بنفسج

ضمني بين ذراعيك يا أبي

الخميس 17 اغسطس

عندما شاهدت اليوم طفلة الأسير المقدسي رمزي تحاول معانقته، استيقظ في قلبي ذاك الشعور الملتهب شوقًا إلى والدي. كيف مرت بمراحل عمري بدونه، كيف نجحت ولم يكافئني بقبلة، كيف بكيت ولم يضمني بين ضلوعه،كيف وقعت ولم يمد يده لي ليرفعني ويسندني، وكيف وقفت وتمنيت أن لو كان هو من أنهضني، الأب هو الحبيب الأول ياسادة، هو العشق الثابت الذي لا حراك له من القلب، هو الهوى الذي يجري مجرى الدم في العروق.  لا تظن أن ابنة الشهيد أو الأسير في بلادنا تحيا سعادة كاملة بدون أبيها، حتى لو اجتمعت كنوز الأرض تحت أقدامها، فهي أفقر الناس لذلك الجسور الذي يشد على يديها، الذي تثق فيه ثقة عمياء، الذي تعلم جيدًا أن حبها في قلبه لا يزول.

عندما شاهدت اليوم طفلة الأسير المقدسي رمزي تحاول معانقته، استيقظ في قلبي ذاك الشعور الملتهب شوقًا إلى والدي. كيف مرت بمراحل عمري بدونه، كيف نجحت ولم يكافئني بقبلة، كيف بكيت ولم يضمني بين ضلوعه،كيف وقعت ولم يمد يده لي ليرفعني ويسندني، وكيف وقفت وتمنيت أن لو كان هو من أنهضني، الأب هو الحبيب الأول ياسادة، هو العشق الثابت الذي لا حراك له من القلب، هو الهوى الذي يجري مجرى الدم في العروق.

 لا تظن أن ابنة الشهيد أو الأسير في بلادنا تحيا سعادة كاملة بدون أبيها، حتى لو اجتمعت كنوز الأرض تحت أقدامها، فهي أفقر الناس لذلك الجسور الذي يشد على يديها، الذي تثق فيه ثقة عمياء، الذي تعلم جيدًا أن حبها في قلبه لا يزول. انظروا لعينا فتاة خرج أبيها من السجن، انظروا كيف تهرول إليه فاتحة ذراعيها. أبتي ضمني، فوالله هذا الحضن يحترق شوقًا إليك على مر أيام أسرك.

تتعلق برقبته وتجهش بالبكاء، تظن أن الدمع يطفيء نار الشوق والغياب، لا يطفيء نار الشوق إلا العناق ياوالدي، لا يطفيء نار الفراق إلا أن أضغط على كفك وأتعلق بثيابك رجاءً لا تتركني، أين أنت ! هذا السؤال تسأله الآن كل ابنه شهيد زارها والدها في حلم عابر، قبلها في مخيلتها على جبينها. نظر إلى عينيها في لوحة رسمت هيا ملامحه فيها.

اشتمت رائحته الذكية بثيابه المعلقة. الاح..تلال ياسادة يوم حرمنا احتضان آبائنا. لم يجل في خاطره أن هناك خلف القضبان أو فوق رمال القبر أناس يحترقون. تنهيدات يشوبها القهر والشوق والغضب، دندنات تترنم كل يوم لتعزف الألم الذي لن يشعر به جلادنا صاحب المدرعات والطائرات والأغلال.

أبتي.. فإني والله رغم أني فوق التراب وأنت أسفله. فإني أراك رغم أنف غاصبي في وجوه الأسرى والشهدء، وأشبع اشتياقي بضمك حينما يتلاقى نجمان في السماء، وأهوّن على نفسي قائلة تركني أبي ولكن في الجنة لنا لقاء.