بنفسج

مودة ورحمة: ارتوِ بالحب في بيت النبوة

السبت 04 مارس

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرتجف لهول الأمر حينما نزل عليه جبريل -عليه السلام- في غار حراء، فما وجد خطوات أقدامه إلا وقد ساقته إلى زوجته المُحبة خديجة -رضي الله عنها، فلم يذهب في هذا التوقيت إلى عمه أو إلى أصحابه رغم عظم الأمر؛ لأنه في هذه اللحظة شعر أنه يحتاج إلى قلب من نوع آخر يحتويه، وهو قلب خديجة، فلم يجد في ذلك ضعفًا؛ بل وجد القوة التي يحتاجها الزوج من زوجته في مثل هذه الظروف، فقال لها: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي".

في تلك اللحظة، جاء مباشرة الاحتواء والشعور بالحنان والأمان من الزوجة الوفية، فهي لم تسأل ماذا حل بك؛ لأنها تدرك أن زوجها في هذه اللحظة يحتاج الاحتواء لتهدأ وتطمئن نفسه، وما إن شعر قلبه بهذا الحُب والأمان حتى ذكّرتهُ بجميل فعله؛ لتزيد من شعوره بالاطمئنان: "أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، حيث ذكرت محاسنه حتى تُسند قوته، وتهدأ نفسه أكثر، فالذي حدث معه بالأمر العظيم.

| الرسول أسوة

 
إن كنت تبحث عن الحُب الصادق الحقيقي لن تجده في الأفلام والمسلسلات التي تحمل من الخيال والفساد ما يُعكر ويُدمر طهارة الحُب الجميل الذي أنبته الله -سبحانه وتعالى- في قلبك؛ إنما ستجده في بيت النبوة، في أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحسنة، وجميل معاملته لزوجاته، ستجده بيده الحنونة، وكلماته العذبة، ونظراته المُحبة، وفي كل شيء، ستجده في إجابته حينما سألوه: "من أجب الناس إليك؟ قال: "عَائِشَةُ"، وليس كما يفعل بعض الأزواج حينما يكتب اسم زوجته على هاتفه النقال "البيت، أو الأهل، أو أم الأولاد....".

في لحظات يحتاج الرجل قوة من نوع آخر لن يجدها عند الرجال، إنما سيجدها عند زوجته المُحبة، فهذا لن يضعف رجولته كما يتوهم البعض؛ بل هي الرجولة ذاتها التي يتنامى بها الحُب بين الزوجين في الشعور بالأمان المتبادل، ولنا في رسول -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة. أيها الزوج حينما تشعر أن هنالك أمرًا عظيمًا، فاركض نحو زوجتك، فأنت بحاجة لها بحاجة إلى احتواء من المحال أن تجده عند الرجال، فهذا الاحتواء سيزيدك قوة، لا تردد" أنا رجل، والأمر عظيم، فكيف أحدّث به امرأة؟!".

تمهل قليلًا، فهذه المرأة هي زوجتك وسكنك ولباسك، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً..."(الروم:21)، وقوله (عزوجل): "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" (البقرة:187). حينما يُلم بك أمرًا عظيمًا سارع خطواتك للوصول إلى زوجتك؛ للوصول إلى الاحتواء الذي يسند قوتك ويهدأ من دقات قلبك المتسارعة ويريح جسدك المرتجف.

إن كنت تبحث عن الحُب الصادق الحقيقي لن تجده في الأفلام والمسلسلات التي تحمل من الخيال والفساد ما يُعكر ويُدمر طهارة الحُب الجميل الذي أنبته الله -سبحانه وتعالى- في قلبك؛ إنما ستجده في بيت النبوة، في أخلاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحسنة، وجميل معاملته لزوجاته، ستجده بيده الحنونة، وكلماته العذبة، ونظراته المُحبة، وفي كل شيء، ستجده في إجابته حينما سألوه: "من أجب الناس إليك؟ قال: "عَائِشَةُ". وليس كما يفعل بعض الأزواج حينما يكتب اسم زوجته على هاتفه النقال "البيت، أو الأهل، أو أم الأولاد....".

اكتب اسمها الجميل اكتب "حبيبة قلبي"، أو عندما ينادي عليها بكلمات غريبة عجيبة المهم لا ينادي اسمها، رغم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال أمام الصحابة: -رضوان الله عليهم- "عائشة"، وإذا أردت أن تتعلم أكثر عن الحُب؛ ففي بيت النبوة يتجلى ذلك بفعله -عليه الصلاة والسلام- حينما كانت زوجته عائشة حائضًا، فيكون معها ألطف ما يكون.

اكتب اسمها الجميل اكتب "حبيبة قلبي"، أو عندما ينادي عليها بكلمات غريبة عجيبة المهم لا ينادي اسمها، رغم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال أمام الصحابة: -رضوان الله عليهم- "عائشة". وإذا أردت أن تتعلم أكثر عن الحُب؛ ففي بيت النبوة يتجلى ذلك بفعله -عليه الصلاة والسلام- حينما كانت زوجته عائشة حائضًا، فيكون معها ألطف ما يكون وخاصة في هذه الفترة، ويتعمد أن يشرب من الإناء الذي تشربُ منه، ويضع فمهُ الشريفة في نفس الموضع الذي شربت منه، ففي ذلك تطيب للخاطر، ورفع من المعنويات خاصة أن المرأة في هذه الفترة يضعف جسده، وتختلف نفسيتها، فتكون بحاجة من يتلطف بها ويغمرها بالحنان.

فأنت أيها الزوج كن حنونًا أسوة برسول الله -عليه أفضل الصلاة- فلا تثقل على زوجتك خاصة في أيام حيضها، فهي بحاجة لمن يهتم بها ويرعاها، وليس كما يفعل بعض الأزواج بالبعد عنها، وقد لا يتناول شيء من يديها ويشعرها بالاشمئزاز منها، الأمر الذي يؤلمها ويكسر خاطرها، فكن كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشرب من نفس موضع شربها. وإن كنت تريد أن تتعلم الحُب أكثر تعلم بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يسمع لزوجاته حينما يتحدثن معه بكل حب وإنصات حتى يشعرهن بالاهتمام رغم انشغاله الكثير بالدعوة وبالأمة وبنشر الإسلام العظيم.

| مواقف من بيت النبوة

وإن كنت تريد أن تتعلم الحُب أكثر تعلم بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يسمع لزوجاته حينما يتحدثن معه بكل حب وإنصات حتى يشعرهن بالاهتمام رغم انشغاله الكثير بالدعوة وبالأمة وبنشر الإسلام العظيم.
 
وحينما نتأمل الحوار الذي دار بين أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما حدثته ما جرى معها في غيابه حيث قالت: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: "مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ".

كان نبي الله  يؤدي ما عليه من حقوق، فهو يعلم حاجة الزوجة للحديث والمشاورة، وأن تخبره ما يحدث معها في غيابه، وحينما نتأمل الحوار الذي دار بين أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما حدثته ما جرى معها في غيابه حيث قالت: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: "مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ".

وعظم انشغال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأمورٍ عظيمة إلا أنه أصغى لحديث زوجته، واستمع لها لما جرى معها في غيابه، وقصّت عليه ما فعلته مع المرأة، وما فعلت تلك المرأة بالتمرة، ورغم الأحداث التي كانت ترويها عائشة -رضي الله عنها- إلا أن الرسول -عليه السلام- أعطاها من وقته، واهتم بحديثها، واستمع لها بكل حُب واهتمام. والمرأة بطبعها تحُب الحديث بما يحدث معها من أمور، وهي بحاجة لمن يسمعها بحب واهتمام، فإن لم تجد هذه الزوجة هذا الاهتمام من زوجها، فأين ستجده؟!

لا تشتكي بانشغالاتك الكثيرة أو أنك مُتعب، فلك برسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فأعطيها الوقت الكافي؛ لتتحدث، واسمع لها بحب واحترام، لا تنشغل بالهاتف النقال، فهي بحاجة لك أنت، فمنحها هذا الاهتمام، حتى وإن كانت تُحدثك بأمورها البسيطة فأنت لباس وسكن لها. مهما كتبت من كلمات ومواقف تعلمت منها الحُب الطاهر الجميل في بيت النبوة، فإن هذا البيت أكبر بكثير من أن تحتويه هذه الكلمات خاصة حينما اختار الرسول -عليه الصلاة والسلام- الرفيق الأعلى في آخر أنفاسه وهو بين سحر ونحر زوجته عائشة، وقد امتزج ريقها بريقه.

 قالت عائشة -رضي الله عنها-: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى"، وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا، وَنَفَضْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، أَوْ: سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ (رواه البخاري). ورحم الله قارئ دعاء لي ولوالدي بالمغفرة "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"(يوسف:21).