بنفسج

ما زلنا صغاراً

السبت 04 مارس

إن الألم الحقيقي هو الذي ينتابك عندما تكتشف أنك أفنيت عمرك باحثًا عن حقيقة كل شيء؛ الإخلاص، والحب، والوطن… عندما تكتشف أن عهدًا طويلًا من حياتك قد ضاع سدى، كان من المفترض وأنت في فترة شبابك أن تكون منهمكًا في البحث عن أحلامك وأمانيك لا أن تكون متلبدًا بسبب ما أصابك من خذلان وتخلٍ.

إن الألم الحقيقي هو الذي ينتابك عندما تكتشف أنك أفنيت عمرك باحثًا عن حقيقة كل شيء؛ الإخلاص، والحب، والوطن… عندما تكتشف أن عهدًا طويلًا من حياتك قد ضاع سدى، كان من المفترض وأنت في فترة شبابك أن تكون منهمكًا في البحث عن أحلامك وأمانيك لا أن تكون متلبدًا بسبب ما أصابك من خذلان وتخلٍ.

أتذكر ونحن أطفال عندما واساني صديقي بعد أول صفعة تلقاها قلبي قائلًا: مازلنا صغارًا على هذا وغدًا سيكون أجمل، تلك هي العبارة التي علقت بأذهاننا حتى أصبحنا كبارًا ولم يتضح لغدنا نهار.
 
قد سئمنا من المستحيل الذي أبرم معنا عقودًا أبدية وجعلنا نرى أحلامنا تتناثر في حقول غيرنا، فليس من العدل أن يكون ماضينا مقيتا لدرجة أننا لا نريد أن نتذكره، ولا من العدل أن نتحسس قلوبنا فنجدها مليئة بالندوب الهائلة، وأسوأ ما في الأمر هو كتمان الشكوى، كتمان التأوه والأنين، فالكل لديه ما يكفي من الجروح الغائرة وإن وجدت من يصغي لشكواك فلن تجد الرد الذي يجعل جرحك مندملا، إنما هي ردود معهودة ألفتها ألسنتهم لكثرة الشاكين... تقريبًا.
 
مازلنا صغارًا على تلك الخيبات وهزائم النسيان التي تلقيناها ممن كانوا معنا وتركونا كأنهم لم يلقونا وجعلونا نجني ما تبقى من حصاد ذكراهم، وقد كان لنا في أرض الله من يحنو علينا ويضمد جروحنا حتى جاء القدر الذي عبث بحلاوة أيامنا معلنا تنفيذ إرادة الله، ليرحلوا عنا ونستمر في المكوث على رصيف الحنين ننتظر شيئا لن يعود.
 
ومازلنا صغارًا نحاول أن نفتش بقلوب متلهفة عمن يشبهوننا وعندما نلقاهم لا نجد تلك الكلمات التي تترجم مشاعرنا، حتى وإن وجدناها سنصمت خوفاً من أفكار الرحيل التي تتسلل إلى أذهاننا وتبقى لغة العيون، تلك اللغة التي لطالما أحببناها لأنها لا تحتوي على تلك المرادفات الكامنة في لغة الواقع، فسلامًا على ماضينا المثير للشفقة ومرحبًا بحاضر نأمل أن يلملم شتاتنا.