سألت إحدى النساء بعد تدهور أوضاع زوجها: لماذا لا تذهبين إلى إحدى الجمعيات الخيرية ليقدموا لك مساعدة في تحسين وضعك؟ أجابت: ذهبت وسألت وقالت لي يجب أن تكوني عازبة أو مطلقة أو أرملة حتى تتلقي مساعدة. وبما أن لديها زوجًا فهذا يحرمها من المساعدات. لماذا أغلقت الباب في وجه امرأة بحاجة للمساعدة؟ المساعدة لا يجب أن تكون مادية. قد تكون معنوية بتحويل المرأة السائلة إل جهة مناسبة تساعدها في حل مشكلتها.
كثير من النساء ترفض الطلاق من زوجها لعدم كفاية النفقة التي ستقضي لها بها المحكمة لتلبية متطلبات الحياة، ولعدم وجود السند والداعم من أهلها، فعند الحديث مع هؤلاء النسوة سنساعدهن في وضع حد لمعاناتهن، فإن كانت تخشى من التكاليف ساعدناها لتقرر مصيرها، وإن اختارت البقاء مع زوجها نساعدها لتمكين مؤهلاتها واستغلالها في خدمة نفسها والمجتمع. وإنه لمن المستغرب أن تبقى الجمعيات الخيرية في حالة تفكير عقيم بعيد كل البعد عن الواقعية والفاعلية، أضف إلى وجود المحسوبيات وتوزيع المساعدات بطريقة غير منصفة واستغلال قول الله عز وجل: "والعاملين عليها" بشكل جائر.
إن كانت مؤسسات التنمية البشرية والجمعيات الخيرية ثابتة وصادقة في دعم المرأة ومساعدة النساء الأقل حظًا، فعليها تقديم الدعم غير المشروط والمناسب لظرف كل شخص، فما فائدة شعار لا لتعنيف المرأة جسديًا ونفسيًا ولفظيًا إذا كنا نتركها تتخبط في غياهب الفقر والجهل، وفي حال تقدمت بشكوى أو كتبت امرأة عن معاناة أخرى تواجه النقد واللوم بشكل بذيء وكأننا نعيش في المدينة الفاضلة.
(ف.خ) تطلقت من زوجها من أجل الحصول على راتب التقاعد لوالدها المتوفي، والحصول على دعم من الجمعيات وأصحاب الأموال، قد تكون مخطئة من ناحية، ولكن، من ناحية أخرى، لا نستطيع لومها، فالفقر سيء، وانعدام الدخل مع وجود أطفال شيء قاهر. أين نحن من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو كان الفقر رجلًا لقتلته، ماذا تركنا للمرأة المتزوجة التي لا تملك مؤهلات تنخرط فيها بوظيفة لتعين نفسها، وكل شيء مكلف التعليم مكلف والدورات مكلفة والكثير لا تعرف كيف تطور نفسها وتكتسب حرفة ومعرفة تساعدها في وعي وضعها وأخذ القرار الصواب في حياتها.
كثير من حالات العنف يكون بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للعائلة، وقد تبدأ النساء أحيانًا بالعنف اللفظي فيقابله الرجل بالعنف الجسدي، فبدلًا من الدعوات الرثة للمرأة لتدافع عن حقها بالشكوى قدموا لها الدعم المعرفي والسلوكي؛ فالرجل ليس عدوًا بل شريكًا، ولا نحتاج لدحره وهزم ذاته.
نتعلل بأننا عائلات متماسكة، وقد نكون ذلك، ولكن لماذا نترك مثل هؤلاء النساء تحت رحمة العائلة إذا تذكرها أحد ليعينها ويساعدها من فضلة ماله. في الفترة الأخيرة رفعت المنظمات الحقوقية شعار "لا للتعنيف"، وقدمت نصائح بعدم سكوت المرأة عن هضم حقوقها، لكن ماذا قدمت هذه الجمعيات للنساء إذا اشتكين، هل ستساعدهن على الطلاق ليأخذن رواتب رمزية من النفقة أو من دعم هذه الجمعيات. كان الأجدر والأولى بدلًا من رفع شعارات مثل هذه، توعية الزوج والزوجة باحترام متطلباتهما، وتقديم وظائف تخدم رفع الحالة الاقتصادية للعائلات المستورة.
لقد قرأت تعليقات كثيرة منطقية على مثل هذه الشعارات، مثل: هل تريدون تفكيك المجتمع؟ أليس للمرأة عائلة تأخذ حقها؟ هذه المنظمات الحقوقية وما يندرج تحت الجمعيات الخيرية كمثل الذي يرسم كوب ماء للعطشان، لا هي قدمت حلًا ولا روت عطشًا. كثير من حالات العنف يكون بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للعائلة، وقد تبدأ النساء أحيانًا بالعنف اللفظي فيقابله الرجل بالعنف الجسدي، فبدلًا من الدعوات الرثة للمرأة لتدافع عن حقها بالشكوى قدموا لها الدعم المعرفي والسلوكي؛ فالرجل ليس عدوًا بل شريكًا، ولا نحتاج لدحره وهزم ذاته.
فلنكن واعيين في تقديم الدعم؛ فبدلًا من تلك الموظفة التي قالت يجب أن تكوني مطلقة أو عازبة أو أرملة لتأخذي مساعدتنا، كان الأجدر أن تستمع للمرأة المحتاجة وتوجيهها نحو الهدف الصحيح. وبدلًا من رفع شعار لا تسكتي واشتكي وانفصلي وكوني امرأة مستقلة، ارفعوا شعار لـ"ندعم بعضنا البعض" فنحن شركاء ولسنا أعداءً.