بنفسج

التوحد: طيف بألوان نقية

الإثنين 11 يناير

ربما ترين التوحد شبحًا قد أصاب طفلك، وتعتقدين أنَّ سوادًا تناثر في عالمه منذ لحظة تشخيصه بالتوحد. لكنَّ التوحد ليس شبحًا ولا سوادًا يا أمي، التوحد اختلافٌ، واضطرابٌ عصبيٌّ نمائي يؤثر على الفرد، في الجوانب الاجتماعيَّة واللغويَّة والسلوكيَّة في مرحلة الطفولة.

هو غامضٌ قليلًا، وتشخيصه صَعْبٌ، فاعتُبر أنه اضطرابٌ يحدث في الطفولة، وكان يُعرف في ميدان الطب النفسي بالفصام. أسبابه، حتى الآن، غير واضحة وغير معروفة، فبعض الباحثين يعزونها لأسباب وراثيَّة، وآخرين بسبب الزئبق والرصاص، والبعض الآخر يقولُ إنه يظهر بسبب اضطرابات في الأوامر العصبية.

من المفترض أنْ تريْ طفلك فيها ينمو وتنمو معه كلماته، خلال سنوات نموه الأولى؛ يملأ صوته المكان ويضحك لهذا وذاك، أما طفل التوحد، فليس لديه القدرة على التفاعل الاجتماعيّ، قد يكون جائعًا ولا يستطيع التعبير عن جوعه، لانعدام قدرته على الاتصال والتواصل، اللفظيّ وغير اللفظي. نعم! قد يكون حزينًا ولا يستطيع التعبير عن حزنه، وقد يكون سعيدًا أيضًا، لكنْ ملامح وجهه جامدة ولا توحي بذلك! 

التوحد هو اضطرابٌ يحدث في الطفولة، وكان يُعرف في ميدان الطب النفسي بالفصام. أسبابه، حتى الآن، غير واضحة وغير معروفة، فبعض الباحثين يعزونها لأسباب وراثيَّة، وآخرين بسبب الزئبق والرصاص، والبعض الآخر يقولُ إنه يظهر بسبب اضطرابات في الأوامر العصبية.

أنتِ في الزاوية تبكين ولا تجدينه يربت على كتفك ويمسح دموعك، لأنَّه مختلف يا أمي، ولا يستطيع إخراج شارات الحزن والفرح التي تجعلك تشعرين بشعوره. فهو يسبح في فضائه الخاص الذي رسمه عقله، ولا يفهم الأمور كما تفهمينها أنتِ وأخوه الأكبر منه ببضع سنين، تنظيف أسنانه قبل النوم، أصعب عمل يقوم به ويستوعبه، قد تمضين معه أشهرًا لتعليمه إياه.

يسكنُ في عالمه الخاص، ولديه روتينه المحدد الذي لا يرغب أبدًا أن يتعدى أحد عليه. أكبر مخاوفه التغيير، إذ لا يُحبُّ تغيير ما في هذا العالم، بل يصنع مزيجه الخاص بطريقته المميزة. إذا غضبتِ يا أمي، وقلتِ له: "روح اضرب راسك بالحيط"، قد يذهبُ ويضرب رأسه بالحائط لأنَّ ليس لديه القدرة على التخيَّل ببساطه، وفهم هذه الجمل المجازية.

قد تُعطى له ألعاب الفواكه فيأكلها، لأنَّهُ صادق جدًا مع ذاته، وليس لديْه قدرة على تخيل الكثير من الأمور، هو صادق في كلامه وفي شعوره. طفلك لديه حساسيَّة للأصوات العالية والضوضاء، فيسمعها وكأنَّها صراخ يتجمَّعُ في أذنيه الصغيرتين، طفل آخر لديه حساسية للشم، وآخر للمس، وآخر لا يتأثر، فالمشاكل الحسية ترافقهم في كل مكان، طفلك يحضنك دومًا، لكنْ ماما أخرى تتمنى حضن طفلها التوحديّ لها.

العلاج ليس بالدواء، وليس بالأعشاب الطبية، ولا بوصفة جارتنا أم أحمد، العلاج يكون بالاحتواء وتقبُل الاختلاف الجميل جدًا أولًا، ثُمَّ بتعديل السلوكيات ثانيًا، طفل التوحد قادر على التعلم، قد لا تصلين معه لنوع ودرجة تعلم طفل طبيعي لأنَّه ببساطة مختلف.

ربما تودين لو ترفرف نظراته البريئة وتلتقي بنظراتك اللطيفة، لكنَّ تواصله البصري سيء قليلًا. يصمت ولا يتفوَّه بأيّة كلمة، وعندما تتدحرج المقاطع الصغيرة بين شفتيه تشعرين أنَّك تمليكن العالم، وطفل آخر يتكلم ولا يسكت، وتتمنين لو يسكت، يعيد الكلام الذي تقولينه أحيانًا، ويكرِّرُ حركات نمطيّة أحيانًا، يصرخُ كثيرًا أحيانًا أخرى لمجرد شعوره بأنَّهُ خرج من عالمه الآمن، جمله غير مترابطة ومليئة بالأخطاء، فمرةً يعكس الضمائر، ومرةً أخرى يحذف القواعد، ولكنْ جمله تبدو جميلة جدًا بمجرد محاولة نطقها!

هلاَّ نظرتي يا ماما إلى قوس قزح؟ طفلك التوحديّ ينتمي لهذا الطيف الجميل طيْف التوحد المليء بالألوان المنسجمة مع بعضها لتعطي هذا الجمال، فهناك أنواع من التوحد؛ التوحد الكلاسيكي، والتوحد غير المحدد، وأسبرجر، والتفككيّ (التراجعي). فمثلًا الكلاسيكيّ معامل الذكاء فيه غير طبيعي، وغير ناطق، وغير مستقل، ويرافقه مشاكل حسيَّة. أمَّا غير المحدد؛ فأعراضه تشبه اسمه، فمعامل الذكاء فيه قد يكون طبيعيًا وغير طبيعي، ناطق وغير ناطق، مستقل أو غير مستقل. أسبرجر معامل الذكاء طبيعيّ أو فوق طبيعي، وأسوأ ما يواجه الفل المصاب به، التفاعل الاجتماعي، ومشاكل حسية. أمَّا التفككيّ، فيكون نموْ الطفل فيه طبيعيًا، ثُمَّ فجأة يسوء وضعه، وهكذا نشكّل الاختلاف ونرسم طيفًا.

العلاج ليس بالدواء، وليس بالأعشاب الطبية، ولا بوصفة جارتنا أم أحمد، العلاج يكون بالاحتواء وتقبُل الاختلاف الجميل جدًا أولًا، ثُمَّ بتعديل السلوكيات ثانيًا، طفل التوحد قادر على التعلم، قد لا تصلين معه لنوع ودرجة تعلم طفل طبيعي لأنَّه ببساطة مختلف، ولكنْ بالدخول إلى عالمه، وبالطرق التي تتناسب معه يمكنه تعلم الكثير. هيّا يا أمي كوني معي يدًا بيد للتغلب على تحديات هذا الاختلاف، كوني قوية لأجلي، وادخلي عالمي باحتوائك الرائع.