"يجب أن يشارك أطفالنا منذ سنواتهم الأولى في جميع أشكال اللعب القانونية، لأنهم إذا لم يكونوا محاطين بمثل هذا الجو، فلن يتمكنوا أبدًا من النمو ليصبحوا مواطنين جيدين ومخلصين". من خلال هذه المقولة لأفلاطون؛ نستطيع استنباط عشرات المعاني المتعلقة بعلاقة أطفالنا بأنفسهم وبالآخرين، وبمجتمعهم، من خلال فعل بسيط جدًا، ألا وهو اللعب! آمن أفلاطون -ويتفق معه عشرات الأطباء والمختصين والمرشدين- بأهمية اللعب، وأن لعب الأطفال، يؤثر على سلوكهم، وشكل تربيتهم، بل أنه يجعل منهم في المستقبل أشخاصًا بالغين مسؤولين ومنضبطين!

ما الرابط بين اللعب ونمو الطفل كشخص منضبط ومسؤول؟ إن اللعب يتضمن الكثير مما لا نراه، فمن التطور العقلي والذهني والنفسي والسلوكي والمعرفي للطفل، إلى التطور بإدراك نفسه والأغيار والمحيط. ولكن مع الأسف، فإن بعض الآباء يميلون إلى وصف اللعب والتعلم على أنهما متضادان! فيعتبرون اللعب غير مهم وتافه، ويفتقر إلى أي غرضٍ جاد.

تدفع منتجات الأطفال -الذكية- الآباء إلى الاعتقاد بأنه كلما بدأ الأطفال في إتقان العناصر الأساسية للقراءة والكتابة في وقت مبكر، مثل الصوتيات والتعرف إلى الحروف والأرقام، كلما زاد احتمال نجاحهم في المدرسة، ولا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة من ذلك!

إن اللعب لدى الطفل، هو نشاط طبيعي وغريزي وممتع، وغالبًا ما يقوي المبادرة الذاتية وروح المنافسة لديه. كما أظهرت العديد من الدراسات أن اللعب يساهم في الرفاه المعرفي والجسدي والاجتماعي والعاطفي للأطفال. إضافة إلى أن اللعب وتنمية الطفل موضوعان مرتبطان بعمق ببعضهما البعض في مرحلة الطفولة المبكرة، إذ يتعلم الأطفال من خلال اللعب، حتى لو لم يكن ذلك قصدهم. كيف نصنف اللعب في تنمية الطفل؟ بشكل عام، يمكن تصنيف ألعاب الأطفال إلى 12 فئة:

| اللعب يظهر طاقة الطفل ويستخدمها

في بعض أشكال من اللعب، يستخدم الطفل عضلاته أثناءه؛ مثل الجري، أو الانزلاق، أو التأرجح، أو القفز، أو التسلق، أو الانخراط في كل نوع من أنواع الحركة الممكنة. تعمل هذه الألعاب، ذات المحركات الكبيرة للطاقة، على تطوير التنسيق والتوازن والشعور بجسم المرء في المساحة المحيطة به.

| اللعب بوتيرة هادئة

يلعب الأطفال بألعاب صغيرة، وينغمسون في أنشطتها، مثل تركيب البازل وفرز الأشياء إلى أنواع، حيث يطور هذا النوع من اللعب براعة الطفل وذكاءه.

| ألعاب الإتقان

يميل الأطفال إلى تكرار إجراء ما أثناء اللعب، ويستمرون في تكراره حتى يتقنونه، مثل صنع قارب ورقي، وما إلى ذلك، ويُعتبر هذا النوع من اللعب مهم في تطوير مهارات الأداء التنفيذي أو الوظيفي لحواس الطفل.

| اللعب القائم على القواعد

يتعلم الأطفال تدريجيًا اللعب مع الآخرين، والتحكم في سلوكهم والتوافق مع بنية القواعد المحددة مسبقًا في اللعبة. كما يستمتع الأطفال بالتحدي المتمثل في وضع قواعدهم الخاصة، والمفاوضات المتعلقة بتكييف القواعد لكل حالة من أوضاع اللعب، مثل لعبة المونوبولي، وكذلك الورق والشطرنج.

| ألعاب البناء

يتعلم الأطفال استخدام المواد المختلفة، وتجميع الأشياء معًا على أساس خطة، وتطوير واستخدام استراتيجيات للوصول إلى هدفهم. على سبيل المثال، باستخدام القطع أو الليغو، إذ يستمتع الأطفال ببناء المنازل والقطارات والهياكل الأخرى. هذا الشكل من اللعب يتطلب مهارة وخيالًا.

| اللعب الخيالي (التظاهر)

تتضمن هذه الفئة الواسعة العديد من أنواع اللعب، منها ما تُستخدم فيها المصطلحات اللغوية وحل المشكلات واستخدام المخيلة، حيث يلعب خلالها الأطفال دورًا تمثيليًا على سبيل المثال، ويتظاهرون بأنهم أشخاص آخرون، ويستخدمون أشياء حقيقية أو يتظاهرون بذلك للعب دور معين، مثل مسرح الدمى، ولعبة "بيت بيوت"، وغيرها من الألعاب الشعبية المعروفة.

| اللعب الرمزي

يأخذ الأطفال شيئًا في متناولهم، ويحولونه إلى لعبة أو دعامة يحتاجونها خلال عملية سلسة من الخيال أو التصور، مثل لعبة "بدون كلام".

| ألعاب اللغات

يطور الأطفال إتقانهم باللعب بالكلمات والقوافي وأبيات الشعر والأغاني التي يصنعونها أو يغيرونها، ويروون القصص ويثيرونها. هم مفتونون باللغات الأجنبية، خاصة عندما يتم تقديمهم بشكل مرح في القصة أو القصيدة أو الأغنية، ونذكر منها لعبة إكمال القصة، أو غناء أغنية آخر حرف ذكره زميل اللعبة، ومن أكثر الألعاب الشعبية المفيدة للأطفال هي لعبة [ إنسان -حيوان- جماد]، التي تحظى بشعبية واسعة في وطننا العربي؛ إذ تساهم هذه اللعبة في إثراء لغة الأطفال وتوسيع دائرة حصيلتهم من المفردات والأسماء، كما تساهم في توسيع ثقافتهم العامة.

| الفن واللعب

يقوم الأطفال بدمج جميع أشكال الفن في ألعابهم، باستخدام أي مواد متاحة للرسم وصياغة النماذج وإنشاء الموسيقى وأداء عروض الدمى، وما إلى ذلك. ويستكشفون أشكال الفن بطريقة متمايزة، ويستخدمونها للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم.

| اللعب الحسي

يستمتع معظم الأطفال باللعب بالرمل والطين والمياه، والمواد الأخرى ذات القوام والأصوات والروائح المختلفة. وبالتأكيد تطور هذه الألعاب حواسهم.

| ألعاب الخشونة والتعثر

يستخدم هذا الشكل الأساسي من اللعب عند الأطفال، سلوكيات القوة الجسدية، مثل المصارعة والسقوط والمطاردة والقتال. يسمح هذا النوع من اللعب، فهم حدود قوة الطفل الخاصة، واكتشاف ما سيفعله الأطفال الآخرون المنافسون، أو الطفل الخصم، مثل الجودو والكاراتيه والألعاب القتالية الأخرى. وهنا، يجب على الآباء النظر في طرق لجعل هذا النوع من اللعب آمنًا ومقبولًا اجتماعيًا، بدلًا من ثنيه تمامًا.

| ألعاب المخاطرة

يوسع الأطفال قدراتهم من خلال اللعب الخطر، ويتعلمون إتقان البيئات الصعبة. إنهم يعرفون بشكل عام إلى أي مدى يمكنهم الذهاب دون إيذاء أنفسهم. لسوء الحظ، كأهالي، فإن تركيزنا المتزايد على جعل منازلنا خالية من المخاطر قدر الإمكان، لا يمنح الأطفال فرصة كبيرة لتقييم المخاطر ووضع حدودهم الخاصة. نحن كأهالي، نتفهم أهمية حماية الطفل في بيئته ومحيطه. وينصح المختصون الولدين بالسماح ببعض ألعاب المخاطرة لأنها تلعب دورًا مهمًا في تنمية الطفل.