بنفسج

كي لا نخسر أطفالنا: لماذا يجب أن نوحد أساليب التربية؟

الأربعاء 17 اغسطس

بقدر ما تتنظر الأم عطلة نهاية الأسبوع، للراحة والتخلص من روتين أسبوع طويل، ولقاء الأحبة والأقارب والأصدقاء، بقدر ما تتوجس أحيانًا وتقلق، ابني سيقابل "فلانًا ابن فلان"، لسانه طويل ولا يتوانى عن لفظ الكلمات البذيئة! تقول أخرى ابني ينقلب لشخص آخر خارج البيت، ويخرج "العفريت" الذي في داخله"،خصوصًا عندما يلتقي بأقرانه من أولاد أشقائي، وبطبيعة الحال أمي لن تدعني أعاقبه، أشعر أن الأمور تنفت مني كليًا يوم العطلة! لتقول ثالثة: أصبحت أكره يوم العطلة واجتماعنا العائلي الأسبوعي، هل تعلمن لماذا؟ لأننا وفي كل مرة نعود فيها إلى المنزل، نتشاجر أنا وزوجي بسبب الأبناء، لتبدأ سمفونية:" أمك تفسد الأبناء، أبوك يقول كذا، ابن أخيك يعلم أطفالنا كذا..." 

| الازدواجية التربوية

يُجمع التربويون على أن الازدواجية التربوية؛ تعني الاختلاف في أسس التربية بين الأهل فيما بينهم [الأب، الأم، الأجداد، الأقارب بشكل عام] والمجتمع بكل مكوناته [الأصدقاء، المدرسة، النوادي الرياضية إلخ]، بحيث تختلف أسس التربية بين المؤسسات التعليمية والأسرة.
 
 فيصبح الطفل مشتتًا بين جهتين تتناقضان أحيانًا فيما يتم تعليمه للطفل. كما أن وجود الانسجام والتوافق بين الزوجين العاطفي والفكري، سيكون المُساعد الأول في توحيد التربية التي سيتلقاها الطفل في البيت أولًا.

يُجمع التربويون على أن الازدواجية التربوية؛ تعني الاختلاف في أسس التربية بين الأهل فيما بينهم [الأب، الأم، الأجداد، الأقارب بشكل عام] والمجتمع بكل مكوناته [الأصدقاء، المدرسة، النوادي الرياضية إلخ]، بحيث تختلف أسس التربية بين المؤسسات التعليمية والأسرة، فيصبح الطفل مشتتًا بين جهتين تتناقضان أحيانًا فيما يتم تعليمه للطفل. 

ترتبط تربية الطفل بميثاقٍ غليظٍ بين الزوجين في البداية، باختيار الشريك/ة الذي والتي سيكون وتكون عونًا لإنشاء أسرة، إذ يقوم الزوجان بنقل ما يحملان من أفكار وقيم ومبادئ حتى بعض الطباع الشخصية لأبنائهم، بأساليب تلائم كل مرحلة ابتداءً بمرحلة الطفولة، المرحلة التكوينية التي من خلالها يتم بناء حجر الأساس في شخصية الفرد.

فوجود الانسجام والتوافق بين الزوجين العاطفي والفكري، سيكون المُساعد الأول في توحيد التربية التي سيتلقاها الطفل في البيت أولًا، فما يقوله الأب لا تعارضه الأم، وما تفرضه الأم من قواعد تربوية لا يتفلت منه الأب لأي حجة كانت:" دعيهم فهم صغار، لا تستمع لما تقوله أمك، سيكبرون ويتعلمون من تلقاء أنفسهم"، وغيرها من الحجج التي نستمع إليها بشكل مستمر يوميًا. 


اقرأ أيضًا: كيف تُساعد القواعد والحدود الأم والطفل معاً؟


إذ يعتبر الوالدان هما المربيان الأولان للطفل، فالازدواجية في التربية تكون بدايةً نتيجة انعدام التفاهم بين الزوجين، فيقوم  كل منهما بمحاولة تسيير الطفل في اتجاهٍ يُرضيه، دون الانتباه لأسس التربية السليمة التي من شأنها أن تبني شخصيةً مستقرة للطفل، دون أن تجعله يقف حائرًا من سيُرضي الأب، أم الأُم! هنا، لا بد من وقفة مع الثقافة التربوية للأمهات والآباء، فلا يُعقل ألا تُكلف نفسك عناء قراءة كتاب واحد عن تربية الأطفال، أو مشاهدة مقاطع لتربويين؛ ليعينك ذلك على امتلاك زمام الأمور مع أطفالك. تجدر الإشارة في هذا أن عالم الانترنت كفيل بإثراء عقلك بكل ما يلزم دون كلفة أو جهد يُذْكَر.

 | أشكال الازدواجية التربوية

تتشكل الازدواجية التربوية بصور عديدة، كأن تكون بتعارض الزوجين في مواقف معينة فأحدهما يوافق الطفل، فيُثني على سلوك معين، والآخر يعارضه فيُبدي غضبَه وانزعاجه، وقد تكون ردة الفعل حسب مزاج أحد الوالدين، فيفرح لتصرف طفله، ويغضب بوقت لاحق للتصرف نفسه.
 
 لذا، تعتبر الخلفية التربوية لكلا الوالدين من أهم العوامل المؤثرة في تنشئة الطفل في درب طويل، كما أن نقص ثقافة أحد الوالدين بمواضيع معينة تخص الطفل، قد تكون عائقًا في التعامل معه.

| بين الزوجين: تتشكل الازدواجية التربوية بصور عديدة، كأن تكون بتعارض الزوجين في مواقف معينة، فأحدهما يوافق الطفل، فيُثني على سلوك معين، والآخر يعارضه فيُبدي غضبَه وانزعاجه، وقد تكون ردة الفعل حسب مزاج أحد الوالدين، فيفرح لتصرف طفله، ويغضب بوقت لاحق للتصرف نفسه، لذا، تعتبر الخلفية التربوية لكلا الوالدين من أهم العوامل المؤثرة في تنشئة الطفل في درب طويل، كما أن نقص ثقافة أحد الوالدين بمواضيع معينة تخص الطفل، قد تكون عائقًا في التعامل معه.

| الأسرة ومحيطها الاجتماعي: من الممكن أن يكون الازدواج في التربية على نطاق أوسع  فيتدخل في تربية الطفل المحيط الاجتماعي، من أقارب وأصدقاء، الأخوال والخالات والأعمام والعمات، والأهم من  هؤلاء جميعًا هم الأجداد والجدات، وقديما قالوا: "الأم بتربي والجدة بتدلع". لا نتحدث هنا عن حالة واحدة، فلكل أسرة خصوصيتها وظروفها، وخلفياتها الثقافية والاجتماعية.

 ولكن يمكننا القول أن كثرة احتكاك الطفل بهذا المحيط هو أمر إيجابي من ناحية، إلا أنه من ناحية أخرى لا بد أنه سيحُدث ازدواجًا في المعايير الأخلاقية والثقافية التي يتلقاها الطفل، الأمر الذي يحتاج متابعة يومية من الوالدين، وقدرة فورية على علاج الموقف، فللوالدين كل الأحقية في تربية أبنائهم، ووضع الحدود لأي تدخلات من شأنها أن تخلّ في سلوكيات الطفل أو تؤثر سلبًا بأي شكلٍ كان.

تربية 1.png
من الممكن أن يكون الازدواج في التربية على نطاق أوسع  فيتدخل في تربية الطفل المحيط الاجتماعي

| الأسرة والمؤسسات التعليمية: قد يكون الاختلاف في طرق التربية على نطاق أوسع وأشمل وأعمّ، لتظهر أزمة الازدواجية التربوية بأقوى صورها، وذلك باختلاف طرق ووسائل التربية، ما بين البيت والمؤسسات التعليمية، من حيث المبادئ والقيم وما شابه، ليصطدم الطفل ويصبح مشتتًا بين كلا الجهتين؛ ما قد يتسبب ذلك له باضطراب فكري يؤثّر على شخصيته من النواحي كافة.

| الأسرة ووسائل الإعلام: وعلى الصعيد نفسه، تعتبر التربية التي قد يتلقاها الطفل من وسائل الإعلام المنوعة بمحتوياتها المختلفة هي الأخطر على الأطفال، لكونها تُعرض ويُسمح للأطفال بمشاهدتها دون أي رقابة من الأهل. والأمثلة في ذلك كثيرة، فكم سمعنا من برامج أطفال روّجت للمثلية، أو شجعت على العنف، أو احتوت على إيحاءات جنسية، الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًا على الأطفال، فإن كنّا في كل ما سبق، نتحدث عن اختلافات في أمور فرعية أو جزئية، بموقف هنا أو هناك، فإننا في حالة وسائل الإعلام نتحدث عن أمور أكثر خطورة تمس العقيدة والهوية أحيانًا. 

| الازدواجية التربوية: حلول مقترحة 

من الجيد أن يكون الأبوان واضحان في التعامل مع محيطهم الاجتماعي فيما يتعلق بتربية أطفالهم، ووضوح الحدود المسموح فيها بالتدخل، خصوصًا إن كان لدى أحد الأقارب أو الأصدقاء سلوكيات غير مقبولة.
 
 والتأكيد على أن هذه الحدود لا تفسد للود قضية، ولا تنتقص من الأشخاص شيئًا فتربية الطفل هي حق مزدوج بين الطفل ووالديه فقط، ولا ثالث لهما.

| حسن اختيار شريك الحياة: اختر شريك حياتك لأجل أبنائك أولًا، ولأجلك ثانيًا، ولا تتعجل في الإنجاب، خذ وقتك الكافي للتعرف على شريك، أفكارك ومبادئه، حدوده التي يضعها لنفسه وللآخرين،  كيف يوجه حياته، وإلى أين يريدها أن تصل. تأكد أن الاختلافات بينكما لا تصل للقواعد العامة والأطر الكلية التي ترتضيها لنفسك، لأن ذلك سيجعل سفينتك تجري باتجاه الريح أحيانًا وعكسه أحيانًا أخرى، ولن تجد مرسًا في النهاية. 

| استراتيجيات تربوية واضحة: المسموح به داخل البيت هو نفسه المسموح به خارجه، وغير المسموح كذلك الأمر، استراتيجيةٌ تربويةٌ متفقٌ عليها بين الوالدين، يجب تربية الطفل عليها منذ الصغر، خاصة في مرحلة الإدراك بحيث يُفرّق ما بين الصواب والخطأ، فالسلوك لا بد أن يكون واحدًا في كل الظروف والأوقات، لتجنب أيّ من السلوكيات غير المقبولة من قبل الطفل، وكي لا يعيش صراعًا بين ما هو مقبولٌ وغير مقبول.


اقرأ أيضًا: أوقات ضائعة وممارسات يومية منسية


| المحبة للجميع والتربية لنا: من الجيد أن يكون الأبوان واضحين في التعامل مع محيطهم الاجتماعي فيما يتعلق بتربية أطفالهم، ووضوح الحدود المسموح فيها بالتدخل، خصوصًا إن كان لدى أحد الأقارب أو الأصدقاء سلوكيات غير مقبولة، والتأكيد على أن هذه الحدود لا تفسد للود قضية، ولا تنتقص من الأشخاص شيئًا فتربية الطفل هي حق مزدوج بين الطفل ووالديه فقط، ولا ثالث لهما.

| حسن اختيار المؤسسات التربوية والتعليمية: ومتابعة الطفل بشكلٍ دائمٍ، فلهذا الأمر أهمية بالغة لتحقيق التكامل التربوي بين الأسرة والمجتمع، بما يشمله من اختيار الحضانة أو الروضة، مرورًا بالمدرسة وانتهاءً في المرحلة الجامعية، فهذه كلها هي امتداد لدور الوالدين في التربية باعتبارها المكان الأوسع الذي سيمارس الطفل فيه ما تربى عليه في البيت، لذا، لا بد من المتابعة الدورية والاختيار الأنسب لبيئة الطفل وما تحويه من قيم ومبادئ.

تربية٦
كونكِ الأم يعني أنك بطلة في عيون طفلك فلتكوني الأصدق والألطف والأقرب  والأكثر التصاقًا بطفلك

| الرقابة على وسائل الإعلام:  الرقابة على كل ما يسمع أو يشاهد الطفل، ومن الجيد أن تشاهد معه الأم بعض الحلقات، وأن تبحث وتتابع ما يكتب عن البرامج التي يتابعها أطفالها، كما ولا بد من تحديد الأوقات التي يتابع فيها الأطفال الشاشات.

| الاستماع اليومي للطفل: الاستماع للطفل يوميًا وتثبيت ما تعلّم في يومه المدرسيّ وتصحيح المغلوط منه، للبقاء على نهجٍ واحدٍ سليمٍ يضمن للوالدين بأن تربيتهما لن تضيع سدىً لمجرد خروج الطفل من البيت.

| كن قدوة حسنة: إن توحيد وسائل وأساليب التربية من شأنها المساهمة في بناء شخصيةٍ مستقلةٍ مستقبليةٍ للفرد، قادر على اتخاذ القرارات الحاسمة والمناسبة دون تردد. وكون الوالدين قدوة لأطفالهم على ذلك. كونكِ الأم، وكونكَ الأب، يعني أنكما بطلان في عيون طفلكما، فلتكونا الأصدق والألطف والأقرب والأحب، والأكثر التصاقًا بهم، كي لا ينشأ في المجتمع صورًا من الأطفال مستنسخة من ازدواجية الأهل والمحيطين بهم.