بنفسج

سلام ميمة..حنان عيّاد،،وفاء العديني..هبة العبادلة

الأحد 01 ديسمبر

لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية في غزة عن استهداف الصحفيات الغزيات، تقتلهن بالبطيء في حياتهن، ثم تودي بهن بصاروخ إسرائيلي موجه، فقد قتلت "إسرائيل" 191 صحفيًا وصحافية، وأصابت الكثيرين إصابات خطيرة، ومنعتهم من ممارسة العمل الصحافي، فيما لا تنفك وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحريض على الصحافيين القابعين تحت المحرقة.

في الجزء الأول تحدثنا عن سير أربعة من صحفيات شهيدات، وهنا أيضًا سنستعرض جزء آخر ليسر أخريات ممن اُستشهدن في حرب الإبادة، نحكي عنهن قبل الحرب وفيها.

الصحافية الشهيدة سلام ميمة

الصحافية الشهيدة سلام ميمة.jpg

 سلام ابنة مخيم جباليا شمال قطاع غزة، درست اللغة العربية وآدابها في جامعة الأقصى في غزة، عملت في تحرير الأخبار في جريدة الاستقلال، إضافة للتجمع الإعلامي الفلسطيني وقناة فلسطين اليوم، وإذاعة القدس، كما شغلت منصب رئيس لجنة الصحفيات في التجمع الإعلامي في منطقة غزة، متزوجة من الصحافي محمد المصري ولديها ثلاثة أطفال هادي 7 سنوات، علي 6 سنوات، وشام عامين.

في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قُصف منزل سلام على رأسها وهي رفقة زوجها وأطفالها، آخر حديث كان لسلام مع شقيقتها هند لتقول لها بعد قصف شديد على المنطقة: "ما بيصير إلا اللي كاتبه ربنا".

لم تغفو لعائلة سلام عين وهم يبحثون عن ابنتهم، توجه والدها للمشفى لكنه لم يجد جثتها، وجد جثمان زوجها محمد الذي طار في مكان آخر إثر القصف الشديد، فعاد عند بيتها ليسمع صوت الصغار، ويبدأ رحلة الانتشال، لينتشل علي طفلها حيًا.

وبينما تضج وسائل التواصل الاجتماعي باستشهاد سلام، أُعلن خبر أنها ما زالت على قيد الحياة تحت الأنقاض لكن لا إمكانات لانتشالها، أخرجها والدها من تحت الركام وهي ما زالت تتنفس عبر الأجهزة، لكن فارقت الحياة بعدها.

الصحافية الشهيدة حنان عياد

الصحفية الشهيدة حنين عيّاد.jpg

ولدت حنان في مدينة غزة، فيما تعود أصولها إلى قرية برير المهجرة عام 1948، حاصلة على البكالوريوس في الإعلام والتكنولوجيا من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية. تنقلت بين الوكالات الإعلامية، لتعمل كمعدة برامج اجتماعية، وعُرفت بتناولها قضايا إنسانية اجتماعية، شغلها الهم الفلسطيني فلم تتوقف عن الحديث عن معاناة الفلسطينيين.

"صارت القذائف تنزل على محمد زوجها اتصل أخوها الكبير بهاد الوقت، صارت تقلو أنا بموت ومحمد بموت.. أولادي أمانة برقبتكم، وأنا حسب ما فهمت أنه كان معهم ولد قريبهم الشاهد على القصة حضنته حنان لتحميه هما ماتوا وهوا عاش".

في 13 ديسمبر/كانون الأول 2023، قُصفت حنان رفقة زوجها بعد أن أطلقت الدبابات الإسرائيلية قذيفة عليهم وهم في منزلهم في حي الدرج بمدينة غزة، كان الزوجان نازحان من المنزل لكن عادا لجلب ملابس لصغارهم، تقول صديقتها رولا درويش عن يوم الاستهداف: "صارت القذائف تنزل على محمد زوجها اتصل أخوها الكبير بهاد الوقت، صارت تقلو أنا بموت ومحمد بموت.. أولادي أمانة برقبتكم، وأنا حسب ما فهمت أنه كان معهم ولد قريبهم الشاهد على القصة حضنته حنان لتحميه هما ماتوا وهوا عاش".

الصحافية الشهيدة وفاء العديني

الصحافية الشهيدة وفاء العديني.jpg

عُرفت وفاء بأيقونة الإعلام الأجنبي بغزة، نشطت في مجال الصحافة الأجنبية منذ ما يزيد عن 15 عامًا، لتنقل معاناة الشعب الفلسطيني وتكون صوتًا ناطقًا بالإنجليزية، عكفت على نشر التقارير وإجراء المقابلات مع ناشطين أجانب لتحكي عن القضية الفلسطينية بلغتهم، ونفذت معارض صور ومسابقات للأفلام القصيرة باللغة الإنجليزية.

تعمل وفاء كمديرة لوحدة الإعلام الخارجي في مؤسسة الثريا للاعلام، ورئيسة لمجموعة الشابات الأولى في فلسطين، إذ تعكف على إيضاح صورة الفلسطينيين الحقيقية، ومع كثرة انشغالاتها لم تقصر بدورها كأم وزوجة.في 30 سبتمبر/ أيلول 2024 وبمنزلها في دير البلح وسط مدينة غزة، قتل الجيش الإسرائيلي وفاء العديني رفقة زوجها وطفليهما تميم وبلسم.

"اخترق الصاروخ غرفة النوم ودمرها، إذ كان موجهًا نحو الحاسوب الشخصي لوفاء، وهذا يؤكد أن الاستهداف كان لتتوقف عن الحديث للإعلام الأجنبي ونقل الحقيقة كاملة".

اعتبرت عائلتها أن الاستهداف المقصود يعمد إلى إسكات صوتها، يقول شقيقها هاني في إحدى مقابلاته الصحافية: "اخترق الصاروخ غرفة النوم ودمرها، إذ كان موجهًا نحو الحاسوب الشخصي لوفاء، وهذا يؤكد أن الاستهداف كان لتتوقف عن الحديث للإعلام الأجنبي ونقل الحقيقة كاملة".

نعى وفاء الكثيرون من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي منهم الصحافي إسماعيل فرحات فقال: "وفاء العديني الزميلة الصحفية، كانت روحها لا تنكسر، تسابق الزمن بإصرار لا يعرف التراجع، تحمل صوت فلسطين وجراح غزة إلى العالم الغربي، لتكون شاهدة على الألم وصوتًا للحق في أحلك الظروف".

الصحافية الشهيدة هبة العبادلة

الصحافية الشهيدة هبة العبادلة.jpg

تخرجت ابنة مدينة خانيونس، من تخصص اللغة العربية والإعلام "جامعة الأزهر"، ثم التحقت لتكمل الماجستير، وقطعت شوطًا كبيرًا به، إذ كانت على مشارف مناقشة الرسالة ولكن الموت كان أسرع منها فخطفها قبل أن تحقق حلمها.

عملت هبة كمذيعة أخبار ومقدمة برامج في عدة إذاعات محلية منها راديو الأزهر وإذاعة صوت وطن، وعملت منسقة دائرة القبول والتسجيل بجامعة غزة فرع الجنوب، إضافة لعضويتها في مجلس إدارة نادي الإعلام الاجتماعي الفلسطيني، وهي أيضًا مسؤولة ملف المرأة العاملة في المكتب الحركي الفرعي للعمال.

لم يُكتب لهبة النجاة من حرب الإبادة الجماعية، في 9 يناير 2024، ارتقت شهيدة رفقة ابنتها جودي ووالدها وأخوالها، إذ ارتكب الاحتلال مجزرة بحق عائلة والدتها "الأسطل"، فقصفهم بشكل متعمد وقتل حوالي 59 شهيدًا.

عانت هبة قبل استشهادها، شعرت بأنفاس الموت وهي تقترب منهم، كتبت وقالت: "3 أيام من أصعب اللحظات التي يُمكن أن يمر بها الإنسان تحت صوت القذائف والاشتباكات وبقايا البيوت التي يتم استهدافها ويسقط ركامها فوق رؤوسنا، ورائحة البارود والغاز ناهيك عن صوت تحرك الدبابات بجوارنا. نحتسب خوفنا وصبرنا عند الله.. ونقول إننا كُلنا لسنا أرقام وكُل منا لديه أحلام وطموحات وذكريات".

نقلت صوت الحقيقة لمدة ثلاث أشهر، كتبت عن الحرب ولوعتها، غامرت بحياتها لأجل نقل الرسالة، وقبل استشهادها وآخر ما كتبته كانت مناشدة للإنقاذ من بيت خالها عادل الأسطل في خانيونس: "دعواتكم الصادقة لنا الزميلات العزيزات.. أنا وأهلي ومعنا 5 عائلات حوالي 30 سيدة و10 أطفال و20 شابًا ورجلًا موجودين في منطقة السطر الغربي شارع 5 والدبابات تحيط بنا.. ندعو الله السلامة لنا جميعًا ونُحملكم أن تنقلوا صوتنا في حال كتب الله لنا الشهادة".

اُستشهدت هبة وبقي أثرها الطيب يرافقها بعد الرحيل، نعاها الكثير من الأصدقاء والزملاء، فكتبت الصحافية أسماء الغول: "وداعًا هبة العبادلة، استشهدت في قصف على منزلها مع ابنتها، رائعة وقوية في ذاكرتي، كان فريقنا للمناظرات أشطر وألطف فريق بسببك".

أما الصحافية هداية شمعون نعتها قائلة: "ونخسر بعضنا كل يوم في غزة، نخسر الجميلات المبدعات اللبقات نخسر أحلامهن طموحهن شغف الحياة ينطفىء بقسوة في ابتسامة كانت تكافح كثيرًا..استشهاد الصحفية هبة العبادلة مع طفلتها جودي، وأمها، كانت هبة صوتًا متألقًا في مناظرات فلسطينيات، تألقت وارتقت ونحن نتجذر في الحزن حتى الثمالة".