دائمًا ما يأسرني شكل بيوت دمشق القديمة بباحاتها الواسعة، ونافورة المياه وتجمعات الزهور، والنباتات التي تملأ المكان بالحياة والعبير.
في مصر أيضًا، كانت البيوت تتميز بعمارتها الضخمة، والأسقف العالية، والنوافذ الطويلة، والثريات المتدلية بأحبال ضخمة، وتوفر إضاءة ليلية متألقة خلافًا لإضاءة النهار الطبيعية التي توفرها الشمس الساطعة.
تصميم المنازل في القرن الماضي يختلف كليًا عن مساكننا في الوقت الحالي، التغييرات الاجتماعية والاقتصادية لم تأتِ في صالحنا في هذا الاحتياج الأساسي، بل تقلصت مساحات البيوت بالشكل الذي جعلها بالكاد مساحات تكفي النوم وساعات المعيشة القليلة التي تفصل بين ساعات العمل وساعات النوم، غلاء المشيعة والمتطلبات الاستهلاكية المتزايدة جعلت من الجميع في حالة تطلب مستمر.
بيوتنا الأصغر حجمًا والأقل مساحة تحتاج لأثاث ومفروشات من نوع خاص، القطع الكبيرة والأثاث الضخم والثريات المتدلية لم تعد ما نحتاجه اليوم، بل كلما صغر حجم الأثاث وتعددت استعمالاته كلما كان أفضل وأكثر راحة.
نعرض في هذا المقال بعض الحيل والأفكار التي تساعد في زيادة مساحات غرف النوم الصغيرة، وكيف يمكننا الاستفادة من كل سنتيمتر، وما هي المتعلقات التي تمنح الغرف أبعادًا واسعة من الراحة والحيوية.
أهم عنصر عند تأثيث غرفة ذات مساحة صغيرة هي الألوان، كلما اعتمدنا ألوانًا فاتحة كالأبيض والرمادي الفاتح، وغيرها من الأوان ذات نفس التأثير. استطعنا وبسهولة توسعة المجال البصري، والاستفادة من انعكاسات الضوء التي يوفرها اللون الفاتح.
الأمر بالنسبة للحوائط لا يشمل الدهانات فقط، بل أوراق الجدران أيضًا، لكما كانت ألوانه أكثر سطوعًا وأقل نقوشًا، وبهرجة كلما أعطى راحة شديدة للعين مهما كانت مساحة الغرفة صغيرة.
استغلال الحوائط يعني الاستفادة من كل المساحة أفقيًا ورأسيًا، الخزائن المتعددة المستويات فيما يعرف ب"البلاكار"، والرفوف المعلقة التي يمكن الاستفادة بعدد لانهائي منها، التلفاز المعلق، والمكتبة الملحقة به، وهكذا.
الحوائط كمساحة تخزين فكرة حيوية جدًا في استغلال المساحات الضيقة في الغرف مهما كان صغر حجمها.
رفع الأثاث عن الأرض بشكل عام يشكل نقطة فارقة جدًا، إن توفير مساحات من الأرض تعطي انطباعًا بالاتساع واللامحدودية بعكس الأثاث الموضوع بالشكل التقليدي، والذي يلتهم جزء كبير من المساحة الكلية.
من الحيل الناعمة أيضًا في تكبير الغرف الصغيرة، الاستعانة بالمرايا. نعم، فالانعكاسات التي توفرها المرآة تضمن ضوءًا جيدًا ولمسة لامعة براقة للغرفة التي وُضعت فيها.
الأثاث المستعمل في الغرف الصغيرة يفضل أن يكون ذو تصاميم وقياسات خاصة، كلما ابتعدنا عن القطع الضخمة، واتجهنا نحو القطع صغيرة الحجم كان الأمر أكثر جاذبية وراحة.
الاتجاه نحو الأسِرة الصغيرة والأسِرة المتعددة الأدوار خيار ممتاز، بالإضافة إلى تجنب وضعها في منتصف الغرفة، كلما وضعنا الأثاث بجوار الحوائط كلما اتسعت المساحة المتاحة من الأرض.
الأثاث الذكي بكل أشكاله وأنواعه هو الحل الأكثر رواجًا هذه الأيام بخصوص الغرف الصغيرة، ويمكن تطبيقه في الأسِرة والطاولات ووحدات التخزين، الأفكار أصبحت كثيرة جدًا ومتوفرة بسهولة عبر الإنترنت.
مراعاة الترتيب الصحيح للأثاث هو رأس الأفكار التي تضمن استغلالًا صحيحًا للمساحات ومظهرًا أنيقًا أيضًا.
الإكسسوار والديكور في الغرف الصغيرة له أبعاد خاصة جدًا، الاعتماد على القطع الكبيرة المزركشة ذات التفاصيل الكثيرة من شأنه ملء الغرفة بالضجيج، وعدم راحة للعين والإيحاء بتقلص المساحة، لذا كلما اعتمدنا إكسسوارات ذات تفاصيل أقل أعطينا للمكان إيحاء بالاتساع والراحة.
كلما كانت تفاصيل السجاد صغيرة ونقوشه هادئة كانت نتيجته أفضل في مساحات الغرف الضيقة.
الستائر البيضاء والرمادية خيارك الأفضل في الغرف الصغيرة، تمنح أصحاب المنزل شعورًا بالانسيابية والهدوء يعزز من راحتهم في مساحتهم الخاصة.
أما الكراكيب هي أكثر عنصر متسبب في تقليص المساحات وعدم الراحة في المنزل، الأوراق والمجلات وقطع الأثاث غير الضرورية أو الزائدة عن حاجتنا، كلها أشياء يجب التخلص منها لاستجلاب الطاقة الإيجابية والراحة النفسية. تحدثنا في بنفسج سابقا عن الكراكيب، من هنا يمكنك الاطلاع على الموضوع، من هنا.
تجربة القطع الشفافة مثل الزجاجيات والأكريليك ستعطي نتيجة إيجابية أيضًا عند استعمالها في مساحتك الصغيرة، الأمر لا يقتصر على المزهريات أو الرفوف، ولكن من الممكن تجربة الكراسي أو الطاولات، ستنبهرين بالمشهد النهائي.
لا يمكن الحديث عن الراحة النفسية والطاقة الإيجابية دون ذكر النباتات. وجود النباتات بلونها الأخضر وخصوصًا بجوار النوافذ والشرفات يساهم بشكل كبير في خلق بيئة حيوية ومناخ صحي للمساحة المتواجد فيها، سواء كانت نباتات عادية، أو نباتات ظل، أو زهور أو سيقان كالبامبو مثلًا، النباتات بشكل عام تعزز من راحتك النفسية.
وحدات الإضاءة في الغرف الصغيرة يجب أن يتم دراستها جيدًا، الأنوار الساطعة المزعجة للعين تسبب الإبهار، وربما يكون لها تأثيرا عكسيًا، لذلك من المهم توزيع الإضاءة بشكل ملائم للكمان وتحديد المستويات التي تتلاءم مع تصميم الغرفة واحتياجات أصحابها.
إضاءة غرف النوم تختلف بالطبع عن غرف المعيشة أو غرف الاستقبال، ومن الرائج جدًا هذه الأيام الإضاءة الدافئة أو warmlight.
من الأفكار التي تبدو غير مألوفة، ولكنها جيدة جدًا هي الاستغناء عن خزانات الملابس والاستعاضة عنها بالرفوف المستقلة والصناديق، من شأن هذا الأمر توفير مساحة ليست بالقليلة، خصوصًا في الغرف التي نحتاج فيها لكل سنتيميتر مربع.