بنفسج

كيف تُخلق الطمأنينة؟

الأربعاء 17 مايو

إنما الدعاء إلهام القلب واللسان والجوارح يجريه الله على لسان من يشاء من البشر، وإن النفس السليمة هي تلك التي تعلّم كيف تدعو، بخوف وترقب، عجز وارتباك، حيرة وضعف، بحُلم وتعجُّل. فكُلّما سعى الإنسان لغاية وكان الله معه، لا بدّ أن يصل المرمى، وفي كُلّ مرّة باتّ الدعاء في قلبك وغاب عن واقعك، خلق الله بك أمرًا جديدًا، خلقًا خُلقيًّا فريدًا.

بعضُ المعارك التي يُعاني منها المرء مع نفسه، معركته الخاصة بالدعاء، بالكم الهائل من الأدعية التي تتجلّى على صورة رغائب وأمنيات وأحلام، تدبير كُلّ أمره العسير بل واليسير منه، ويبقى المرء طوال فترة الدعاء في حالة بين الخوف واليقين، ومهما جاهد أن يصل لمرحلة اليقين إلّا أن بعض الريب يرتاب قلبه.

مؤخرًا؛ شكّلتُ قناعة بيني ونفسي، وعلّمتها وروضتُها أنّ كُلّ أمر قد حصل هو أبهى شكل من أشكال الخير، ولست أتحايل على نفسي بهذا، بل مرة بعد أخرى، جعلتُ هذه القناعة فكرة ثابتة في عقلي بحيث استحضرها مباشرة عند البلاء وتبقى في ذهني في كل المراحل، وأقول: لو كان خيرًا ما أرغب؛ سيكون.

للشافعيّ العزيز على قلبي بضع أشعار حول هذا الأمر فأنشأ يقول:
لا تيأسن من لطف ربك
إن كنت تغدو في الذنـوب جليـدا وتخاف في يوم المعاد وعيدا
فلقـد أتاك من المهيمن عفوه وأفاض من نعم عليك مزيدا
لا تيأسن من لطف ربك في الحشا في بطن أمك مضغة ووليدا
لو شــاء أن تصلى جهنم خالدا
ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيدا..

ما على المرء سوى أن يُحسن النية، َيضع نصبّ عينيه الغاية ويستحضر الله في كلّ أموره، وأن يبحث الله بحث الواثق لا بحث المشكك، وفي كُلّ محنة ستجد الله يضع نصب عينيك الرضا، وإن حدث عكس هذا، لا ترتعب، تلك الفطرة البشرية، ومن عجائب هذه الفطرة أنها دائمة السعيّ إلى الله.

إنما الدعاء إلهام القلب واللسان والجوارح يجريه الله على لسان من يشاء من البشر، وإن النفس السليمة هي تلك التي تعلّم كيف تدعو، بخوف وترقب، عجز وارتباك، حيرة وضعف، بحُلم وتعجُّل. فكُلّما سعى الإنسان لغاية وكان الله معه، لا بدّ أن يصل المرمى، وفي كُلّ مرّة باتّ الدعاء في قلبك وغاب عن واقعك، خلق الله بك أمرًا جديدًا، خلقًا خُلقيًّا فريدًا.