بنفسج

خلف عتبة الخوف: كيف نفهم مخاوف أطفالنا؟

الجمعة 21 يوليو

علاج الخوف عند الأطفال
علاج الخوف عند الأطفال

كحال المشاعر كلها؛ الخوف شعور طبيعي يلازم الإنسان، يمرّ به الإنسان صغيرًا كان أم كبيرًا. ومما لا شك فيه أنّ لكلٍ منا مخاوفه الخاصة، والأطفال لهم تعامل خاص حين يخافون من شيء ما، حيث أن علاج الخوف عند الأطفال يحتاج لصبر وتفكير عميق لكيفية التعامل معه وإلا سيتعرض الطفل لانتكاسة نفسية. بعض المخاوف كبرت وحملناها معنا منذ طفولتنا، وبعضها واجهناها وتغلّبنا عليها، وبعضها لا زلنا نحاول أن نتغلّب عليها! والأطفال أيضًا أكثر عرضة منا للخوف، وذلك أنهم لا زالوا في طور اكتشاف العالم من حولهم،  ولا زالوا يختبرون مشاعرهم ويتعرّفون عليها من خلال الموقف والتجربة. 

لذا، في بعض الأحيان، ننقل مخاوفنا الشخصية لأطفالنا من خلال المواقف اليومية، ومن خلال حديثنا مع الآخرين، أو من خلال مراقبة أطفالنا لنا، وكما أن مخاوفنا يمكن أن تنتقل لأطفالنا من خلالنا أيضًا، بإمكانهم أن يتخلصوا ويتغلبوا على مخاوفهم من خلالنا، فنحن الملاذ الآمن لهم! ذات مرّة، قرأت نصيحة لا أنساها: احتفظ بمخاوفك لنفسك!"، "بما أن الأطفال يتخيّلون قدرًا كبيرًا من المخاوف بطبيعتهم فهم ليسوا بحاجة لمخاوفك أيضًا".

 أنواع الخوف عند الأطفال

علاج الخوف عند الأطفال
هناك نوعان من المخاوف التي يعيشها الأطفال باختلاف المواقف والتجارب؛ النوع الأول: خوف ما قبل التجربة (الخوف من المجهول)، في هذا النوع نجد أن الطفل يتجنّب تجربة شيء جديد حتى لو كان بقية أقرانه قد جرّبوه من قبل.
 
أما النوع الثاني: خوف ما بعد التجربة (الخوف من المعلوم) في هذه الحالة خاض الطفل التجربة، وبدأ ببناء تصّور عن الموقف/التجربة، لكن الخوف هنا ليس الافتقار للمعلومة، وإنما الخوف من أفكار وتساؤلات بدأت تخطر للطفل مثل: ماذا لو؟

ومن خلال عملي مع الأطفال ومراقبتي لهم وجدت أن علاج الخوف عند الأطفال ليس صعبًا جدًا، ما عليك سوى أن تتقلبي مشاعر طفلك وتتفهميها أولًا ثم يأتي كل شيء لاحقًا، ولاحظت أن هناك نوعين من المخاوف التي يعيشها الأطفال -باختلاف المواقف والتجارب-؛ النوع الأول: خوف ما قبل التجربة (الخوف من المجهول) كما فضّلت أن أُسمّيه، في هذا النوع نجد أن الطفل يتجنّب تجربة شيء جديد حتى لو كان بقية أقرانه قد جرّبوه من قبل، وفي هذه الحالة ليس الخوف من التجربة هو الشعور الملازم للطفل فحسب، وإنما الافتقار للمعلومة أيضًا، فالطفل في هذه الحالة ليس لديه أي تصوّر عمّا هو مقبل عليه.


اقرأ أيضًا: كيف تعاقبين طفلك دون ضرب أو صراخ؟


فنجد الطفل يخاف من تجربة اللعب على الأرجوحة أو الزحليقة، ويتشبّث بملابس أمه في حين نشعر نحن الكبار بالخيبة أو بالاستغراب من أن الطفل يخاف من شيء يحبه جميع الأطفال! وننسى أن الطفل لا زال في مرحلة التجربة والاكتشاف وبناء التصور عن هذه اللعبة التي تطير به عاليًا، أو تأخذه للأسفل، وهو الذي يخشى السقوط كما نخشاه نحن الكبار أيضًا.

أو نجد أن الطفل يخاف من الذهاب إلى الروضة أو المدرسة أو أي مكان جديد، ببساطة، لأن الطفل لا يعرف أي شيء عن هذا المكان الجديد، ولا يعرف إن كان سيخرج منه أو يلتقي بوالديه مجددًا. لذلك كلّما هيّئنا الطفل وأعطيناه معلومات عما هو مقبل على فعله، كانت مخاوفه أقل وكان تقبّله أسرع وأسهل.

علاج الخوف عند الأطفال
عزيزتي الأم عليك أن تتفهمي مشاعر طفلك الخائف وتميزي بين أنواع الخوف عند الأطفال

أما النوع الثاني: خوف ما بعد التجربة (الخوف من المعلوم) في هذه الحالة خاض الطفل التجربة، وبدأ ببناء تصّور عن الموقف/التجربة، لكن الخوف هنا ليس الافتقار للمعلومة، وإنما الخوف من أفكار وتساؤلات بدأت تخطر للطفل مثل: ماذا لو؟ ماذا لو سقطت عن الأرجوحة؟ أو ماذا لو لم تأتِ أمي لتأخذني من المدرسة؟ وهنا يكون المانع هو حديث الطفل مع نفسه، أو تعرّض الطفل لحادث من خلال التجربة، وهنا يبدأ الطفل بتكوين تصوّر جديد، وتشكيل علاقة شرطية بين الحادث أو العارض الذي تعرض له، وبين الحدث نفسه (التجربة).


اقرأ أيضًا: هل نربي أطفالنا فعلًا أم نربيّ أنفسنا؟


فنجد الطفل يقول: إذا سبحت في الماء سأغرق (لو تعرض لحادث غرق مثلًا) إذا ركبت الدراجة سأسقط، إذا ذهبت لزيارة الطبيب سيؤلمني بالإبرة! وهنا يركّز الطفل على خوفه من (الحادث) أكثر من خوفه من الحدث أو التجربة نفسها، فيصبح خوفه من الغرق أكثر من خوفه من السباحة بحد ذاتها! وهنا لا بدّ أن نتواجد مع أطفالنا ونقدّم المساعدة ونحاول التغلّب على هذه المخاوف؛ بالمحاولة والتكرار والتدريب، وبعض الأدوات والأساليب التربوية التالية.

علاج الخوف عن الأطفال

| أولًا: تقبل شعور الخوف وإقراره: في بعض الأحيان قد تبدو لنا مخاوف الأطفال بسيطة أو غير منطقية، لكنها في الحقيقة موجودة عند الطفل، وللأطفال منظورهم الخاص حتى في اختبار الخوف!

علاج الخوف عند الأطفال

| ثانيًا: لا تقلل من مشاعر طفلك

فأول خطوة لمساعدة الطفل لتجاوز مخاوفه هي أن لا تقلل ولا تسخّف من مشاعره ومخاوفه. ويفضّل تجنّب هكذا مقولات ربما اعتدنا عليها: (لا تخف/ لا شيء يدعو للخوف/ أنت قوي وشجاع/ الأولاد لا يخافون!/ أنت تخاف من كل شيء!).

هذا الأسلوب، وهذه العبارات، تجعل الطفل يكتم مشاعره ولا يصرّح بمخاوفه لاحقًا! ولنتذكّر أنّ أطفالنا لا زالوا صغارًا وهم بحاجة إلينا وإلى وجودنا الداعم.

| ثالثًا: شارك قصتك كمربٍ: يمكن مشاركة مواقف أو مخاوف عامة لتجارب مررت بها وتغلبت عليها، سيشعر الطفل بالراحة والأمان، وأن مشاعره طبيعية ومقبولة. يفضّل أن تكون القصة واقعية وتغلّبت على الشعور بالخوف، حاول ألاّ تشارك مخاوفك الحالية لأنها قد تنتقل لطفلك من خلالك!

| رابعًا: التواصل والعناق: عندما يقول طفلك لك: أنا خائف.. اقترب منه وعانقه وأخبره أنك موجود معه، فهذا يُشعره بالأمان، ويقلل من التوتر والقلق والخوف.

علاج الخوف عند الأطفال
هناك طرق لـ علاج الخوف عند الأطفال فمن الممكن أن تروي قصة لطفلك مفادها عن الخوف وبهذا سيعبر لك عن بداخله

| خامسًا: اسأله واطلب وصفًا: تحدث عن شعور الخوف مع طفلك واطلب منه وصفًا: كيف يشعر؟ واسأله بشكل محدد عمّا يخاف منه. هل تخاف من صوت القطة؟ أم من ملاحقتها لك؟ أم من مخالب القطة؟ هذه الأسئلة المحددة ستساعد في معرفة السبب وراء هذا الشعور.


اقرأ أيضًا: متنمِر أم مُتنّمر عليه؟ عن ظاهرة التنمر عند الأطفال


| سادسًا: قراءة قصة: حاول أن تختار قصة تساعد الطفل في التعرف إلى شعور الخوف وفهمه وكيفية التعامل معه، ويمكن أن تكون القصة عن شيء قد يخافه الطفل، مثلًا: قصة عن الحشرات أو عن السباحة أو عن الأصوات المرتفعة. ويمكن الحديث عن المخاوف أكثر، ذلك سيسهّل على الطفل التعبير عن مشاعره لأن ما يخافه غير موجود أمامه حقيقة وإنما من خلال القصة. وأخيرًا؛ من المهم أن ندرك أيضًا أن خوف الطفل طبيعيّ ما دام يمارسه حياته بشكل طبيعيّ، ونفهم أن علاج الخوف عند الأطفال ليش بالشيء الصعب.