بنفسج

أمهات وشهداء... رثاء يتجدد

الأربعاء 20 سبتمبر

في كل مرة نكتب فيها عن الشهداء يظل الكلام منقوصًا والمشهد كاملًا، إخلاص،وإيمان، فاشتباك، فارتقاء. والرفقاء لا ينعون، لا يرثون، ولكنهم يبكون، فلماذا غادرتنا يا شهيد، لماذا ارتحلت أيها الرفيق، ألم نكن عهدنا أن يكون يومنا واحدًا وجنازتنا واحة، وقبرنا واحد، ألم يكن عهدنا أن نبقى سويًا، رفقاء الحي ورفقاء الطريق. 

أحبس دموعي يا رفيقي، تنهمر رغمًا عنين لا أريد للكاميرا أن تلتقطني وأنا أبكي، أنا لا أبكي رحيل رفيق، بل أبكي لأنه ذهب من دوني. هل يطول الطريق من بعدك، لعل عهدك بالله كان قويًا فاصطفاء، لعله أحبك أكثر فاختارك سريعًا. الصبر فعل عسير  صعب يا رفيقي، لا يمنحه لنا إلا الله، هكذا أفهم فقط كيف تعيش الأمهات بعد أبنائهن، إنه فضل إلهي خالص، يلف به صدورهن، ويمد غليهن لطفه الخفي، إنه رحيم بقدر لا نستوعبه.

ربط الله على قلبك يا أم محمود السعدي، سمعتك تقولين: "حرقت قلبي يما"، لقد حرقت قلوب أمهات ست بالأمس.  رحم الله قلوبهن، تولى الله قلوبهن، لطف الله بقلوبهن. هكذا نردد وهكذا ندعو، ليس أمامنا إلا طريق واحد نعلمه، الانتصار، وقوده الصبر يا أمي. ارتقى من شهداء فلسطين خلال ال 24 ساعة الماضية: الشهيد يوسف رضوان (غزة). الشهيد محمود  السعدي (جنين). الشهيد محمود عرعراوي (جنين). الشهيد رأفت خمايسة (جنين). الشهيد عطا موسى (جنين). الشهيد ضرغام الأخرس (أريحا).


اقرأ أيضًا: حين رحل أسامة.. أنطقهم الله ليجبروا كسرنا


في أمان الله، في رعاية الله، في عين الله يا رفقائي، لا أستطيع إلا أن أستودعكم عند من لا تضيع عنده الودائع، مخلدين. نستذكركم في الحي شبابًا أصحاب خلق، وفي البيت إخوة وأزواجًا وأباءً، وفي الميدان شجعانًا صامدين، وحين الساعة شهداء على الأكف والأكتاف مزفوفين. وحين تظهر الأمهات، يبكين، يزغردن، تُخنق أصواتهن، تحترق صدورهن، فلا عزاء في ولدي، ليس هناك ما يعزي إلا هذا المشهد: "الله يسهل عليك يما، مع السلامة يما، في حفظ الله يما". هذا سلام بروح الأم، بعينها وقلبها. ستظل تودعه كل يوم ما دام فيها نفس، وسيظل حيًا أمامها كما هو عند الله، والشهداء لهم أجرهم ونورهم. جسدًا وروحًا وبهاء ونورًا من عند الله، وفي هذا نستودعهم.