بنفسج

المعلمة فداء زعتر: أثر الفراشة يُرى ويدوم طويلًا

الأربعاء 25 مايو

أثر خطواتها الأولى يقول إنّها دائمًا مبدعة في جُلّ مراحل حياتها انفردت بشخصية وسلوك خاصيْن؛ لكن كان لا بد من لحظةٍ ما؛ ليحدُث الفارق في حياة فداء زعتر (52 عامًا)، فكما تقول إليف شافاق: "إذا ألقيت حجرًا في النهر، فإنّه سيُعتبره مجرد حركة أخرى من الفوضى في مجراه الصاخب المضطرب. لا شيء غير عادي... أما إذا سقط الحجر في بحيرة، فلن تعود ذاتها مرة أخرى". وكان هذا تمامًا ما صادفها في منتصف رحلتها المهنية كمعلمة للصف الأول الابتدائي. ما قصةُ ذلك الحجر، وهل كانت حياتها رتيبة قبل "تلك الحادثة"، أم لم تخلُ من "الآكشن" مطلقًا، دعونا نتعرف أكثر ونبدأ طقوس الحكاية من كان يا مكان.

| هي قائدة

فداء زعتر انفو
السيرة الذاتية للمعلمة فداء زعتر

في نابلس، ملكة فلسطين، عُش العلماء، وفي منطقة الجبل الشمالي، جبل النار، محط الثوار، قضت فداء طفولة مغمورة بالإثارة والحركة والمشاغبات الكثيرة. في حي ساكن هادئ، أهلّتها شخصيتها المحبوبة لتصبح قيادية بين أقرانها والجيران، فكانت تترأس فريق اللعب دائمًا، وإذا كان هناك اعتراض ما من الأهل على أن يلعبوا، سرعان ما تتصدر الموقف وتقنعهم برأيها.

هذا الجمال الفطري في شخصيتها ساعدها في تكوين صداقات منذ اليوم الدراسي الأول في المدرسة، سألتها هل كنتِ متحمسة للمدرسة؟ من دون تردد أجابت: "جدًا، ناضلت أنا وأمي حتى يتم قبولي؛ نظرًا لصغر سني ببضعة أيام عن السن القانوني لطلاب الصف الأول". وبعد عدة اختبارات من الإدارة ومعايير قياس وافقوا، إلا أن المديرة قالت لوالدتها: "لا يوجد كراسي إضافية"، كحُجة نهائية للرفض، فكان ردّ الأم الحازمة: "سأحضر لها كرسيًا من البيت".

الفتاة ذات الستِ سنوات، مثّلت نموذجًا للطالبة المثالية، جدائلها مزينة بالشبرِ الأبيض، ومريولها المخطط وحقيبتها المدرسية في غاية الأناقة والترتيب، أما دفاترها، فمغلفة، يُجملّها الخط الرقيق، وهي من الأدبِ، والاجتهادِ والتميزِ والهدوءِ لها حظٌ وفير؛ ما جعل المعلمات يشدن بتفوقها حتى هذا اليوم. تقول: "هذه الصورة ترسخ في ذهن معلماتي، ودائمًا ما يذكرونني بها".

فداء
المعلمة فداء زعتر في طفولتها

وهل اقتصرت اهتماماتك على جوانب محددة؟ "على العكس، كان لي حضور ثابت في كافة الأنشطة المنهجية واللامنهجية، في الطابور الصباحي، الأنشطة المدرسية، كالمعارض، المسرحيات، الدراما، الدبكة، والأنشطة الفنيّة، فميولي كانت متنوعة، وجامعة ما بين الرسومات والأعمال الإبداعية، التصميم، الفسيفساء، التدبير المنزلي، التطريز، تصميم ملابس الدمى، قراءة وكتابة القصص، وغيرها".

انعكسَ الأمر بشكلٍ طبيعي على البيت، الغرفة مليئة بالكتب، فهي فتاة مُغرمة بالقصص في الابتدائية، وبالروايات البوليسية والألغاز في الإعدادية، وبالكتب التثقيفية في الثانوية وما بعدها، تقول: "كنت أجمع مصروفي، وأينما يوجد معرض كتاب أوجد. الكتاب عشقي الدائم، ولا أستطيع النوم قبل أن أقرأ شيئًا من كتاب ولو لنصفِ ساعة". تلك الدقائق كانت ترتشفها كرحيقٍ مختوم في نهاية اليوم.

| دار المعلمات

inbound2253400956258352652.jpg
المعلمة فداء زعتر مع الوزير صبري صيدم

تميزها الدراسي جعلَ مديرة مدرستها في الثانوية العامة، جمان قرمان، تقوم بـ "خرق مهني"، إن جاز التعبير، أو موقف إنساني. ففي بداية العام لم تكن فداء قادرة على اقتناء الكتب المدرسية نظرًا لغلاء ثمنها، وكون والدها من أصحاب الدخل المحدود، فهو مسؤول فرقة في قسم الكهرباء في البلدية، فما كان من المديرة إلا أن قدمت لها كتب من المدرسة على مسؤوليتها الشخصية بشرط إعادتهم لعهدة المدرسة بعد انتهاء العام.

فهل انتهت مواقف المديرة النبيلة إلى هنا؟ لا بل كان لها ما يصنع الفارق الكبير في حياة فداء، حيث ألمّت بها انتكاسة بعد بضعة شهور، عندما أخبرها والدها أنّهم لن يستطيعوا تدريسها في الجامعة، تقول: "كان الأمر بمثابة خنجر قتل طموحي وأحلامي، وأصبحت لا مبالية بالدراسة بتاتًا"، استدعتها المديرة بعد ملاحظة تراجع مستواها لتعرِف السبب وهدّأت من روّعِها، ودعتها لمواصلة الدراسة والتقدم للامتحانات، قائلةً: "سيكون هناك مخرج بعد أن تظهر النتائج".

inbound7051006168624092508.png

بعد النجاح، كان لا بد للحكاية أن تكتمل لتصبح بطلتها معلمة تُرفع لها القبعة، ولكن لن تتخرج من الجامعة، بل من معهد دار المعلمات الذي اقترحته عليها مديرتها. وهو معهد حكومي في رام الله يهتم بتخريج معلمات لمختلف التخصصات الدراسية، كانت مدّة الدراسة فيه سنتين ثم أصبحت أربع، وفي نهاية الدراسة تتقدم الطالبات لامتحانٍ شامل في كافة المنهاج بعدد 36 كتابًا، لمدّة أربعة أيام، تخبرنا عنّه قائلة: "لقد كانت أجمل أيام حياتي وأكثرها تشويقًا".


اقرأ أيضًا: مها شحادة: أصالة التفكر في الاختيار والدور الرسالي


تستذكر منها تمردها والزميلات على قوانين المعهد الصارمة، والمبيت الذي يُقيد مواعيد تناول وجبات الطعام، والنوم والاستيقاظ، وتذوب ضاحكة وهي تقول: "في السكن، كنا نجمع قطع الخبز والخضروات أثناء وجبات الطعام، ونصنع منها عشاءً خاصًا في غرفنا، وعندما تأتي المُشرِفة للتفتيش، نكون قد رفعنا كل شيء وجلسنا في أماكننا بأدب كطالبات مثاليات في ثوانٍ، فلا تجد شيئًا، وتغادر بهدوء، فيما نحن نخرّ ضاحكات".

لم يكن قد مرّ إلا فصل دراسي واحد على انطلاقها في هذه الحياة الملونة كطالبة جامعية تخطو خطواتها الأولى نحو طموحها وأحلامها، حتى اندّلعت الانتفاضة الأولى في عموم فلسطين، وأغلقت المدارس، والمعاهد والجامعات، لأجلٍ غير مسمى، وانقطعت فداء عن الدراسة لعام ونصف العام، عملت خلالهما في البيت على تقديم دروس تقوية للطلاب، ودروس محو أميّة للأمهات غير المتعلمات في الوقت نفسه.

| معاناة يومية

واصلت الدراسة وتخرجت بتميزٍ باهر، وبترتيب أول على التخصص وثانٍ على الكلية، وثالث على الضفة الغربية في امتحان الشامل، وكان ذلك في العام 1991، فهل استطاعت التقدم للتوظيف؟
 
ما بين تخرجها من المعهد وتوظيفها في عام 2000، كانت فداء قد تزوّجت وانتقلت للحياة في السعودية، وأنجبت طفلين، وعلى وصفها تقول: "حوّلت البيت إلى مدرسة"، تستدرك والضحكة تغمرها، "بالفعل لقد كان عمر ابني الأول 3 سنوات ويستطيع قراءة أي كلمة باللغة العربية أو الإنجليزية"، عادت بعدها للوطن، وتمّ قبولها كمعلمة في مدرسة اللُبن الشرقية، تصف تلك الأيّام بأنّها أكثر سنوات تدريس معاناة، فما السبب؟

خلال شهور، عادت المدارس، لكن المعاهد والجامعات بقيت على حالها، وهنا اقتنصت فداء الفرصة وتقدمت للتدريس في مدرسة طلائع الأمل، تصفها قائلة: "كانت أكثر مدرسة مشهورة، ولها أسلوبها ونظامها في التعليم، حيث تستخدم أنشطة بطريقة قصصية أو درامية، وقبل اختيار المعلمات تُجرى دورة تدريبية لعشرة أيام للمتقدمات".

تضيف: "بأسلوبهم النوعي صقلوا موهبتي في تأليف القصص والدراما، وشكلّوا هذه القدرات الكامنة حتى تكوّنت في بوتقة واحدة". مما جعل المعلمة المشرفة تقول: "لأول مرة أرى معلمة تتكوّن وتتبلور خلال 10 أيام، وتقف للتدريس كأنّ لها سنوات في المهنة". لم تستمر تجربتها الأولى طويلًا، وسرعان ما عادت للمعهد تشدُّ الخطى. واصلت الدراسة وتخرجت بتميزٍ باهر، وبترتيب أول على التخصص وثانٍ على الكلية، وثالث على الضفة الغربية في امتحان الشامل، وكان ذلك في العام 1991، فهل استطاعت التقدم للتوظيف؟

inbound1445431953202419699.png

ما بين تخرجها من المعهد وتوظيفها في عام 2000، كانت فداء قد تزوّجت وانتقلت للحياة في السعودية، وأنجبت طفلين، وعلى وصفها تقول: "حوّلت البيت إلى مدرسة"، تستدرك والضحكة تغمرها، "بالفعل لقد كان عمر ابني الأول 3 سنوات ويستطيع قراءة أي كلمة باللغة العربية أو الإنجليزية"، عادت بعدها للوطن، وتمّ قبولها كمعلمة في مدرسة اللُبن الشرقية، تصف تلك الأيّام بأنّها أكثر سنوات لبتدريس معاناة، فما السبب؟

في السادسة صباحًا، تبدأ رحلتها اليومية، تقل سيارة من بيتها إلى حاجز حوارة، ثم تتركها وتمشي سيرًا على الأقدام حتى تصل إلى نقطة التفتيش، يتم الأمر، تقل سيارة أخرى إلى حاجز زعترة، ثم تدعها وتسير مشيًا إلى التفتيش، وبعدها تقل سيارة ثالثة نحو المدرسة. إنّ الحاجزان السابقين ثابتين، لكن غالبًا ما يصادفها حاجز ثالث "طيّار" غير ثابت، فبعد وصولها مدخل القرية، لا تتمكن من الدخول لوجود السواتر الرملية، فتدخل من الحقول سيرًا، ولك أن تتخيل وضعها في الشتاء، والمشي بين الحقول والطين في رحلةٍ قد تستغرق 4 ساعات أو أكثر، تقول: "أحيانًا بعد كل ذلك تكون الحواجز مغلقة تمامًا ولا نصل".

بأي نفسية يستقبل المعلم طلابه بعد هذه المشقة؟ "أدخل على الطلاب أخلع ثوب الإنهاك والارهاق، وأرتدي ثوب الحماس والطاقة الإيجابية وأبدأ كأنّ شيئًا لم يكن". وفي عام 2002 أُغلقت المدارس نتيجة الأحداث السياسية المتوترة واجتياح الاحتلال الإسرائيلي للبلدة، تُبين: "فتحنا مدارس شعبية في البيوت والدواوين والشقق الفارغة، وقمنا بتدريس الطلاب، وكان الأمر طوعيًا نابعًا من داخلنا كشكل من أشكال النضال".

| الخنساء.. النقطة الفارقة

inbound1749957992111857290.png

عام 2005 انتقلت إلى مدرسة الخنساء، وهي مبنى قديم شُيّد عام 1932، يقع في قلب البلدة القديمة في نابلس، يعاني من الرطوبة الشديدة، ويفتقر إلى مقومات البيئة الآمنة للطالبات، ويعاني من شُح الموارد المادية بسبب الفقر الشديد الذي يعاني منه المجتمع المحلي المحيط. أكثر من 40% من الطالبات يعانين من مشاكل أسرية، ونسبة عالية منهن تعاني من مشاكل سلوكية كالعدوانية والانطواء وغيرها. 50% من أولياء الأمور يعانون من الأمية التامة، أو عدم المقدرة على القراءة والكتابة، أو تدني مستوى التحصيل التعليمي، أكثر 50% من أولياء الأمور يعانون من الفقر الشديد وتدني مستوى المعيشة، تعاني الطالبات من عدم توفر الغذاء الصحي، وغيره.

تقول: "صدمت بواقع المدرسة، وبدأت التحدي مع نفسي ففكرت في تطويرها من عدة مناحٍ، تحسين المستوى التعليمي للطالبات. التخلص من الأمية لدى أولياء أمورهم، صنع بيئة صديقة، فاعلة، صحية، آمنة، وتواكب التطور التكنولوجي للطالبات". فهل برأيكم استطاعت هذه الفراشة بتحريك الهواء بجناحها أن تصنع إعصارًا في زمانٍ ما؟

inbound7228940878501356331.jpg
فداء زعتر حازت على جوائز مختلفة أبرزها جائزة أفضل معلم وكُرمت في العديد من المناسبات

ألقت الحجر في البحيرة، وبدأت التغير في نواحي عدة، الأول تحسين البيئة التعليمية، تقول: "أصبحت أُجمّل الفصل بالوسائل التعليمية وأخلق بيئة مُفعمة بالنشاط، وأستخدم التكنولوجيا، كما خططنا ساحة المدرسة، وعلّقنا فيها ألواحًا لتصبح داعمة للطلاب ليمارسوا هواية الكتابة". أما الناحية الثانية، حول نشر التوعية بين أولياء الأمور، توضّح: "هناك العديد من القضايا مرتبطة بأولياء الأمور، سواء أهمية التغذية، وأهمية التعليم، والتوعية الصحية والثقافية؛ لذلك بدأنا بعقد حوارات تثقيفية ولقاءات توعوية مع المؤسسات المعنيّة للارتقاء بهم".

inbound8510718793143169586.jpg
مشاركة فداء زعتر في جلسة حوار المعلمين في أبو ظبي عام٢٠١٧

وعن التغلب على الأمية لدى الآباء، سألت المعلمة فداء نفسها: كيف سأفعل ذلك، فكان جوابها: "قمت بالاتفاق معهم أنني سأقوم بتقديم دروس بمعدل حصة واحدة 40 دقيقة بعد الدوام، وصممتُ استبانًا لأعرِف المستوى التعليمي لكلٍ منهم، وخصصت يوم لكل فئة حسب مستوياتهم". وأما الناحية الثالثة، فكانت حول نشر التوعية الصحيّة والاهتمام بالتغذية السليمة للطالبات.

تشير: "اقترحتُ على مديرتي، أن أقتطع وقتًا ما بين الحصة الثانية والثالثة مقداره 10-15 دقيقة، لتتناول الطالبات إفطارهن في الفصل، حتى أشجعهن على تناول طعام صحي، فوافقت وأصبحت أدعو الطالبات لإحضار شطيرة طعام ونوع واحد من الفاكهة عوضًا عن المصروف، وأقوم بدوري بالإشراف على الأمر وتقطيع الفواكه، وتناول الإفطار في أجواء تشاركية".

لم يكن دورها تعليميًا فحسب، بل اجتماعيًا ومجتمعيًا وإنسانيًا في الوقت نفسه، وجنت ثماره يانعة، حيثُ قلّت نسبة الغياب وزادت الدافعية للتعلم، وعدلت السلوكيات الخاطئة، وتحفيز الصحيحة لدى الطالبات، ونما لديهن حب التعاون، القيادة، احترام الآخرين.

نالت فكرتها استحسان المديرة، التي بدورها طبقتها على كافة الفصول ورفعتها إلى المديرية، ومنها إلى الوزارة التي قامت بتطبيق المبادرة في كافة مدارس الضفة الغربية بعد عامٍ واحد، فخرجت مبادرة فداء زعتر من فصلها الصغير وتعممت على المحافظات. وأما محورها الأخير في عملية التطوير والتغيير فكان العمل على تلبية احتياجات الطالبات من مستلزمات ضرورية؛ كالحقائب المدرسية، القرطاسية، الملابس الشتوية، الأحذية، الوجبات الصحية، حيث توجهت إلى متبرعين لتوفيرها، وبالفعل أصبحت تُغطي احتياجات طالبات المدرسة كافة.

inbound556807200772020381.png

لم يكن دورها تعليميًا فحسب، بل اجتماعيًا ومجتمعيًا وإنسانيًا في الوقت نفسه، وجنت ثماره يانعة، حيثُ قلّت نسبة الغياب وزادت الدافعية للتعلم، وعدلت السلوكيات الخاطئة، وتحفيز الصحيحة لدى الطالبات، ونما لديهن حب التعاون، القيادة، احترام الآخرين، وتعززت الثقة المتبادلة ما بين المعلم وأولياء الأمور. كما ارتفع مستواهم الثقافي، وتشجع الكثير لإكمال تعليم أبنائه الجامعي، تُعقِب: "أجمل عبارة نسمعها الآن من أولياء الأمور، إذا أردت أن ترسل ابنتك إلى مدرسة خاصة مجانًا فعليك بمدرسة الخنساء".

| المعلم الأفضل

عام 2015 حصلت على لقب أفضل معلم في نابلس، بناءً على معايير حددتها وزارة التربية والتعليم في فلسطين، تشير: "كنت قبلها أقوم بواجبي فقط، فلمّا عرفتُ أن الوزارة تلاحظ جهودي وتقدّرها كانت سعادتي لا توصف". أما المفاجأة الأجمل كانت عندما اختيرت واحدة من أفضل 50 معلم على مستوى العالم في جائزة Global teacher prize، لعام 2016.

تقول: "شاركت و8 آلاف معلم من 127 دولةً، وعندما نقول أنني حصلت على لقب واحدة من أفضل 50 معلم في العالم، وواحدة من 4 معلمين عرب، فهذا فضل من الله، وفرصة يجب استثمارها لنقل استراتيجياتي التعليمية، وإفادة المعلمين الآخرين هي بمثابة تحدٍ كبير رغم شُح الموارد والإمكانات التي تواجهنا كمعلمين عامة وكفلسطينيين خاصة؛ لكننا نستطيع النهوض بعزيمة لننافس العالم بعلِمنا وإنجازاتنا، وكان هدفنا الأسمى كمشاركين فلسطينيين تمثيل فلسطين عالميًا، وتزيين خارطة العالم باسمها".

عام 2015 حصلت على لقب أفضل معلم في نابلس، بناءً على معايير حددتها وزارة التربية والتعليم في فلسطين، تشير: "كنت قبلها أقوم بواجبي فقط، فلمّا عرفتُ أن الوزارة تلاحظ جهودي وتقدّرها كانت سعادتي لا توصف". أما المفاجأة الأجمل كانت عندما اختيرت واحدة من أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم في جائزة Global teacher prize، لعام 2016.

تقول: "شاركت و8 آلاف معلمًا من 127 دولةً، وعندما نقول أنني حصلت على لقب واحدة من أفضل 50 معلم في العالم، وواحدة من 4 معلمين عرب، فهذا فضل من الله، وفرصة يجب استثمارها لنقل استراتيجياتي التعليمية، وإفادة المعلمين الآخرين، وهي بمثابة تحدٍ كبير رغم شُح الموارد والإمكانات التي تواجهنا كمعلمين عامة وكفلسطينيين خاصة؛ لكننا نستطيع النهوض بعزيمة لننافس العالم بعلِمنا وإنجازاتنا، وكان هدفنا الأسمى كمشاركين فلسطينيين تمثيل فلسطين عالميًا، وتزيين خارطة العالم باسمها، والحمد لله حضرت فلسطين بفوز ثلاثة معلمين وليس واحدًا فقط".


اقرأ أيضًا: د. سماهر يونس: عقبات توصل لحضور صيدلاني عالمي


كان لها من العام الذي تلاه نصيبًا آخر من الفرح؛ إذ حصلت على لقب زمالة قدوة، وقدوة منصة تعليمية يتم عقدها تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، يُسلط الضوء فيها على النماذج الرائدة التي أحدثت فرقًا في مسار التعليم. تقول: "اختُرت والتحقت بالمنتدى الذي ضمّ أكثر من 900 معلمًا، ورائد أعمال وخبراء وقادة ومسؤولين حكوميين، من 68 بلدًا، في حوارات تفاعلية حول تجاربهم في مجال التعليم؛ لمناقشة أبرز التوجهات المعاصرة لتمكين المعلمين والارتقاء بمستقبل المهنة، وبفضل الله، حصلت على اللقب، وكنت العربية الوحيدة من 50 معلمًا من أصحاب التجارب الملهمة حول العالم".

inbound3199897671761983889.jpg
المعلمة فداء زعتر مع طلابها

كثيرًا ما تُردِد المعلمة الهمامة: "من السهل الحصول على الفوز، ولكن من الصعب المحافظة عليه براقًا ومتجددًا"؛ لذلك تجدها دائمًا تُنوّع أساليبها التدريسية واستراتيجياتها بحسب المتغيرات وطبيعة الطلاب من عامٍ لآخر، وتقول: "سرّ تطوري أنني لم أقول لنفسي يومًا أنني وصلت للقمة، لأنه دائمًا بعد القمة انحدار؛ فالإنسان دائمًا يجب أن يقول هناك معرفة أسعى للحصول عليها".

وقد نالت لقب وسام فارس من الرئيس محمود عباس، كما عملت لسنوات منسقة عناقيد لمدارس نابلس، وشاركت مع الوزارة في تأليف دليل إثرائي لمنهاج اللغة العربية، وتأليف دليل مهارات التفكير والألعاب التعليمية للمادة نفسها، وساهمت في تقييم المناهج الفلسطينية عام 2016، كما اختيرت على مدار الأعوام من 2016-2018 لحضور مؤتمر المعلمين الدولي في دبي، واشتركت في دورات تدريبية للمنهاج الجديد للمعلمين، وعقدت عدّة دورات حول استراتيجيات التعلم النشط.

هي بين زميلاتها كما وصفوها: "حسنة الإصغاء، تسعى لتطويرهم، متواضعة، شجاعة، طموحة، ومتفائلة ومصدر طاقة إيجابية دائمًا". تختتم قصتها بقولها: " أقول دائمًا للمعلمين زملائي أنّه يوجد بداخلكم إنسان مبدع، انظر لهذا الجانب المتميز وانطلق منه نحو القمة، وأؤكد عليهم أن الانسان لن يصل إلى الكمال لأنّه من ادّعى العلم فقد جهِل".