بنفسج

أم نضال فرحات: إرثها الحاضر في الطوفان

الأحد 10 ديسمبر

" لعيون أبو حسين فرحات "، تُحيلنا عائلة فرحات بشكل لاواعي أوتماتيكي لأم نضال فرحات، لنتأكد بعدها أنها ذاتها المقصودة، وهذه المرة، بابنها وسام فرحات قائد كتيبة الشجاعية، الذي أعلن الاحت.لال عن اغتياله، بينما لم تؤكد كتائب القسام.السيلفي الأشهر في هذه الحرب، مدرعة مدمرة بالكامل، يقف أحد الملثمين ليتقط سيلفي مع الدبابة المشعللة، تهدى لعيون وسام فرحات الذي قضى ١١ عامًا في سجون الاحتلال، وينحدر من أسرة مقاومة أسستها خنساء فلسطين الأولى، أم نضال فرحات. 

تصب رؤية مجلة بنفسج وغايتها في التأكيد على حضور المرأة، فإذا تحدثت حضرت، وإذا علا صوتها حضرت، وإذا كان لها وأنجبت، حضرت، وإذا كان لها أسير وشهيد حضرت، وهي تحضر بمجرد كونها فلسطينية، فكيف إذا كانت غزاوية تنجب للثورة والمقاومة، وكيف إذا حظيت بأبناء كثر كلهم، كلهم من قيادي الثورة وحملة السلاح.

"لعيون أبوحسين فرحات": إحالة لأم النضال فرحات

لعيون أبوحسين.jpg

"من يحب الله والوطن فلا يتوانى عن تقديم أبنائه فداء له، والأم التي تحب ولدها تطلب له النجاة في الدنيا والآخرة وتدفعه للجهاد ولا تجزع عند فوزه بها، ولا تشمت الأعداء بشعبنا بدموعها على شاشات التلفزة"، أم نضال فرحات

وهذه أم نضال فرحات الحاضرة دومًا، لله درك يا أم نضال تحضرين في الحياة والممات، لا مجال للغياب في سيرتك ومسيرتك. منحت أبناءها ونفسها لله وللمقاومة، ويريد الله أن تكون حاضرة الآن في حرب الطوفان، في وسام ابناها... ولو كانت أمك يا وسام حية لقالت يقينًا: "فداء لله والوطن، فداء لله والأقصى، فداء لله والمقاومة..". لكانت أمك تقول: "هذا وسام فداء وقد قضى 11 عامًا في سجون الاحتلال، وقائدًا لكتيبة الشجاعية خلال معارك المقاومة في غزة."

هذه أم نضال فرحات، خنساء فلسطين، حازت على هذا اللقب تيمنًا بالخنساء الأولى في العصر الإسلامي، وهي ليست كذلك فحسب، بل لأنها استحقت اللقب وحازته بحيازتها للثورة والسلاح، ليس لأنها أم الشهداء والأسرى فقط، بل لأنها الدافع والحامي والداعم، هي التي تدفع أبناءها وتحضهم على حمل السلاح، وتصرح بذلك غير آبه في الإعلام والمنصات وكل الأماكن دون أن يرف لها جفن.

لقد كانت أم نضال من أوائل الأمهات الفلسطينات اللوتي احتضن المقاومة وصنعنها، بل وصنعت هذه الظاهرة المجتمعية، فبدأت النساء من بعدها يقمن بهذا الدور بكل شجاعة ورباطة جأش، ومنهم رأينا أم إبراهيم النابلسي، وأم عناد البرغوثي، وأم مهند الحلبي، أم عاصف البرغوثي، أم العبد جمال أبو الهيجا،أم أمجد العزمي، وغيرهن. تلك النسوة أصبحن وقود الثورة الفلسطينية المستمرة، فهي لا تنتهي، بإنجابهن، وتربيتهم، ودعوتهن، وهن أصبحن قائدات وناطقات باسم الثورة والمقاومة.

خنساء فلسطين تغيير المعادلة 

السيفي الأشهر.jpg

أم نضال فرحات، أم الشهداء: محمد، ونضال ورواد، وهي كذلك أم وسام قائد كتيبة الشجاعية. فكيف غيرت أم نضال المعادلة وكانت إحدى منابع الثورة ووقود المقاومة:أم نضال فرحات من أوائل النساء اللواتي نذرن كل أبنائهن للمقاومة، وهبت أم نضال أبناءها الستة جميعا، دون تردد.

كان نضال الابن الأكبر لخنساء فلسطين، من أوائل مصنعي الأسلحة في قطاع غزة، وكانت هي أول فلسطينية تطلق صاروخًا باتجاه المستوطنات. حمت أم نضال المقاومين وآوتهم في بيتها دون وجل أو خوف، ومنهم عماد عقل، وهو مجاهد وقائد عسكري ميداني في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومن مؤسسي كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية.

استشهد في اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد انكشاف مكان اختبائه في بيت أم نضال، رحمهما الله، فاستشهد على باب المنزل بأكثر من 70 رصاصة. تدربت أم نضال على حمل السلاح، وبذلك تكون قادرة على المشاركة في أي عملية أو الدفاع عن نفسها والذين تؤويهم من المجاهدين.شاركت في المجال السياسي الفلسطيني في المجلس التشريعي عن حركة حماس في عام 2006.

أم نضال فرحات: سيرة ذاتية مختصرة

خنساء4.jpg

اسمها مريم محمد يوسف محيسن (1949–2013)، وهي داعية إسلامية، ومربية، ومجاهدة، وسياسية فلسطينية، ونائبة في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح، وقيادية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قدمت ثلاثة من أبنائها شهداء في فلسطين، هم محمد ونضال ورواد. ووسام ولدها قضى 11 عامًا في سجون الاحتلال.

ولدت في غزة، ولها ستة أبناء وأربع بنات، ولديها 10 من الإخوة و 5 من الأخوات. سكنت حي الشجاعية، وتزوجت من فتحي فرحات وهي في بداية الثانوية العامة، لكن لم يمنعها الزواج من إكمال دراستها، فواصلت، وقدمت لامتحانات الثانوية وهي حامل بمولودها الأول - القائد القسامي نضال فرحات - وحصلت على 80%.

قدمت أم نضال من الأبناء محمد فرحات (17 عاماً)، ورغم صغر سنه إلا أنها أصرّت على قائد كتائب القسام صلاح شحادة آنذاك لينفذ ابنها الهجوم، تدرب محمد على يد عماد عقل الذي كانت تؤويه الأسرة، وعلى يد أخيه الأكبر نضال، وقبل خروجه ظهرت مع ابنها «محمد» بتسجل مصور في مطلع عام 2002م، وهي تقبله قبلات الوداع، وهي تعلم أنه ذاهب بلا رجعة فسجّل وصيته معها، وتصورت معه بسلاحه في فيديو خاص وأوصته.

فكانت أول أم فلسطينية تودع ابنها وهو خارج إلى عملية استشهادية في تسجيل مصور، وأوصته بألا يعود إليها إلا مثخناً في عدوه محمولاً على أكتاف الرجال، فذهب في عملية اقتحام قتل فيها 9 جنود إسرائيليين، حيث اقتحم مدرسة تدريب جنود داخل مغتصبة (مستوطنة) عتصمونا.

المجاهدة: أم المناضلين والشهداء

عماد عقل.jpg

ومن ثم نضال فرحات، بعد عام واحد من استشهاد أخيه محمد في 2003، ابنها الثاني، وهو البكر نضال فرحات (31 عاماً) قائد ميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وهو أول من صنع صاروخاً في فلسطين، ويعزى إليه اختراع صاروخ القسام. ظهر نضال في تسجيل مصور-حقيقي- في فلم (نسمة وإعصار) الذي أنتجته كتائب القسام، وظهر نضال وهو يدرّب أخاه الاصغر محمد قبل خروجه لتنفيذ عملية الاقتحام بأيام.

 وبمشهد آخر وهو ويعلّمه ما يصنع أثناء الهجوم وكيف يتعامل مع السلاح. إغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي وهو يحاول تجهيز طائرة القسام بدون طيار (أبابيل1) التي أعلنت عنها كتائب القسام لاحقاً في عام 2014م. وكان لا يتردد على لسانها إلا كلمات الشكر والحمد لله بأن أكرمها باستشهاد نجلها الثاني.

ولم يمر عامان حتى استشهد ولدها الثالث (رواد) بعدما قصفت الطائرات الحربية الصهيونية سيارته في قطاع غزة في عام 2005. كما قضى ولدها الرابع 11 عاما أسيرًا في سجون الاحتلال الصهيوني، فما كان منها إلا أن كانت تصبّر النساء والناس الذين كانوا يأتون لمواساتها بأبنائها.

قُصِف بيتها أربع مرات، وعندما عرضت حكومة إسماعيل هنية على أم نضال إعادة بناء بيتها بعد قصفه رفضت ذلك إلا بعد ترميم جميع الدمار الذي لحق ببيوت جيرانها جراء القصف.وكانت عضواً في لجنة التربية في كتلة التغيير والاصلاح، ورئيسة «جمعية الشموع المضيئة»، وشاركت في العديد من الندوات والمحاضرات الدينية، وشاركت في العديد من الاحتفالات والمهرجانات الإسلامية.

إرثها الحاضر رغم وفاتها 

وفاة.jpg

ثم أكملت أم نضال عملها ومسيرتها، حينما ترشحت على قائمة حركة حماس كتلة التغيير والإصلاح للمجلس التشريعي الفلسطيني، وسافرت ضمن وفود الحركة إلى بعض الدول، لتجذب المساعدات لأهل غزة بعدما فرض عليهم الاحتلال الإسرائيلي وحلفاؤه حصاراً خانقاً حتى يركعوا ويطأطئوا الرؤوس، لم تكل ولم تمل، بينما كان آخرون يحرضون الاحتلال على مزيد من الحصار وتضييق الخناق.

تناوب على حمل جثمانها قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعلى رأسهم رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل هنية ورئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر ومجاهدو القسام، وحضر صلاة الجنازة وتبعها جمع غفير ومعظم قادة حماس ووزرائها ونواب في المجلس التشريعي، وأحيط الجثمان بمجاهدي كتائب القسام، وألقى إسماعيل هنية كلمة في المسجد الذي صلي عليها فيه.

في يوم 17 آذار 2013م توفيت أم نضال في مستشفى الشفاء بقطاع غزة، بعد صراع مع المرض استمر سنوات، بعدما قضت سنوات في رحلات العلاج بين مصر وغزة وسورية وأجريت لها عمليات المرارة والزائدة والقلب المفتوح. وتناوب على حمل جثمانها قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعلى رأسهم رئيس الوزراء آنذاك إسماعيل هنية ورئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر ومجاهدو القسام، وحضر صلاة الجنازة وتبعها جمع غفير ومعظم قادة حماس ووزرائها ونواب في المجلس التشريعي، وأحيط الجثمان بمجاهدي كتائب القسام، وألقى إسماعيل هنية كلمة في المسجد الذي صلي عليها فيه.