجحت غزة في الماضي في جعل خدمات الصحة النفسيه والاجتماعيه جزءا لا يتجزأ من الخدمات التربويه التي تقدم في المدارس وكان هناك وحدات صحة نفسية ومرشدون في معظم المدارس الغزية. الدعم النفسي الاجتماعي ليس رفاهية للأطفال في مناطق النزاع، بل هو ضرورة قصوى. الفنون، الموسيقى، والرياضة تقدم للأطفال وسائل للتعبير عن آلامهم ومشاعرهم بطرق غير تقليدية.

لقد رأيت تأثير هذه الأنشطة في عملي؛ حيث تمنحهم الفنون والرياضة فرصة لاستعادة جزء من حياتهم الطبيعية، لتجاوز الصدمات وإعادة بناء ثقتهم بأنفسهم. لكن هذه الأنشطة حاليا نادرة في غزة، ويجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في توفيرها بشكل واسع النطاق. إعادة بناء المدارس ليست كافية لوحدها. يجب أن يتم دمج الدعم النفسي داخل المدارس ليتمكن الأطفال من مواجهة ما تعرضوا له. نحتاج إلى نظام تعليمي يتفهم تأثير الصدمات ويضع الأطفال في قلب عملية التعافي. كما أن دعم الأسرة والمجتمع يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من هذه الجهود.  

 أطفال غزة يستحقون أكثر من مجرد البقاء

الأطفال يستحقون الحياة.jpg

أطفال غزة هم المستقبل الذي يجب أن نحميه ونستثمر فيه. إن تدمير منازلهم ومدارسهم ليس نهاية القصة. هؤلاء الأطفال يستحقون فرصة للحياة الكريمة، للتعلم، وللشفاء.

إذا لم يتحرك العالم الآن لدعمهم، فإن الأثر المدمر للحرب سيستمر لعقود. لكن إذا عملنا معًا، يمكننا إعادة بناء ليس فقط المباني، بل أيضًا أرواح هؤلاء الأطفال وأحلامهم، فإنهم يعتمدون علينا.