بنفسج

16 شظية دفنت في جسد الشهيد يوسف رضوان

الأربعاء 20 سبتمبر

____________-__________-1.png
____________-__________-1.png


كانت هذه المرة الأخيرة لجسد الشاب يوسف رضوان (24 عامًا) لتلقي رصاصات الاحتلال، فيرتقي بعدها شهيدًا، وهو الذي لا يتوانى عن المشاركة في المسيرات الجماهيرية الغاضبة على حدود قطاع غزة، للمطالبة بحقوقه وحقوق أقرانه والعيش بأدنى مقومات الحياة.

يوسف الذي أصيب ما يقارب العشر مرات، وبات جسده مليئًا بالشظايا والجروح، لم يخف ولم تثنيه رصاصات الاحتلال وشظايا قنابلة عن المشاركة في المسيرات، يتقدم الشباب الثائر، ويشارك بهمة عالية وقلب شجاع لا يهاب الاحتلال. 16 شظية اقتحمت اليوم في جسد يوسف، لتشهد له أن كان من الشباب الثائر المجاهد، البطل الهمام الذي يعلم أن حياته لا تساوي شيئا في سبيل الحرية والوطن.

 
أما أم يوسف، فقد نثرت اليوم الورد على جثمان ابنها، ودعته والدموع تملؤ عينيها، زعرد الجميع وتعالت أصوات التكبيرات، وحمله الشبان مسرعين نحو الجنازة التي شاركت فيها الآلاف، لكنها ثلاثة أيام فقط، وينفض الجميع من حول أم يوسف، يعيش كل منهم حياته الطبيعية، وتعيش هي حزنها وحسرتها، تفتقد يوسف في كل يوم.

 تستذكره كلما حضرت وجبته المفضلة، وكلما رتبت غرفته وملابسه، تشتم رائحة في كل ركن من بيتها، تراه في الحلم تاره، وفي خيالها على الواقع مرة أخرى، تتمنى لو أنه حاضر مع إخوته، يقبل يدها كل صباح، ويحتضنها عند خروجه من البيت، يلقي التحية عليها قبل خلوده للنوم.


اقرأ أيضًا: أمهات وشهداء... رثاء يتجدد


ذرف الأصدقاء أيضًا دموع الحسرة على غياب صديقهم الأبدي، وتمنوا لو أنهم كانوا مكانه، فهم من حملوه وهو مضرج بدمائه بعد أن أصابته رصاصات الاحتلال على الحدود، وانتظروا ساعات على بوابات المستشفى وألسنتهم تلهج بالدعاء، كي يخرج لهم يوسف مرة أخرى كعادته، ويعودوا معه مجددًا إلى المسيرات، لكنه خرج هذه المرة جثة هامدة، مكفنًا وغارقًا بدمائه الزكية.

 
حال يوسف لم يختلف عن حال شباب قطاع غزة، فحالة اليأس التي يعيشونها، والحصار المستمر منذ أكثر من 13 عامًا، والذي قد طال كل جوانب الحياة، أصبح لا يطاق، بطالة متفاقمة، وسبل مسدودة للعيش، وحصار ودمار وحروب تتوالى، كل ذلك دفع بالشباب الثائر لمواجهة الاحتلال، ليقولوا له نحن هنا، لن نقبل بنصف حياة، ونصف وطن، فإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيض العدى.
 
ولا زالت بيوت غزة تخوض كل يوم معارك صامتة، في كل بيت شهيد يأن أهله من وجع الفراق، وبعضها من الفقر وقلة الحيلة، وأخرى تكابد الآلام والمرض دون علاج، لتطوي هذه البيوت يومها بستر ورحمة الله.