بنفسج

أمل زهد... آلاء الهمص..دعاء شرف...آمنة حميد

الأحد 01 ديسمبر

لماذا يُقتل الصحافييون في غزة؟ قد يبدو سؤالًا سحطيًا للوهلة الأولى، فيُقتل الصحفي كما يتقتل غيره في غزة، ففي حرب الإبادة الجماعية، كُلنا مستهدفون، ولكل منّا سبب لاستهدافه، فإما أن تكون مقاومًا فتدافع عن أرضك حتى تُقتل، وإما أن تكون مواطنًا غزيًا عاديًا، ولكنك في نظر المحتل لست كذلك، بل جزء من مجتمع احتضن المقاومة ورضي بها، فعليك أن تُقتل أيضًا، وإما أن تكون امرأة أو طفلًا أو عاجزًا أو مريضًا، كل هذا لا يهم فعليك أن تدفع ثمن العزة والكرامة، فتقتل أيضًا. 

وإن كان القتل موجهًا نحو غزة، فإن معركته مع الصحافة باتت أكثر وضوحًا، يستهدف الاحتلال الصحافة في غزة، يُكمم الأفواه ويحاول أن يضلل الحقائق، ولكن صحفيو غزة صمدوا ومازالوا، فما إن يسقط "مايك" أحدهم حتى يسنده الآخر.  نستكمل في سلسلتنا هذه الحديث عن الصحفيات الشهيدات في غزة،نستعرض سيرهن الذاتية لنقول أنهن كُن ينقلن الخبر، حتى أصبحن كل الحكاية. 

الصحافية الشهيدة آلاء الهمص

الصحافية الشهيدة آلاء الهمص.jpg

صحفية فلسطينة ولدت في قرية يبنا المهجرة عاشت في مخيم يبنا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.حاصلة على البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة الأزهر، تنقلت بين الوكالات الصحافية ومارست العمل الصحافي المكتوب والمرئي والمسموع،انتهى بها المطاف للعمل كعضو هيئة تحرير في مجلتنا هذه.

 أم لعبدالله الذي يبلغ من العمر 15 عامًا، وكانت تنتظر أن تكون أمًا للمرة الثانية، تحمل في أحشائها إبراهيم  ذو الستة أشهر، وبينما تتجهز لاستقبال مولودها بحماس، قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلها، فنجت وجنينها بأعجوبة، لكنها فقدت والدتها و10 من أفراد العائلة، وأصيبت بكسر في العمود الفقري.

"هذه صديقتي التي أؤجل نعيها كل يوم علّها تعرف أنني حزينة لغيابها فتأتي كعادتها، لأنها لم تحزنني ولم تخذلني يومًا، كانت ملاكًا خلوقًا تترفع عن الصغائر وعن المؤذين فتختار الابتعاد وتفوض أمرها لله، رحمك الله يا حبيبتي وصديقتي بل أختي الوفية وجبر كسري في فقدك" 

تعافت من إصابتها قليلًا، لأجل طفلها عبدالله وجنينها، وبنات شقيقها اللواتي تجرعن مرارة اليتم في عمر صغير، فأقسمت أن تكون الأم والأب لهن، وبينما هي تتعافى من الإصابة، قصف الجيش الإسرائيلي البيت للمرة الثانية، أصيب ابنها إصابة خطيرة، ومات جنينها وبقي ميتًا في رحمها لأيام، خاف الأطباء إخراجه فيتأذى ظهرها وتصاب بالشلل، لكنهم أجروا العملية لاحقًا لتستشهد هي بعد جنينها بأيام، وليكون 16 فبراير/شباط 2024 تاريخ استشهادها.

رحلت آلاء وتركت الابن والأصدقاء وزملاء العمل يبكونها في كل موقف، يستذكرون مواقفهم سويًا، يرددون كلماتها، نعتها صديقتها المقربة الصحافية غالية حمد: "هذه صديقتي التي أؤجل نعيها كل يوم علّها تعرف أنني حزينة لغيابها فتأتي كعادتها، لأنها لم تحزنني ولم تخذلني يومًا، كانت ملاكًا خلوقًا تترفع عن الصغائر وعن المؤذين فتختار الابتعاد وتفوض أمرها لله، وكلما ناقشتها بأن عليها أن تدفع عن نفسها أذاهم تقول لي كعادتها خليهم لله، رحمك الله يا حبيبتي وصديقتي بل أختي الوفية وجبر كسري في فقدك. وجَبَر كسر ابنك الناجي الوحيد الذي تركتيه بعد أن كنتي له أمًا وأبًا وعالمًا".

الصحافية الشهيدة آمنة حميد

الصحافية الشهيدة آمنة حميد.jpg

ابنة مخيم الشاطئ والتي تعود أصول عائلتها إلى مدينة أسدود المحتلة، وهي زوجة الصحفي سائد حسونة وأم لستة أطفال أكبرهم مهدي، محمد وأمير وعلي وغنى وأصغرهم ضحى. هي صحفية وشاعرة وناشطة نسوية فلسطينية، حصلت على درجة البكالوريس في الصحافة والاعلام من الجامعة الاسلامية بمدينة غزة ثم التقت ببرنامج الماجستير في جامعة الأقصى، عملت صحفية في عدة صحف ومجلات، وعرفت بقلم أدبي عذب، وهي كذلك ناشطة اجتماعية تدافع عن حقوق المراة والطفل .

أنشأت آمنة برفقة زوجها سائد وعدد من الأدباء والصحفيين والصحفيات "منصة حكايا غزة "وهي استكمال وفاء لما بدأ به رفعت العرعير، حيث توثق الشهادات والحكايا لكل شخص ولكل قصة موقف.

تعرضت آمنة لحملة تشهير من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ تبنت القناة 14 الإسرائيلية صورة لها زعمت أنها جزء من المقاومة الفلسطينية المسلحة.

تعرضت آمنة لحملة تشهير من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ تبنت القناة 14 الإسرائيلية صورة لها زعمت أنها جزء من المقاومة الفلسطينية المسلحة، ظهرت في فيديو بثته القناة 14 العبرية للتحريض ضدها وضد آخرين ظهروا في مقطع مصور في مجمع الشفاء الطبي قبيل اقتحامه وحصاره الأخير في التاسع من آذار 2024 من قبل جيش الاحتلال.

ًاُستشهدت آمنة وابنها البكر مهدي في 24 أبريل/ نيسان لعام 2024 في غارة اسرائيلية على منزل عائلتها في مخيم الشاطئ تاركة خلفها خمسة أيتام فقدوا أمهم وتفرقوا عن أبيهم الذي اختطفه جنود الاحتلال في كانون الأول 2023، وعذبوه قبل أن يُطلقوا سراحه، حيث توجه آنذاك جنوبًا لأنه لم يتمكن من الاتصال بعائلته.

الصحافية الشهيدة دعاء شرف

الصحافية الشهيدة دعاء شرف.jpg

حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية بغزة، متزوجة من الصحفي محمد هنية المحرر في جريدة الرسالة، تعمل كمعدة ومقدمة برامج في إذاعة الأقصى، وأبرز برامجها برنامج "مساء ملون" الذي يبث عبر أثير الأقصى، وهو اجتماعي مختص بالمجال التربوي، إضافة لبرنامج "آخر المساء" الذي يستعرض أبرز الأخبار المحلية والدولية.

في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان زوج الصحافية دعاء يبحث عن عبوة حليب في الصيدليات لطفله الرضيع عبيدة -عام ونصف- وبينما هو في طريقه لمنزل عائلة زوجته الواقع في حي اليرموك، سمع أصوات انفجارات عنيفة، ليركض نحو البيت ليجد أن البناية التي تقطن بها زوجته وعائلتها قد تم قصفها.

نتج عن "مجزرة اليرموك" 300 شهيدًا، ومن عائلة زوجته لوحدها 55 شهيدًا. لم ينتشل محمد هنية زوجته وطفله فورًا بل بقي لتسعة أيام يحاول انتشالهم لدفنهم، فوجدهم بالنهاية وقد كانت دعاء تحتضن طفلها عبيدة، ولم يعرفهم في البداية بسبب تحول أجسادهم لأشلاء، حيث عرف طفله من ملابسه.

الصحافية الشهيدة أمل حسن زهد

الصحافية الشهيدة أمل زهد.jpg

صحافية فلسطينية من قطاع غزة، تقطن في المحافظة الوسطى وتحديدًا مدينة دير البلح، عملت في المجال الإعلامي منذ تخرجها من الجامعة، تبلغ من العمر 27 عامًا، كانت أمل تعمل كمصورة، ولم تتوان عن تصوير الأحداث المختلفة.

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل أمل الواقع في دير البلح، مما أدى لاستشهادها على الفور، رفقة والدتها السيدة أم بلال زهد.