بنفسج

أمومة الاعلانات.. الصورة في الواقع ليست كما تبدو على الشاشة

الثلاثاء 16 مايو

لماذا عليَّ أن أكون أم مثالية، يكفي أن أكون تلك الأم المتزنة نفسيًا، لا يحتاج أطفالي أكثر من ذلك ليكبروا أسوياء في عالم مجنون بما يكفي. الأمهات بشر لا ينبغي أن يكونوا شموع تحترق من أجل الجميع. يبكون في الحمامات بعيدًا عن أعين الصغار. يفقدون صبرهن، وطاقتهن، وأجسادهن، ويفقدون عالمهن أحيانًا وسط دوامة لا تنتهي. يحملن صغارهن كالوشوم أينما ذهبوا. يقتلهن الذنب ألف مرة وحين يتخلصون منه في المرة الألف وواحد، توجه إليهن أصابع اللوم. نومهن رفاهية، وسقوطهن تعبًا غير مسموح. تحيط بأعينهم هالات سوداء، ولا تحيط برؤوسهم هالات ملائكية. بينما تحيط قلوبهن دائمًا أسلاك شائكة.

لديَّ طفلان، وكأم تعمل في مجال الكتابة والبحث فيما يخص الصغار، يتوقع الجميع إنني سأكون تلك الأم السوبر مثالية! وأن يكون أطفالي كذلك. لست مثالية، ولا صغاري بحاجة لأم سوبر.  أفقد صبري كثيرًا، ومن منا لا يفعل؟! أخطئ واعتذر لهم ومنهم. أعمل وأسعى لأحلامي ولا أشعر بالذنب. أعاقب وأقوّم وأحنّ وأدلل، كل بمقدار، فلا تميل كفة على الأخرى. نكافئ في منزلنا على الأفعال الطيبة والقول الحسن، لا أطالبهم بحصد المراكز الأولى ولا التفوق في شيء أكثر من الرحمة والرفق واللين وطيب الفعل.

علمني عملي وأمومتي ألا أحكم على أمومة غيري، وأن الحقيقة الثابتة أنه لا يحب الطفل شخص أكثر من أمه، ولن يحب الطفل شخصًا كأمه، وإن اختلفت أشكال المحبة وإن حمله العالم حملاً على كفوف الدلال. تعلمت أن اقدرّ كل أم أراها وأضع لها ألف ألف عذر، وأن تجربة الأمومة ليس لها كتالوج، وددت لو كان لدي مائة ذراع تربت وتطمئن الأمهات المحيطات بي. وأخرى تصفع الساخرين كالمسوخ من ذلات أمومتنا، ليزيدوا نقصانهم كمالاً زائفًا.

أشكو من أطفالي ولا أتخيل دقيقة تمرّ دونهم، نختلف ونتجادل ونتعلم معًا. علمتني التجربة أن الأمهات ليسوا كتلك التي أراهن في إعلانات منتجات الأطفال، ليسوا ملائكة جميلة مبتسمة تصب الصبر صبًا وتدلل الصغار صباحًا ومساءً، دون شكوى أو تذمر.

لماذا عليَّ أن أكون أم مثالية، يكفي أن أكون تلك الأم المتزنة نفسيًا، لا يحتاج أطفالي أكثر من ذلك ليكبروا أسوياء في عالم مجنون بما يكفي. الأمهات بشر لا ينبغي أن يكونوا شموع تحترق من أجل الجميع. يبكون في الحمامات بعيدًا عن أعين الصغار. يفقدون صبرهن، وطاقتهن، وأجسادهن، ويفقدون عالمهن أحيانًا وسط دوامة لا تنتهي. يحملن صغارهن كالوشوم أينما ذهبوا. يقتلهن الذنب ألف مرة وحين يتخلصون منه في المرة الألف وواحد، توجه إليهن أصابع اللوم. نومهن رفاهية، وسقوطهن تعبًا غير مسموح. تحيط بأعينهم هالات سوداء، ولا تحيط برؤوسهم هالات ملائكية. بينما تحيط قلوبهن دائمًا أسلاك شائكة.