بنفسج

بين أحضان العائلة: طرق لقضاء أوقات مشتركة

الخميس 18 مايو

لا يختلف أحد على أهمية العائلة، وقضاء الوقت المشترك بين أفرادها، ومساهمة ذلك بشكل كبير في خلق الروابط النفسية والعاطفية والذهنية بين أفرادها، وقد تناولت العديد من الدراسات التأثيرات النفسية لقضاء الوقت المشترك مع العائلة، فمثلًا أشارت دراسة أميركية إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا مع عائلاتهم في الحديث وجهًا لوجه دون مشتتات أخرى، لديهم إحساس بالثقة والتقدير الذاتي أكثر من الأطفال الآخرين.

لا يختلف أحد عن أن نمط الحياة السريع يجعل الفرد منغمسًا بواجباته ومسؤولياته؛ فالأب والأم يسعيان بشكل كبير لتوفير الموارد لأطفالهم، إضافة إلى متابعة الواجبات المدرسية والواجبات الاجتماعية والأعمال المنزلية وغيرها، هذا الضغط اليومي جعل مهمة التواصل الحقيقي فيما بين أفراد الأسرة أصعب شيئًا فشيئًا.

يشير المختصون أن الأطفال الذين يقضون وقتًا مميزًا مع عائلاتهم يتميزون بالتالي: ثقة بالنفس، تعزز التصرفات الإيجابية وتقلل هامش التصرفات السلبية (كالتدخين مثلًا)، يتكون لديهم ذكريات أسعد عن عائلاتهم، يتمتعون بتواصل جيد مع آبائهم وأمهاتهم مما يساعدهم على التعبير عن أنفسهم بشكل أفضل.

وعلى الرغم من تواجد الأسرة غالبًا تحت سقف واحد، إلا أنه لا يمكن اعتبار الأسر جميعها "متواجدة"! فالانشغالات اليومية والتكنولوجيا والأجهزة الذكية، أصبحت تشكل جدرانًا تخنق العلاقات الأسرية شيئًا فشيئًا، فيجد الآباء صعوبة في التواصل مع أبنائهم والعكس كذلك. ولكي يكون وقت العائلة هو وقت نوعي ومن أجل علاقات أسرية أكثر انسجامًا، إليكم بعض النصائح التي نأمل أن تسهم في اجتماع العائلة و"شحن بطارية السعادة الأسرية" لديكم:

  | عائلتنا.. كنزنا الثمين

من المهم أن تخصصي وقتًا من يومك مع عائلتك، على أن يكون ثابتًا ولا يمكن التعدي عليه، وهذا يعني أنه لا يُسمح بعقد الاجتماعات أو المواعيد الخاصة في هذا الوقت، وبذلك، تغدو لحظات التواجد في المنزل مع العائلة ممتعة.  احرصي على زيارة حديقة الحيوان على سبيل المثال، أو اجعلي أطفالك هم من يقودون الوجهة، ثم اختاري لهم نشاطًا، وبصرف النظر عن ما قد تختارينه، تأكدي من عدم وجود شيء يعيقك عن قضاء الوقت معهم.

 | لا متطفلين على مائدة الطعام!

اجعلي تناول الطعام عادة عائلية، سيعتاد أطفالك ذلك، وانتظروا الأب حال تأخره في العمل، واعلمي أن الأطفال الذين يأكلون مع والديهم بشكل يومي هم أكثر سعادة، وأداؤهم أفضل في المدرسة من الناحية السلوكية والأكاديمية. وامنعي بشكل واضح إحضار الأجهزة الذكية أو الإلكترونيات إلى المائدة، فالمائدة هي مكان مخصص للحوار والحديث عن مجريات يومكم جميعًا.

لتكن فكرة تناول وجبة الطعام فرصة للتعرف على أطفالك بشكل أفضل، اسأليهم عن الجزء الأفضل في يومهم وكذلك الأسوأ، ولا تترددي بالاستفسار عن أصدقائهم أو موضوعاتهم المفضلة في المدرسة. عندئذ ومع الوقت، سوف تعرفينهم أكثر، تخيلي لو فوّتي جلسة العشاء هذه!

 

 | الأطفال ليسوا طرفًا سلبيًا، أشركيهم!

لأن مهمة الوالدين الأساسية تكمن في تربية أبنائهم ليكونوا ناضجين ومستقلين؛ لا بأس في أن يشاركك أبناءك في العناية بالبيت وأن تقسمي الأعمال المناسبة لكل طفل حسب عمره.

 واستقطعي الوقت الكافي لتعلميه الطريقة الصحيحة للقيام بها؛ هذا سيساعد أطفالك ليحققوا شيء من الاستقلالية والاعتماد على الذات.

 وفي الوقت نفسه، يقضون مزيدًا من الوقت بصحبتك، بمجرد أن تعلميهم القيام بأمورهم الخاصة بأنفسهم، ثقي أن أعمال المنزل ستمضي بشكل أسهل، وسيوفر ذلك وقتًا أطول مع العائلة.

 

| أزواج أفضل..عائلة أقوى!

التركيز على علاقتك الزوجية يمنح أطفالك وقتًا للانشغال بأنفسهم؛ مع الأخذ بعين الاعتبار أن قوة علاقتك الزوجية ستساعدكما على مواجهة الصراعات اليومية التي تؤثر على حياتكما. إن التفاهم والمحبة ووضع طاقة في الاستثمار بعملاقتك بزوجك أو علاقتك بزوجتك سيثمر بشكل مباشر في أطفالكم، من خلال التفاهمات التي تتم فيما بينكم، علاوة على مقدرة الحب إذابة الكثير من الحواجز والضغوطات والتوترات المصاحبة للحياة الحديثة.

إن قضاء أطفالك الوقت معًا كأشقاء بدون تواجدك بقربهم، سيعزز من ترابطهم، بالإضافة لذلك، فإن السماح لهم بقضاء الوقت مع "جليسة أطفال" موثوق بها أو أحد أفراد العائلة سيمنحهم فرصة لتكوين روابط خاصة بهم.

| استثمري وقت الإجازة 

لا بد من استثمار وقت الإجازة مع العائلة بعيدًا عن التزامات العمل، استثمريه بشكل جيد! سواء قررت الخروج لاستئجار كوخ لمدة أسبوع أو بقيت في المنزل، المهم ألا تهدري الفرصة، فقد ثبت أن الإجازات تقوي الروابط الأسرية.

 وهذا ما تؤكده روايات عدد من الآباء بأن الإجازات أتاحت لهم معرفة أوسع بأطفالهم. والطبيعة الحية هي مساحة رائعة لتشكيل الذكريات الجميلة وتفريغ الطاقة السلبية، لا بأس أن تذهبوا إلى أقرب حديقة أو مساحة مفتوحة واتركي للأطفال حرية الركض والجري والضحك.

 الأجهزة الذكية .."ضرّة" الوالدين!

في أيامنا هذه، يلتصق الآباء والأبناء على حد سواء بأجهزتهم الإلكترونية؛ والتي تشمل أيضًا أنظمة الألعاب اللوحية "تابلت" وألعاب الفيديو التي تشغل الأطفال وقتًا طويلًا! حاولي إبعاد تلك الأجهزة عن أفراد عائلتك لبضع ساعات في اليوم، ويُفضل ذلك قبل النوم بقليل، مما يجعل الطفل أقل ارتباطًا بالأجهزة الإلكترونية التي تؤثر على حياته.

لقد ظهرت مؤخرًا مئات الدراسات التي تشير إلى الارتباط الوثيق بين سوء استخدام الأجهزة الالكترونية وظهور طيف التوحد، وأمراض الأعصاب، وأمراض العيون، والعصبية، والتوتر لدى الأطفال، كل هذه العوامل يمكن أن تجني ثمارًا طيبة منها إذا استخدمت المنهج النبوي في التعامل الحياتي "خير الأمور أوسطها"، فلا بأس باللعب وبالتسلية، ولكن فليكن لكل شيء ميزان وتقدير يتوافق مع مصلحة أطفالكم بالدرجة الاولى.