بنفسج

التطهير العرقي في غزة: القتل الجماعي بكل السبل الممكنة

الإثنين 28 ابريل

التطهير العرقي في غزة
التطهير العرقي في غزة

ارتقى أطفال آل كوارع هذه الليلة في مجزرة دامية، وأخرى في منطقة الشمال، وثالثة في الوسطى، ورابعة في المواصي، ولا تكاد المجازر تنتهي، بل أخذت مدى أوسع بما يطابق التطهير العرقي والإبادة الجماعية في تعريفاتها وآلياتها الحربية البشعة. لم يعد الأطفال يقتلون والنساء يعدمن، هكذا على سبيل الصدفة، أو لأن الاحتلال يشتبه بوجود عناصر مقاومة، بل أصبح يتعمد قتل النساء لأجل قتلهن، وقتل الأطفال لأجل قتلهم، والسبب أنه طفل، يُقتل الطفل لأنه طفلًا ليس إلا مع سبق الإصرار.

 وهذه هي تهمته وهذا هو ذنبه، وُلد هذه البقعة من الأرض وفي هذا الوقت من الزمان، قُتل على اعتبار ما سيكون مستقبًلا. ومع الوقت يتقبل الناس أجمعين مشاهد الجثث الهزيلة المترامية المقطعة على جوانب الشوارع، المحروقة المهترئة الجائعة، كأنها جزء من المكان ومشهديته المعتادة، فنقول "قُتل طفل جائع في غزة...وتطاير جسده" في أبشع مجازر تهدف إلي التطهير العرقي في غزة.

حرب تطهير وإبادة

التطهير العرقي في غزة

في كل يوم في غزة، يرتقي 115 شخصًا، وهو ما يوازي شخصًا من كل 55 من سكان القطاع بمعدل (46 طفلا 31 امرأة 38 رجلًا)، و266 شخصًا يصابون بجراح وهو ما يوازي شخصا من كل 23 من سكان القطاع، و31 شخصًا يعدون في عداد المفقودين، و5480 شخصًا يجبرون على النزوح من منازلهم.
إن كل ما يحدث في غزة حتى الآن ينطبق مع تعريف القوانين الدولية لكل من التطهير العرقي والإبادة الجماعية، فما هي الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي.

التطهير يعني جعل منطقة متجانسة عرقيًا باستعمال القوة أو الترهيب لإبعاد أشخاص من طوائف معينة من المنطقة، من خلال استخدام الأساليب الحربية التي يكون هدفها الأساسي نشر الرعب بين السكان المدنيين، وكذلك من خلال الترحيل القسري للسكان وتهجيرهم. وسابقًا استخدمت ممارسة التطهير العرقي بأشكال أبرزها في يوغسلافيا السابقة، بهدف إنشاء مناطق جغرافية (عادة باستخدام وسائل العنف) فيكون فيها السكان بشكل حصري من أشخاص ينتمون إلى نفس القومية أو الأصل العرقي، وهو ما يحصل تمامًا في البقعة الجغرافية الصغيرة، غزة، إذ تحرص الهجمات الحربية الإسرائيلية على تطهير الفلسطينيين والتخلص منهم بقتل أطفالهم ونسائهم أولًا، وفي ذلك أولية للأهداف الاستعمارية التطهيرية.


اقرأ أيضًا: إعدام على طريق النزوح: هكذا قتل الاحتلال الطبيب مقادمة وأمه


أما تعريف الإبادة الجماعية؛ فهي التدمير المتعمد والمنهجي لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أصلهم في منطقة جغرافية معينة. وأكدت وزارة الصحة في قطاع غزة أن الجيش الإسرائيلي ارتكب أكثر من 7 آلاف "مجزرة" منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023 ومسح أكثر من 1600 عائلة من السجل المدني. وقالت الوزارة، في بيان إحصائي، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب 7160 "مجزرة" بحق العائلات الفلسطينية في غزة ومسح بالكامل نحو 1600 عائلة عدد أفرادها 5612 شخصًا، من السجل المدني.  وهناك دلال تشير أن ما يحدث في غزة ينطبق على تعريف التطهير والإبادة، وأهمها:
 
القتل الجماعي في غزة

التطهير العرقي في غزة

بلغ عدد العائلات التي مسحت من السجل المدني في غزة 1,600 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال، بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وعدد أفراد هذه العائلات 5,612 شهيدًا، في حين أن 3,471 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال ولم يتبق منها سوى فرد واحد، وعدد أفراد هذه العائلات فاق 9,000 شهيدًا

يستهدف الاحتلال العائلات اقتناصًا، أي أنه يلاحقهم واحدًا واحدًا حتى آخر جنين فيهم من داخل رحم أمه، وكأنهم فرائس يحاصرها ويلتهمها واحدًا تلو الآخر، وهو ما حصل مع عائلة النجار، وهي أكثر العائلات فقدا للأفراد بواقع 520 شخصا، نساء وأطفالًأ ورجالًا وشيوخًا. كما قُتل ما لا يقل عن 38 فردا من عائلة الأسطل من 3 أجيال، بما في ذلك 7 نساء و20 طفلا، في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم في منطقة السطر غربي خان يونس.

ومن عائلة المصري 226، وعاشور 166، وشاهين 164، وحمدان 151، والمدهون 146، وأحمد 145، وعبيد 144، وحجازي 141. وهذه العائلة لوحقت في كل أماكن وجودها ونوزحها وتنقلاتها من البيوت إلى الخيام وحتى الشوارع والأسواق.

ما نود قوله هنا، وبكل تأكيد، تعمد الاحتلال قتل الأسر بشكل مقصود للتطهير العرقي، وليس قتل فرد واحد مستهدف بعينه، وليس أدل على ذلك من استهدافه للبلوكات أو المربعات السكنية بالكامل، فهو لا يقصف شققًا منفردة أو بيوتًا بل مربعات سكنية كاملة. وهذا يعني استهداف مشار إليه ومخطط له عن طريق الذكاء الصناعي وغيرها من الأدوات التي تسهل استهداف المواقع المحددة التي يقتل كل أفراد العائلة فيها من كبيرهم إلى صغيرهم.
 
حرق الخيام

التطهير العرقي في غزة

ليست محرقة تل السلطان وحدها، ولا محرقة رفح، ولا الأجساد التي تحرق في البث المباشر أمام أعيننا وأمام أعين العالم أجمع فحسب، بل سياسة إعدام بشعة مرعبة يستخدمها الاحتلال في إحدى أساليب الإبادة الجماعية والتطهير العرفي في غزة، من خلال إعدام جماعي أو حرق جماعي للناس الذين يحتمون بخيام الأنروا أو المستشفيات أو مناطق عمل الصحافة، وكلها مناطق مكتظة بالسكان، إسقاط قنبلة واحدة كفيلة بتدمير الخيام وحرقها وغرسها في أعماق الأرض بأجساد الأطفال والنساء والرجال، حتى أن أمل النجاة فيها ضئيل، وأمل العلاج منها صعب، فمصابو الحروق يعانون كثيرًا ويتألمون حد الموت، ولا علاج ولا مواد طبية تساعد في العلاج أو التخفيف من الألم.