بنفسج

نردين أبو نبعة تعزف من المنفى: "رواياتي الوطن بأكمله"

الإثنين 13 مارس

في خلفية المرآة الصغيرة تظهر نردين "أربعة سنوات"، بينما يغطي وجه أبيها المقدمة كاملة، منشغلًا بحلاقة لحيته، وصوت المذيع من إذاعة BBC يصدّح في أرجاء البيت، يحمل لهم في المنفى أخبار فلسطين الحبيبة، وفي لحظة مفاجِئة، ارتطمت أدوات الوالد البسيطة بالأرض، وتزامن ذلك مع صوت المذياع الذي جاء مزلزلًا بخبر اعتقال أحمد مطر أبو نبعة، والحكم عليه بالسجن عشر سنوات، وهدم بيته، وقد كان المعتقل هو عمها شقيق والداها.

"وعلى مدار عشر سنوات، منذ أن بدأت أخربش أولى كلماتي في الكتابة، بدأت رسائلنا إلى عمي في الأسر، يكتب والدي في الصفحة الأولى، ووالدتي في الثانية، ونحن الأبناء في الأخيرة، نخبره بالقدر اليسير من الكلمات عن أحوالنا، دراستنا، اشتياقنا، ونشكره على الهدايا التي يرسلها، فقد كانوا يرسلون لنا من السجون قلائد وأساور ومسابح لوالدي"، تقول نردين.

| في المنفى عرفت الوطن

ن1 (1).png

ومن هنا، عرفتْ نردين أبو نبعة معنى فلسطين، ومعنى أن يكون لك بلاد أنتَ مُبعد عنها، فقد هُجروا إلى ليبيا قسرًا من مسقط رأسهم، ومن الزاوية الفلسطينية، قضاء نابلس، شمال الضفة الغربية، إلى الزاوية الليبية، حيث قضت نردين طفولتها، تشير: "أجواؤها تشبه فلسطين كثيرًا، فهي قريبة من البحر الأبيض المتوسط، وفيها الكثير من أشجار الزيتون والصبار والبرتقال، هذه الأشجار التي كانت بطلة حكايات والدي عن فلسطين، والتي عرّفتني معنى أن تربط كل لحظة من لحظاتك بوطنك، وكل حبة برتقال تقطفها، وكل كوب شاي تشربه، هناك عرفت الوطن أكثر".

ولدت نردين لأبوين فلسطينيين، فوالدها قروي، ووالدتها مدنية، من مدينة نابلس، هذا التنوع والتكامل بين القرية والمدينة أضفى جمالًا غير اعتيادي على الحكايات التي نقلوها بدورهم لأبنائهم حول البلاد المسلوبة، تقول نردين: "اختلاف الأجواء بين المدينة والقرية أثرى مخيلتي كثيرًا، والدتي كانت تربطنا دومًا بالأرض، تخبرنا تفاصيل الكنافة النابلسية، حارة الياسمينة النابلسية، العادات والتقاليد وطباع أهل المدينة، الحمامات والقَفْشات التي كانوا يفعلونها بأهل القرى، وجدي – والدها - وهو صاحب مصنع صابون، وكيف كان يدعم الثوار بالأموال التي يضعها لهم من تحت الأبواب في منتصف الليل".

ن5 (1).png

تردف: "أما والدي الذي ربي في القرية، فكان يحدثنا دائمًا عن موسم حصد الزيتون، وما يرافقه من طقوس، الأعراس هناك، وكيف يحضر كل أهل القرية بدون دعوة كونهم جميعًا أهل، والطابون والأكلات التي يطبخونها، أيضًا، مواسم قطاف الصبر والتين والعنب، وما يصحبها من أجواء، ويحدثنا عن تنقله للدراسة في قرية بديا وسلفيت، وكيف كان من الأوائل على الضِفتين في الثانوية العامة"، كانت هذه الذكريات زادهم في الغربة، وبشكلٍ أو بآخر، ساهمت في تشكيل شخصية نردين الحقيقية والروائية.

| الكتابة خياري

ن10 (1).png

قبل أن تُكمل ضيفتنا سن الخامسة، كانت قد التحقت بالمدرسة، ورغم ذلك لم تفتها علامات التفوق، تقول: "عندما كنت في الصف الثاني، كنت مُلمة بأحداث قصة النبي -عليه السلام- وروايتها بشكل تفصيلي متكامل، وأذكر أنني رويتها للمعلمة التي بُهرت جدًا بأدائي، وطلبت منّي أن أمر على فصول المدرسة، فصلًا فصلًا، وأروي لهم القصة". وبقيت نردين حتى السنة الثالثة الابتدائية في ليبيا، ثم انتقلت مع عائلتها إلى السعودية تِبعًا لظروف عمل والدها المدرس.

ولم يتوانَ والداها عن الاحتفاء بموهبتها في الكتابة التي ظهرت مُبكرًا، تشير: "كُنت لا أتجاوز الثانية عشر من عمري عندما كان والدي يأخذ أي نص من النصوص الأدبية التي أكتبها، ويذهب به إلى جريدة القبس الكويتية وينشرها، وفي تلك الفترة، كان ناجي العلي ينشر رسوماته أيضًا في الجريدة، وهذا ما جعل الأمر مدعاة فخر لنا، فكان والدي يأتيني بهذه المقاطع، وهو يشعر بالزهو والفخر، وهذا من العوامل التي جعلتني أدرك أن خياري هو الكتابة".

ن7.png

وفي مدرسة الثانوية السابعة بالرياض، كان لنردين حكاية صغيرة ترويها بفخر: "قامت معلمة اللغة العربية سلوى بابقي، وهي معلمة سعودية حضرمية، بعمل مسابقة لكتابة القصة، وأنا فزت بالمراكز الأولى، فانتبهت للموهبة التي أمتلكها، وقامت بطباعة القصص الثلاثة الفائزة، حيث كنت منهن، فيما يُشبه الكُتيب، ووضعت نسخة منها في إدارة التعليم في الرياض، ونسخة في إدارة المدرسة، ونسخة لعائلتي"، وكانت هذه اللفتة من الأمور الجميلة التي ساهمت في صقل شخصية نردين ودعمها للسير قُدمًا.

ورغم أن تخصص الشريعة الإسلامية من الجامعة الأردنية في عمّان، كان آخر خيارات ضيفتنا، إلا أنها بعد مباشرة الدراسة أحبّت المجال كثيرًا، حيث يجمع بين العقيدة والدعوة، وهو تخصص أقرب إلى الإعلام والخطابة وعلم النفس؛ ما جعلها تستمتع بدراسته جدًا، وعن أدائها الكتابي الإبداعي في فترة الدراسة الجامعية، تقول: "استمريت في الكتابة وأنا طالبة في جريدة الرأي والدستور، وجريدة الطلبة، وبعض المجلات، ولكني كنت أكتب على استحياء، وقمت بتأليف مسرحيات تمت تأديّتها على مسرح الحسن بن طلال في حينها".

| بنطالي مبلل

وفي فترة إنجابها لأبنائها الخمسة، كتبت نردين مذكراتها معهم، بالإضافة إلى مجموعة من القصص العلاجية التي تعالج مشاكل يعاني منها الطفل، مثل قصة "بنطالي مبلل"، "خمسات خمسات"، "عندما اكتشفت أن أبي يحبنا"، ومجموعة من القصص الإبداعية.
 
تلى ذلك، إنتاجها لمجموعات قصصية وهي "جرس"، وأخرى باسم "بوح"، التي تعتبرها نردين التجربة الأولى والحقيقية". وقد فازت قصة "سرّ الدراجة" التي كتبتها بجائزة تقديرية عن مؤسسة بديل في رام الله في عام 2011.
 

في سن العشرين، تزوجت نردين أبو نبعة من المهندس المدني محمد الكردي، وهو فلسطيني تعود أصوله إلى قرية سمخ قضاء طبريا، تُشير: "تزوجت في سن صغيرة حتى أنّي يوم تخرجي كنت أحمل على يدي ابنتي، وعمرها لا يتجاوز الأسبوعين، وزوجي داعم جدًا لمسيرتي وكتاباتي، ولولا هذا الدعم الكبير لما كنت أصل لما وصلت إليه الآن"، وقد رزقهم الله ببشرى التي تخرجت مؤخرًا من كلية إدارة الأعمال، أنس وهو مهندس صناعي، إبراهيم الذي على وشك التخرج من كلية الحقوق، كذلك إسلام خريجة علم النفس، والصغيرة نور، وما زالت على مقاعد الدراسة الثانوية.

وفي فترة إنجابها لأبنائها الخمسة، كتبت نردين مذكراتها معهم، بالإضافة إلى مجموعة من القصص العلاجية التي تعالج مشاكل يعاني منها الطفل مثل قصة "بنطالي مبلل"، "خمسات خمسات"، "عندما اكتشفت أن أبي يحبنا"، ومجموعة من القصص الإبداعية طُبِعت لجمعية "محافظة على القرآن الكريم"، وأغلبها كانت مستوحاة من تجربتها مع أطفالها.

ن2 (1).png

وعن أول قصة كتبتها ولها حكاية، تقول: "أول قصة أطفال كتبتها، كانت بنطالي مبلل، وعندما ذهبت لوزارة الثقافة لأنشرها، رُفضت، فطبعتها في دار المنهل للنشر، لأُفاجئ بعد سنة أن الوزارة اختارت هذه القصة من ضمن مشروع المكتبة الوطنية الذي يتم فيه اختيار قصص مميزة، لطباعتها طبعات شعبية، وطبعت منها 20 ألف نسخة على نفقتهم، وهذه كانت من أجمل المفارقات التي حدثت معي في كتابتي لقصص الأطفال".

تلى ذلك، إنتاجها لمجموعات قصصية وهي "جرس"، وأخرى باسم "بوح" التي تُدرس حاليًا كمنهاج مساند للغة العربية في المدارس، تُشير: "جرس لم تحظَ بالكثير من الصدى، وكان فيها عدّة عثرات، أما بوح، أعتبرها التجربة الأولى والحقيقية". وقد فازت قصة "سرّ الدراجة" التي كتبتها أبو نبعة بجائزة تقديرية عن مؤسسة بديل في رام الله في عام 2011، تقول: "إنّها من القصص المحببة إلى قلبي، وهي تروي حكاية طفل مقدسي يحلم بدراجة هوائية، وعندما يحقق له والده حلمه يقوم الاحتلال بهدم البيت، وتَعلَق دراجته تحت الركام، وتنتهي بأنّ زملائه يخرجونها من الأنقاض".

| غزة هي الموقد

ن8 (1).png

ولمّا أصبحت الكاتبة على أعتاب الأربعين، بدأت رحلتها مع الرواية، فكانت باكورة إنتاجها عام 2013 لرواية "ربِ إنّي وضعتُها أنثى"، تلتها "قد شغفها حبًا"، ثم "باب العامود"، وأخيرًا "سبعٌ شداد". وحصلت على لقب امرأة فلسطين في الرواية عام 2017. ماذا عن عروج فكرة الرواية الأولى إليكِ؟ تُجيب: "كتبتها بعد زيارتي لغزة مع قافلة أميال من الابتسامات، وكان من الأسرار التي وجدتها هناك، وأوقدت شعلة الكتابة في داخلي، أن المرأة هي المورثة الحقيقية للمقاومة".

في جوف نردين اجتمعت حكايات غزة المكتظة بقصص الشهداء والأسرى، والنضال اليومي مع ذكرياتها لأحاديث والدها عن المقاومة، تقول: "كل قصص والدي المخزنة في ذاكرتي اشتعلت في غزة، وقد جلست هناك عشرة أيام دوّنت فيها كل شاردة وواردة، وعندما عدت إلى عمّان أفرغت المخزون الذي اتقدّ في رأسي من الأحاديث، حول عمي الأسير، والرسائل التي كنا نرسلها إليه في أسره، ومخزون آخر من حكايات المدينة والقرية وأشجار الصبار والبرتقال التي رأيتها في غزة، فتجمّعت كلها؛ لتكون الخميرة التي انطلقت منها".

145.png

وقالت في رب إنّي وضعتها أنثى، "لعبة الموت اليومية، الفسفور، الاجتياحات اليومية، الأوجاع المشتعلة تكفلت بتشكيل قلب جديد للمرأة الفلسطينية، وحتى لا يتوغل سواد الموت في بياض قلبها، سيجته بالدم ليس خيارًا ما فعلته المرأة الفلسطينية، إنها تزف قطعة من قلبها وروحها للحرية! الحرية هنا لها طعم مختلف، وهبتك لله هي كلمة المرأة التي تقاوم بها ضعف الأمومة المرهف".

أما عن أشدّ رواياتها حُبًا وقُربًا لقلبها فهي "قد شغفها حُبًا" والسبب؟: "كل رواية من رواياتي تأخذ جزءًا من روحي، لكن في رواية قد شغفها حبًا، كنت أتنقل ما بين ضفة العياش وغزة الضيف، ومجرى الرواية كان يسير على لسان زوجتين لمقاومين فلسطينيين، لم أذكر أسماؤهم لأنني كنت على يقين أن كل من يهتم بالقضية الفلسطينية سيعرف مَن هما، كما أني فضلتها وقدمت رسالة ماجستير فيها.

ن3 (1).png

ومن رواية قد شغفها حبًا، "أن تتزوجي مقاومًا.. يعني أن يكون الوطن على مقاس يده وبلون دمه وبحجم قلبه، أن يأخذ بيدك إلى الله، فتعرفين أن للسماء أبوابًا لا تغلق، وأن للمقاومة لحنًا لا بد أن يُسمع، أن تتزوجي مقاومًا يعني أن تضيئي كل أنوارك ويصبح هو أرضك وسماءك".

وعن "باب العامود" التي يكشف اسمها عن فحواها، والتي قدمت فيها رسالة الماجستير أيضًا، تعلل نردين اختيارها الكتابة عن القدس رغم أنّها لم ترها، بقولها: "نحن لأننا منفيين لم نرَ القدس، لم نتلمس أحجارها، لم نسير في زقاقها، لم نتسوق في أسواقها، لم ندخل البلدة القديمة، لم نصلِ في المسجد الأقصى، لذلك، حاولت في هذه الرواية أن أُدخِل كل منفي، وكل بعيد عن الوطن إلى هذه الأجواء". وتتحدث الرواية، كذلك، عن الأسر والأسرى وذويهم خارج المعتقل، وعن سيرة القدس، فلمّا أن غدا الإعلام يُعامِل الشهداء والأسرى كأرقام أو أبطال فقط، أرادت نردين أن تكشف الستار عن قصصهم وحيواتهم، وكل ما يمرون فيه من مشاعر، تردد، ضعف، قوة، عشق، وتمّت هذه الرواية أيضًا من خلال المرأة.

ن4 (1).png

كذلك تُجيب "باب العامود" على الكثير من الأسئلة التاريخية، ومنها التي تدور في أذهان شبابنا، مِثل؛ هل لليهود حق تاريخي وديني في القدس؟ تقول: "أجبت عن هذا التساؤل بطريقة روائية ومعرفية توثيقية تدعم النص الروائي، وحرصت على إدخال القارئ في بيوت المقدسيين غرب القدس لأن الاحتلال شوّهها، مثلًا بيت إدوارد سعيد في حي الطالبية، تحوّل إلى مقر للقنصلية اليونانية، كذلك بيت الخبير التربوي خليل السكاكيني تحوّل لروضة للأطفال، وهنا، حضرت التراجيديا والمفارقات، لأن الرواية تخرجك من واجهات البيوت العربية التي كُتِب عليها من الخارج، الملك لله الواحد القهار، بينما في الداخل يسكن صهيوني مغتصب".

من رواية باب العامود، القدس، أول السطر وأول النزف، هي كف المسيح تفيض بالنور، هي ترتيل محمد يجمع شتات القلوب. القدس يا رجالًا عتبتهم السماء. القدس يا حزن الأهداب، وقد أثقلتها مشاهد الانحناء. مَن يتجاهل ما يحدث في القدس، إما مساوم قبض الثمن، وإما اعتاد على الصفع حتى بات لا يعرف ملامحه أهي عربية أو عبرية!

| رواياتي الوطن بأكمله

وعن "باب العامود" التي يكشف اسمها عن فحواها، تعلل اختيارها الكتابة عن القدس رغم أنّها لم ترَها، بقولها: "نحن لأننا منفيين لم نرَ القدس، لم نتلمس أحجارها، لم نسير في زقاقها، لم نتسوق في أسواقها، لم ندخل البلدة القديمة، لم نصلِ في المسجد الأقصى، لذلك، حاولت في هذه الرواية أن أُدخِل كل منفي، وكل بعيد عن الوطن إلى هذه الأجواء".
 
على وقع أغنية ظريف الطول وقصتها الفلسطينية الشهيرة، استهلت نردين روايتها الأخيرة "سبعٌ شِداد"، تتحدث عنها قائلة: "بدأتها بجملة (خُريفية وحدة يا ستي)، وكأنني أقول هذه الجملة هي الجسر الذي سيبقى ممتدًا من فلسطين لكل المنافي، هذا الجسر الذي لن ينقطع، لأن هناك مَن يروي، هناك مَن يكتب، الحكاية قد تجف، قد تهرم، لكنها لن تموت أبدًا".

وتتحدث "سبعٌ شِداد" عن فلسطينيّ الخارج المنفيين والمهجّرين قسريًا، وعن حصار مخيم اليرموك، من خلال عائلة فلسطينية تقطن فيه، حوصرت ثمانية أشهر، وتستطرد الرواية بالحديث عن المعاناة التي عانوها، والجوع، وكيفية خروجهم تهريبًا إلى هولندا، وتناولت نردين هنا أكثر المشاهد صعوبة، منها مشهد الولادة في البحر، ومشهد التهريب، وغيرها الكثير.

ن9 (1).png

تقول نردين في رواية سبع شداد، "المخيم لا يستيقظ، الزمن لا يتقدم ولا يتأخر، الناس خلعوا ساعاتهم وحطموها، فلا قيمة للصباح ولا للمساء! في الأزقة والحواري الداخلية للمخيم صمت مرعب متوجس! البيوت مفتوحة على مصراعيها، أكوام الركام والحطام يعلو فوق بعضه، كل شيء مهشم كقطع زجاج مهروس، لا صرير أبواب تُفتح، لا نوافذ تُغلق، لا شمس تتسلل بدفء، والجوعى يدخلون البيوت المهجورة، ينهبون بقايا الطعام إن كان هناك بقية! كثيرًا ما تحدثوا عن جهنم؛ قاعها، مائها الحميم، لهبها، زقومها، ضريعها، أبوابها، بماذا تختلف عن المخيم يا تُرى؟ الكل بات يعتقد أنه في جهنم".

وفي رواياتها، تركز أبو نبعة على المرأة، كون المرأة هي التي تقدح زناد المعركة، ورغم أنها أرق الأوتار في معركة التحرير، لكن هي مَن تعزف لحن النصر، على حدِ وصفها، تردف: "رواياتي ليست نسائية، لكنها روايات الوطن بأكمله، وعندما تتحدث المرأة عن تجربتها كزوجة مقاوم، فهي لا تنفصل عن الهمّ والوجع الوطني. وعندما يقرأ لها القارئ يرافقه كمّ من العشق، والوجع، تقول: "لن يستطيع قراءة رواياتي كل إنسان لا ينحاز إلى الوطن، الحرية، العدالة، المرأة، المقاومة، وهذه المعاني الكبيرة".

ن6 (1).png

وتأمل أبو نبعة أن يبقى قلمها مشتعلًا ومشعلًا في المستقبل، تقول: "تصلني الكثير من الرسائل من أسرى في السجون، مقاومين ومبعدين، أشعر من خلالها بسعادة عارمة، عندما أستمع أن رواياتي كانت سلوى لهم في ظرفهم، وتدعو الجميع إلى تكثيف المطالعة بقولها: "القراءة منهج للتغير القادم، اجعلوا القراءة منهجًا لحياتكم، فلا يمكن أن يبدأ الله سبحانه وتعالى كتابه الكريم بكلمة اقرأ، ثم تكون هذه الكلمة مجرد هواية، لا بد أن تكون شعيرة من شعائر حياتك، كالصلاة والصيام، وكأي عبادة تتعبدها".

وترسل رسالتها للمجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، بحثها الكل الفلسطيني على الوحدة، وهي تتساءل: "ألم يئن الأوان أن نلّم شعثنا، وأن نجتمع على كلمة واحدة، وعلى قلب رجل واحد!"، وتشحذ الهِمم، مؤكدةً أن معركتنا مستمرة، حتى وإن عزّ السلاح، كما تختتم بقولها: "إن العودة حق، والحق فكرة متجذرة في الرأس، والفكرة تحتاج إلى حراس، العودة حق ووعد من الله تكفل سبحانه وتعالى به، إن عمّرنا قلوبنا بالإيمان".