بنفسج

رحلت رفيقة الكاميرا شهيدة رفقة والدتها

الإثنين 02 يونيو

استشهاد المصورة أريج شاهين
استشهاد المصورة أريج شاهين

كان سلاحها الوحيد كاميرتها التي تصنع فيها الحياة الملونة، في زمن الحرب والموت المحقق، تلتقط صور المأساة وتنشرها ليرى العالم أي محرقة يعيش الغزي في حرب الإبادة الجماعية، ثم تتلوها بصور الحب والأمل، خوفًا من تعهد الكاميرا الموت فقط والدمار، فتنتزع حياة ببعض الأمل رغمًا عن الحرب والمقتلة التي لا تتوقف، أعلنت استعدادها لتصوير العرسان، لتكون شاهدة أبدية على الفرح في مدينة الموت، وبالفعل، بعدستها التقطت صورًا كثيرة تغمرها الورود لتغطي على رائحة الدماء والركام التي التقطتها العدسة في يوم ما.

لديها أحلام بحجم الجبال كانت تود العيش لتحققها، ولكن صاروخًا إسرائيليًا قضى على الخطط والأمنيات، لتصبح ذكرى لفتاة مصورة اسمها أريج شاهين، نستضيف في بنفسج شقيقتها أحلام لتروي لنا عن استشهاد الابنة المفعمة بالحياة، الطموحة، الحنونة، كما تصفها، والأم التي خلف رحيلها جرحًا لا يلتئم.

الماما والأخت شهداء

استهداف العائلات الغزية
 

في 3 يناير 2025 وبينما العالم يحتفل ببدء عام جديد، وبعد 6 أيام من ذكرى ميلاد المصورة أريج شاهين التي تمنت به الأمن والسكينة، دوى انفجار عنيف سمعته شقيقتها أحلام من بيتها البعيد عن بيت العائلة في مدينة النصيرات وسط مدينة غزة، ليأتيها الخبر باستهداف بيت العائلة.

تقول لبنفسج: "صُدمت وقتما تلقيت الخبر، كان آخر حديث بيني وبين شقيقتي أريج أنها ذاهبة لتصوير جلسة لعرسان، ولتوها عادت إلى البيت لتأخذ قسط من الراحة، قبل أن تبدأ العمل على حاسوبها لترتب ما صورته اليوم، جاءتها جارتنا لتنسق معها لجلسة تصوير، وبينما هما تتفقان دوى الانفجار فتقتل أمي وأريج وتصاب الجارة وتنجو بأعجوبة".

كانت أميرة شقيقة أريج ستجلس معهما لتبادل الأحاديث لكنها أخبرتهما أنها ستُخلد صغارها للنوم وتعود لهم فورًا، فنجت من موت محتمل، تضيف أحلام: "في ذلك اليوم كان في البيت 13 فردًا جميعهم نجوا إلا أمي وأريج، كونهما الأقرب للاستهداف، ورحلتا الاثنتين سويًا بعدما كانتا تشعران بقرب الأجل، فأمي كانت تذكر أخي الذي مات قبل سنوات وابن خالتي التي استشهد قبل شهر من استشهادها وتعبر عن اشتياقها".

قبل يومين من استشهاد السيدة نعمة شاهين أخبرتها العائلة أن وزنها قد قل كثيرًا، فردت عليهم: "أحسن خليني اكون خفيفة وقت ما يحملوني بالكفن".

"أما الابنة أريج فكانت مقبلة على الحياة بشكل لا يوصف، تنسق المواعيد مع أناس لم تراهم منذ شهور طويلة، وتلتقي بهم، وكأنها كانت تودع كل الأحبة". تقول أحلام.

كان رحيل الأم والابنة معًا ضربة موجعة للعائلة التي تعدهن روح البيت، ول33 حفيدًا افتقدوا وجه تيتة نعمة بين أروقة البيت، وأريج مصورة العائلة التي تلتقط لهم صورًا رائعة للذكرى، فرحلت هي وظلت صورهم بأنامل مصورتهم حاضرة.

ذكرى وصورة

أريج شاهين

لم تتأقلم أحلام بعد على غياب والدتها، تظن أنها كلما ذهبت إلى البيت سيصدح صوت أمها بالأرجاء لترحب بها وبأطفالها الثلاثة، وسيقفز ابنها عبدالله بين أحضان أريج التي احتضنته منذ صغره.

تقول عن والدتها: "إنها سيدة لن أقابل مثلها في حياتي، طيبة، رقيقة، بشوشة الوجه، لديها نفس رائع في الطعام، تحتفي بضيوفها بطريقة مبهرة، نحن بناتها الأعز لديها وأشقائي الشباب".

عانت أحلام في بداية زوجها فلم ترزق بالأطفال إلا بعد خمس سنوات، فكانت أمها نعمة تطبطب على قلبها المجروح من الانتظار، حتى رزقها الله بالتوائم منة وعبدالله وناهض، فابتهجت العائلة لأجل الابنة التي مُنيت بالأمومة.

تكمل: "بقيت في بيت عائلتي ثلاث سنوات مع أطفالي الثلاثة، أمي تفعل كل ما يجب لهم رفقة شقيقتي أريج، كانتا أمان لصغاري، وخصوصًا أنني امرأة عاملة، وتعلقوا بهما وعند رحيلهما هم أكثر من تأثر".

"بدنا نستشهد ونروح عالجنة عند تيتة وخالتو أريج اشتقنالهم كتير يا ماما" يقول الثلاثي الصغير لأحلام عن حلمهم الوحيد الآن ويدعون الله بلقاء قريب معهن.

تضيف أحلام: "رحلت الوالدة التي كانت ملجأي وسندي، وشقيقتي التي كان لديها أحلام كثيرة، أذكرها عندما دخلت عالم التصوير مع أنها درست المحاسبة، لكن الشغف كان أقوى، شجعها والدي على اللحاق بحلمها الأول ففعلت".

تنهي حديثها: "حسهم لسا بالدنيا حبايبي.. إمي كان نفسها كتير تزوج أختي أريج وأخويا المغترب ببريطانيا وكان نفسها تشوفه كثير، لكن أمر الله غالب".