بنفسج

الابتزاز العاطفي: ماذا إذا تلاعب بنا الأحبة؟

الثلاثاء 18 يناير

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه
الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه

يعيش الإنسان عمره محاولًا إيجاد بيت دافئ، وعلاقة صحية، علاقة قادرة على الاستمرار بشكل لا يُهان فيه المرء، عبارة عن "استمرار ممكن" من أجل الحب والمودة، دون أن يمس فيه كرامته أو أمانه، أو حريته، استمرار رغم المصاعب الخارجية التي تطرأ من حين إلى آخر. هنا سنتعرف على الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه. تكون المشكلة أعمق مما نظن حينما تكون  المصاعب من داخل البيت، من داخل غرفة النوم، من لمسة اليد والقبلة؟ من السقف الذي اخترناه لنلجأ إليه من العالم؟

"الابتزاز العاطفي، عندما يستخدم الناس في حياتك الخوف والالتزام والذنب للتلاعب بك".  يقول د. سوزان فورورد. في العلاقات، هناك ما يُدعى بــــ"الابتزاز العاطفي"، وهو شكل مختلف من التلاعب، يستخدمه الناس لتحقيق المطالب وتهديد الآخر (الضحية) للحصول على ما يريدون. ويعتبر شكلًا من أشكال التحكم بالآخر، لكن بطرق غير صحيّة.

 ويشبه الابتزاز الإلكتروني القائم على التهديد بالصور أو المكالمات أو الرسائل، لكن الفرق أن الابتزاز العاطفي لا يأتي من الغرباء ومن أناس في الشارع، إنما من أشخاص تجمعنا بهم علاقة وطيدة، ومشاعر عاطفية، يشاركوننا الغرف والسرير، الأكل والضحك، من الزوج لزوجته والعكس، وهذا من أكثر الأمور إيلامًا في معادلة الابتزاز العاطفي، كون الشريك الذي يقوم بالابتزاز يستغلّ نقاط القوة والضعف الأكثر إيلامًا للضحية، ويستعين بكافة المعلومات الشخصية لتهديده وإخضاعه.

 المبتز مستغل للعاطفة

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه
المبتز سواء زوج/ة، حبيب/ة، ابن/ة، يقوم بالضغط على نقاط ضعفك، ويعرف من أين يُؤكل كتفك، ويعرف كيف يمسك بقلبك، وأنت بمجرد أن أعطيته الضوء الأخضر، فقد هيأت له باصًا كبيرًا يحمل فيه كل أنواع الخوف والعذاب والارتياب ضدك، تخاف أن تخسره، تخاف أن يقلّ حبه.
 
لكن في الحقيقة، المبتز رغم مشاعره اتجاهك، إلا أنه قدم أنانيته ونفسه على علاقتكما، فهو ليس شخصًا سيئًا، بالضرورة، ويريد تدميرك، إنما إنسان مستغل للعاطفة.
 
فهو غالبًا لديه بعض من هذه الخصائص؛ كالميول النرجسية، والأنانية، والغضب الشديد،  والهلع العميق، أو خوف، أو اكتئاب، أو غضب، وهو شخص غير ناضج عاطفيًا، يكره الخسارة، ويحب للسيطرة، أو فاقد للأمان، أو محتاج لأن يشعر دائمًا بأنه مرغوب.

الأمر يتعلق برهان دائم على محتوى العلاقة، ووضع شروط لإبقاء الاستمرار بينكما، وفي حال تصرفت بفعل لم يُتفق عليه، أو إن لم تتصرف كما سيُطلب منك عوقبت بعاطفتك وضميرك! كأن يقول أحدهم: "إن لم تذهبِ لمساعدة أمي غدًا، لا تطلبي مني شيئًا"، أو "إن لم تعطينِ المال للسفر، لن أنام معك بنفس الغرفة"، أو "إن لم تقولِ لي ما حدث بينك وبين صديقاتك بالصف، لا تتحدثي معي بعد اليوم"، أو "إذا تصرفتِ هكذا، سأتوقف عن حبك"، أو "إذا لم تبتعد عن هذا الشخص، سوف أبتعد عنك"، أو "إذا لم تزد لي مصروفي المدرسي لن أتناول دوائي"، أو "إذا لم تتركِ عملكِ، سوف أطلقك"، أو "إذا ارتديتِ ما أريد، سأبقى معك"، وغيرها من الجمل التي تتصاعد في أي نقاش لا يصل فيه الشريك المبتز لهدفه.

المبتز سواء زوج/ة، حبيب/ة، ابن/ة، يقوم بالضغط على نقاط ضعفك، ويعرف من أين يُؤكل كتفك، ويعرف كيف يمسك بقلبك، وأنت بمجرد أن أعطيته الضوء الأخضر، فقد هيأت له باصًا كبيرًا يحمل فيه كل أنواع الخوف والعذاب والارتياب ضدك، تخاف أن تخسره، تخاف أن يقلّ حبه، لكن في الحقيقة، المبتز رغم مشاعره اتجاهك، إلا أنه قدم أنانيته ونفسه على علاقتكما، فهو ليس شخصًا سيئًا، بالضرورة، ويريد تدميرك، إنما إنسان مستغل للعاطفة، فهو غالبًا لديه بعض من هذه الخصائص؛ كالميول النرجسية، والأنانية، والغضب الشديد، والهلع العميق، أو خوف، أو اكتئاب، أو غضب، الخوف من الهجر، وهو شخص غير ناضج عاطفيًا، يكره الخسارة، ويحب للسيطرة، أو فاقد للأمان، أو محتاج لأن يشعر دائمًا بأنه مرغوب.

أن الابتزاز لا يكون دائمًا في جو مشحون، وفي علاقة تملؤها المشاكل، إنما يكون بشكل غير واضح، في علاقات تسودها الهدوء والمودة، لذلك، فإن الضحية لا يشعر بماهية ما يحدث لأن الجو العام يكون إيجابيًا، فلا يلاحظ التهديد المبطن.

 لذلك، أحيانًا يكون الابتزاز على صيغة "إن لم تفعل لي ذلك سوف أؤذي نفسي"، وهذا ما يطلق عليهم المعاقبون، أو المبتزون الذاتيون، حيث يوجهون تهديدات بإيذاء النفس إذا لم يمتثل الشريك لما يريدوه، أو "إن لم تقدم لي المطلوب سأمتنع عن الطعام والشراب"، ويختم حديثه بسهم في ضميرك مثل: "أنت سبب مرضي، أنت ستحمل ذنبي، أنت مسؤول عن كآبتي". جمل قادرة على أن تجعلك تنصاع إلى أوامره، وتجعلك تشعر بالمسؤولية عن أفعالهم (السلبية). والنوع الأخير من المبتزين هم أكثر مكرًا، إذ يكون ابتزازهم على هيئة الإغراء. لذك عليك الفهم جيدًا ماذا يعني الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه. حتى لا تقع في فخ الابتزاز ويجب أن تعرف ما لك وما عليك.


اقرأ أيضًا: لماذا تنطفئ الروح؟


 كلما نفذت مطالبهم، سيظهرون لك وافر الحب والاحترام، مثلًا: "افعلي ذلك حتى أحبك أكثر"، "وتوقف عن ذلك سأسعدك أكثر"، وأمام كل هذه المشاهد السابقة من الابتزاز، نجد أن المبتز يستخدم في العادة تكتيك (الخوف، العاطفة، الذنب) للحصول على ما يريد من الضحية، وهذا أكثر أشكال التلاعب خفية وإرباكًا، حيث يكون هناك وعد بما سيكون أفضل إذا امتثلوا، إذ يبعث المبتز الأمل، ولكنه لا يزال يربط تهديدًا بالطلب.

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه
من علامات الابتزاز العاطفي هي  استخدام أسلوب التخويف وإذلال الضحية وتحطيمها

ومن الأمور التي يجب التنويه عليها، والتي تحصل في معظم البيوت؛ أن الابتزاز لا يكون دائمًا في جو مشحون، وفي علاقة تملؤها المشاكل، إنما يكون بشكل غير واضح، في علاقات تسودها الهدوء والمودة، لذلك، فإن الضحية لا يشعر بماهية ما يحدث لأن الجو العام يكون إيجابيًا، فلا يلاحظ التهديد المبطن، وأحيانًا بسبب جهله لمفهوم "الابتزاز العاطفي"، وكيف يحدث، ومع الوقت يراه أمرًا طبيعيًا لا حاجة للوقوف عنده وتغييره، لذا من الضروري الانتباه للمؤشرات الأولية والعلامات التحذيرية للابتزاز العاطفي، والتي تظهر من خلال عدة أمور، من بينها مثلًا:

| التهديد بالعزل: دفع المبتز الضحية للاعتماد عليه من خلال عزلها عن المحيط، وهذا يُظهر مثلًا من خلال صيغة تعبيرية يوجهها الزوج لزوجته كأن يقول: "إذا خرجت لعملك فلست مستعدًا لدفع تكاليف حضانة ابنتنا".

| التأثير بنقاط الضعف: استغلال نقاط قوة الضحية ومواردها، كأن يقول: "إذا لم تساعدِ في راتبك، فأنت لست زوجة صالحة"، أو تقول هي: "إذا لم تتمكن من مساعدتي في إقامة مشروعي فأنت زوج أناني".


اقرأ أيضًا: هذه علاقة سامة... "ميديا" تدس السم في العسل


| إذلال الضحية وتحطيمها: كالقول "أنت لا شيء بدوني"، "لي الفضل بأن جعلتك تحققين أحلامك التي طمحت لها، لا تنسي ذلك".

| أسلوب التخويف: استخدام الترهيب أو الإساءات التي تسبب الأذى، والتي يكون هدفها التخويف: كالقول "أنت تشعرينني بالإحراج لخروجك بهذه الملابس، أنا لن أستطيع الخروج معك"، "إذا علمتُ أنك تنفق على أهلك، فاعلم أني لن أساعدك بشيء من راتبي".

في بعض الحالات، يكون هناك خط رفيع بين المحبة المشروطة والابتزاز العاطفي. ويمكن أن يكون للابتزاز العاطفي، والحب غير المشروط، مؤشرات عدوانية سلبية، فيصبح الحب المشروط تلاعبًا وابتزازًا عندما يتم استخدامه باستمرار للتحكم في فرد آخر، أو إجباره على فعل ما يطلبه الطالب.

كيف نتصرف مع المبتز؟

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه
في بداية أي علاقة، احرص على أن تكون واضحًا وصريحًا بالأمور التي لا تحبها أو تحبها

والآن كيف يجب أن نتصرف؟ في البداية، يجب أن نؤكد أن البيوت تُقام على الحب والمشاركة، ومتى ما سقط إحداهما، صارت العلاقة جامدة، والبقاء فيها ليس بدافع البقاء، إنما لأنك مضطر وملزم، كأنك تعمل في شركة بعقد عمل، موظف مستعبد، بعيد كل البعد عن الغاية من فكرة الملجأ والدفء، والأهم الراحة. فكيف نتصرف إذا صارت العلاقة من شريكيين إلى حاكم ومستعبد بالعاطفة؟

| كن واضحًا: وفي بداية أي علاقة، احرص على أن تكون واضحًا وصريحًا بالأمور التي لا تحبها أو تحبها، الأمور التي تراها خطًا أحمر، ولا يمكن تجاوزها في العلاقات، والشفافية مطلوبة، ودائمًا حاول النقاش بمتسع الصدر، وأقم حججك وأسبابك.


اقرأ أيضًا: من ألبس التضامن فستانًا وربطة عنق؟


| واجه المبتز: لا تسمح له بأن يجرك إلى ميدان العاطفة، بل حاوره وألقِ عليه عبارات مثل "لا تضغط علي بهذا الأسلوب، أقنعني بعيدًا عن العاطفة"، "أنا أقّدر راحتك لكن يجب أن تقدر راحتي، يجب أن نصل إلى أمر يرضي الطرفيين"، "أنا دائمًا أمتثل! لست على استعداد للعيش هكذا بعد الآن"، "أنا بحاجة إلى أن أُعامل باحترام"، "لنتحدث عن ذلك، لا تهددني وتعاقبني"، "لن أتحمل هذه السلوكيات بعد الآن".

أي يجب أن تناقش شريكك في وقت لا يكون فيه مشكلة طارئة، أنك تفهم ومستيقظ لأسلوبه، وأن هذا الأسلوب يزعجك ويسبب لك النفور، والعلاقة التي بينكما يحكمها الحب والرضا وليس التهديد والاستعباد، واحرص على أن تبقَ على موقفك، وارفض الامتثال للطلب المتلاعب، وقل لا، وتمسك بحقك في الرفض، وأن تكون هناك خطوط تمنعك من أن تذوب في العلاقة وتصبح مرهونًا للمبتز، ربما يكون الأمر صعبًا في بداية الإصلاح، لكن إن أردت أن تعيش في علاقة صحية، عليك المحاولة، حتى تكون في جو مريح مع شريكك وأطفالك، ويمكنك استشارة طبيب نفسي، أو مستشار علاقات أسرية.

الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه
 
| استعن بمستشار أسري: حدد ما إذا كنت في خطر أو أن شريكك سيتحسن، حاول أن تحسّن من طرق التواصل بينكما، استعن بالموارد المتاحة، باللجوء إلى مستشار أسري، أو الخضوع لتدريبات زوجية، أو القراءة أكثر في هذا الشأن، فإذا لاحظت أن شريكك تحسن، فهذا رائع! وفي حال لم ينجح الأمر اطرح أسئلة من قبيل: "هل تتعرض لخطر حقيقي كتهديد حريتك واستقلاليتك؟ هل يتم تخويفك وعقابك وتهديدك بصورة دائمة؟".

| احم أطفالك: من المهم عدم تمرير الابتزاز إلى الأطفال، لأنهم سيبقون ضحايا في المستقبل، أو ينتقمون لأنفسهم ويصبحون مبتزون لغيرهم، أعطهم الحب غير المشروط، وألقِ عليهم الدفء، وعلمهم على أخذ أمورهم وقراراتهم بالعقل والأسباب بعيدًا عن التباكي، وعدم استغلال المحبة، لأن الحب شيء عظيم لا يجب تدنيسه بالأنانية والاستغلال والابتزاز، أمور تكرهها النفس البشرية، وتُنفر من حولك بك.

| تعلم طرق التواصل الصحيحة: عادة لا يكون لدى المبتز الأدوات التي تمكنه من التعبير عن احتياجاته، والمطالبة بها بشكل صحيح وسليم دون اللجوء للتهديد والعقاب والتخويف، وعلى الشريك، بمعاونة من شريكه الآخر، وبمرشد أسري، تعلم فنيّات التواصل الصحّي والفعال في التعبير عن المطالب.

| الرجوع لسبب هذا النمط: أي فهم سبب حدوث هذا النمط المدمر "الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه"  في طرق التعامل مع الشريك (الضحية)، هل يعود لخبرات الطفولة التي سادها نمط الابتزاز القائم من الوالدين، أم لسمات شخصية لدى الشريك كأن يكون (نرجسيًا، أنانيًا، عصبيًا، مكتئابًا) وغيرها، والتي يلزم علاجها ومتابعتها.


اقرأ أيضًا: العنف الزوجي ضد المرأة: لماذا نتقبل الإساءة؟


| امتلك الشجاعة: فكثير من الضحايا لا يشعرون بالشجاعة أو الثقة بعد تعرضهم للإيذاء العاطفي، يمكنهم اتخاذ إجراء مختلف، يجب على الضحايا اتخاذ إجراءات لتغيير المسار، بدلًا من انتظار تغيير الشخص الآخر.

وأخيرًا، تحدثنا هنا عن تعريف الابتزاز العاطفي: علاماته وكيفية التخلص منه. وأود أن أنهي حديثي وأقول إن العلاقة القائمة على مشاعر مشروطة ليست بعلاقة، هي سجن له باحة صغيرة، لا يمكنك أن تعيش مع شخص يهددك بسحب بساط الأمان منك في كل مرة، لا تفعل ما يريده لأن الحب الذي يتعامل مع قلبك كأنه كرة قدم يمررها هنا وهناك، ليس بحب!